ماذا بعد تأييد المجلس الدستوري إصلاح التقاعد؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

في آخر خطة قانونية لاعتراض تطبيقه، جرت إحالة قانون إصلاح التقاعد المثير للجدل، الذي تسعى حكومة ماكرون لفرضه دون الخضوع لتصويت البرلمان، على المجلس الدستوري الفرنسي، للحسم في مدى دستورية نصه ودستورية الكيفية التي مرر بها اعتماداً على البند 49.3 من دستور البلاد.

فيما كان رد المجلس، يوم الجمعة، تأييد الإصلاح الذي يرفضه الشارع. وهو ما دق آخر مسمار في نعش أمل النقابات الفرنسية في إسقاطه بالطرق القانونية، كما يطرح أسئلة عديدة حول ما بعد قرار التأييد، وإذا ما سيستمر تمسك النقابات بالاحتجاج في الشارع إلى حين تراجع الحكومة.

المجلس الدستوري ينصف ماكرون

خلال جلسته، يوم الجمعة، أقر المجلس الدستوري الفرنسي الجزء المهم من نص قانون إصلاح التقاعد. وأفاد بيان صادر عن المجلس بأن أعضاءه رفضوا عدداً من الجوانب الثانوية في الإصلاح، لكنهم لم يعترضوا على الإجراء الرئيس الذي يرفع سن التقاعد القانوني من 62 عاماً إلى 64 عاماً.

بالمقابل، رفض المجلس طلب المعارضة اليسارية بتفعيل آلية "الاستفتاء بمبادرة مشتركة"، التي من شأنها أن تجمد تطبيق الإصلاح إلى حين جمع التوقيعات اللازمة لإحالته على الاستفتاء الشعبي، والتي تقدر بـ4 ملايين توقيع. لكن طلباً آخر لتفعيل هذه الآلية تُقدِّم به الخميس سيحسم بأمره المجلس في 3 مايو/ أيار القادم.

وحسب سيسيل جويرين بارغيز، أستاذة القانون العام بجامعة باريس 2، "لم يكن ما صدر عن المجلس الدستوري مفاجأة". موضحة أن مهمة المجلس "النظر في دستورية القانون لا منفعته السياسية أو ما يتعلق بما يجري خارج المجلس".

هذا وشبه زعيم المعارضة اليسارية الفرنسية، جان لوك ميلونشون، قرار المجلس بكارثة غرق تايتانيك لتزامنه مع الذكرى 111 للحادثة. وفي تغريدة أخرى على حسابه بتويتر، دعا ميلونشون إلى "تنسيق وثيق" بين تحالف المعارضة اليسارية والنقابات، "لمواصلة النضال والتخطيط لاستجابة جيدة" من أجل التصدي لـ"العنف الاستثنائي لقرار المجلس الدستوري"، على حد وصفه.

من جانبها، غردت رئيسة المعارضة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، قائلة: "حتى إذا أغلق قرار المجلس الدستوري المسار المؤسسي، فإن المصير السياسي لإصلاح نظام التقاعد لم يُحسم بعد. دائماً ما يكون الشعب الكلمة الأخيرة، فإن الأمر متروك لهم لتحضير البديل الذي سيتصدى لهذا الإصلاح غير المجدي والظالم".

وأعرب النائب الأوروبي عن حزب الخضر، يانيك جادو، عن "أسفه" لما انتهى إليه قرار المجلس الدستوري، معتبراً إصلاح التقاعد "غير شرعي لأنه غير عادل ويرفضه الفرنسيون"، كما دعا لمواصلة النضال النقابي في هذا الصدد.

احتجاجات واستمرار النضالات

من جانب النقابات العمالية الثمانية، التي تقود الاحتجاج ضد إصلاح التقاعد لأزيد من ثلاثة أشهر، فإن "النضال من أجل إسقاط الإصلاح" لم ينتهِ بعد. واعتبرت الهيئات العمالية، في بيان، أن قرار المجلس الدستوري حظر 6 مواد فقط من نص قانون الإصلاح جعل منه "أكثر اختلالاً من ذي قبل".

كما عبرت النقابات عن أملها في استجابة المجلس لطلب مبادرة الاستفتاء التي تقدمت بها المعارضة، في أثناء إخضاعه للمناقشة في 3 مايو/أيار.

وتوعدت النقابات باستمرار الاحتجاجات، خصوص خلال تظاهرات اليوم العالمي للعمال، التي ستكون "موجة كاسحة" ضد إصلاح التقاعد، على حد وصف الأمينة العامة للكونفدرالية العامة للشغل صوفي بينيت. وأضافت القيادية النقابية أن "عدداً كبيراً من العمال تعبؤوا بعد سماع قرار المجلس، وسيجري تنظيم إضرابات واحتجاجات من اليوم إلى أول مايو/أيار".

بالمقابل، وعقب صدور قرار المجلس الدستوري خرجت مسيرات تلقائية حاشدة بعدد من المدن الفرنسية. انتهت إلى مشادات مع الشرطة وصدامات، كما جرى اقتحام وحرق مفوضية للشرطة بمدينة رين، وفق ما نشرت وسائل إعلام فرنسية.

وفي محيط المجلس، حيث تجمهر عشرات في انتظار القرار، منهم القيادي في حركة "السترات الصفراء" جيروم رودريغيز، الذي دعا، حسب ما أورد موقع "ميديابارت"، إلى تجديد الحركة الحركة الاحتجاجية وتصعيد النضال ضد الإصلاح. فيما حملت لافتات كتب عليها "إنها نهاية المسار الديمقراطي!" و"الديمقراطية الحقيقية توجد هنا" في إشارة إلى المحتجين.

TRT عربي