يرى الكثير من الألمان وحلفاء ألمانيا أن المستشار  أولاف شولتس يمكن أن يفعل المزيد لمساعدة أوكرانيا  (John Macdougall/AFP)
تابعنا

يعتقد نصف الشعب الألماني، إضافة إلى عدة دول غربية حليفة أن المستشار الألماني يمكن أن يفعل المزيد لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الهجوم الذي شنته روسيا في 24 من فبراير/ شباط، فلماذا إذن لا تزال حكومة أولاف شولتس مترددة في إرسال المساعدات الألمانية من الأسلحة؟

في تقرير مطول، قالت صحيفة دير شبيغل الألمانية، إنه لعدة أشهر رفض المستشار الألماني أولاف شولتس إرسال أي أسلحة على الإطلاق إلى أوكرانيا، ليتطور الأمر لاحقاً إلى امتناع ألمانيا عن إرسال "أي أسلحة ثقيلة". إذ يشاع أن شولتس، أجبِر على تقديم تنازلات ثم أخّر عمليات تسليم أوكرانيا الأسلحة.

بل وصفه زعيم المعارضة فريدريك ميرز، عن حزب الديمقراطيين المسيحيين المحافظ (CDU)، في البرلمان الألماني يوم الأربعاء، بأنه "صديق بائس" لأوكرانيا في مواجهة الهجوم الروسي. وألمح ميرز إلى احتمالية اتباع شولتس "أجندة خفية".

في المقابل رد المستشار بأن ألمانيا تقدم "المساعدة الشاملة" لأوكرانيا. وذكر قائمة بكل ما قدمته حكومته بالفعل من مساعدات لأوكرانيا، والتي تكونت في الأساس من أسلحة خفيفة. كذلك ذكر قائمة بالأسلحة الثقيلة وكان من بينها، 30 مركبة جيبارد مضادة للطائرات، وسبعة مدافع هاوتزر ذاتية الدفع من طراز Panzerhaubitze 2000، التي أعلن أنها سترسل إلى أوكرانيا هذا الصيف.

كذلك وعد شولتس بتسليم أوكرانيا نظاماً حديثاً مضاداً للطائرات يعرف باسم IRIS-T SLM، ومن المرجح أن يجري إرساله في وقت ما هذا الخريف. ومن المقرر أن تتلقى كييف أربعة أنظمة صاروخية متعددة الإطلاق MARS II من مخزون الجيش الألماني.

شولتس أوضح خلال خطابه في البرلمان أن حكومته تبذل ما في وسعها، وأضاف بالنسبة لجميع أولئك الذين ربما لم يتلقوا الرسالة، "إن فعل ما يجب فعله هو بالضبط المسار الذي تسلكه حكومتنا".

شولتس في مواجهة الاتهامات

وتضيف الصحيفة: في الواقع لم تسلم ألمانيا سلاحاً واحداً ثقيلاً مباشرة إلى أوكرانيا حتى الآن. وحتى إذا كانت جميع الأنظمة التي جرى التعهد بتسليمها، تشق طريقها إلى هناك الآن، فإن الوقت الطويل الذي استغرقته برلين لإرسال مساعدة ذات قيمة، لا يمكن تعويضه. فكل سلاح كان من الممكن أن يصل أوكرانيا مبكراً، كان من شأنه أن يقلب مسار الحرب لصالح كييف.

ويرى محللون، حسب الصحيفة، أن شولتس وحكومته يلعبون على كسب الوقت، ففي البداية لم يعتقدوا أن تكون لأوكرانيا فرصة في معركتها ضد روسيا، فبدؤوا بإرسال 5000 خوذة، على هيئة مساعدات عسكرية. ليتطور الأمر لاحقاً إلى مزيج من عدم الكفاءة وانعدام الإرادة، ورغبة الحكومة الألمانية في الاختباء وراء الحلفاء الأوروبيين. إضافة إلى تخليها عن تولي القيادة الدولية.

ويرجح أن شولتس لم يكن ليقدم أي أسلحة لأوكرانيا على الإطلاق دون ضغوط هائلة من الخارج ومن داخل ائتلافه الحاكم. فقبل يومين فقط من إعلان شولتس عن تسليم الأنظمة الدفاعية المضادة للطائرات، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، في تصريح لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية اليومية: "هناك دول ننتظر منها شحنات، ودول أخرى سئمنا انتظارها. وتنتمي ألمانيا إلى المجموعة الثانية".

حتى الأسلحة الخفيفة التي قدمتها مؤخراً، لم تسلم ألمانيا أي كميات كبيرة منها. فبين 30 مارس/آذار و26 مايو/ آيار، وصلت شحنتان فقط من ألمانيا، كانتا مكونتين من أسلحة أصغر، مثل الألغام المضادة للدبابات، حسب ما ذكرت صحيفة Welt am Sonntag، الأسبوعية.

ووفقاً لمسح أجرته Civey الألمانية لاستطلاعات الرأي، لا يعتقد نصف الألمان أن شولتس يبذل كل ما في وسعه لتزويد أوكرانيا بسرعة بالأسلحة التي تحتاج إليها في الحرب.

وفي الوقت الذي تتوغل فيه روسيا في الشرق الأوكراني، تخشى وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية، من إمكانية كسر المقاومة الأوكرانية في الأسابيع الأربعة إلى الخمسة المقبلة.

فيما تعتقد دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية أنه من المحتمل أن تتمكن قوات بوتين من وضع كل منطقة دونباس تحت سيطرتها بحلول أغسطس/آب. ما يعني أنه سيكون هناك فرق كبير سواء جرى تسليم الأسلحة الألمانية الأسبوع المقبل أو في وقت ما في أغسطس/آب.

"أوكرانيا ستسقط في غضون أيام"

تقول الصحيفة، إنه في اليوم التالي لبدء الحرب الروسية في أوكرانيا، اتصلت وزيرة الدفاع الهولندية كارين هيلدور أولينجرين، الجمعة، بنظيرتها الألمانية كريستين لامبرخت، وأبلغتها أن هولندا تعتزم تسليم 400 سلاح مضاد للدبابات إلى أوكرانيا. ولأن هذه الأسلحة جرى إنتاجها في ألمانيا، فقد احتاجت وزيرة الدفاع الهولندية إلى إذن من برلين. وزادت تلك الدعوة من الضغط على برلين لاتخاذ إجراء هي أيضاً.

وتوصل قادة في وزارتي الدفاع والخارجية بسرعة إلى استنتاج مفاده أن منح الإذن لهولندا أمر لا مفر منه.

في الأيام المحمومة التي أعقبت الهجوم الروسي على أوكرانيا، مباشرة وبدلاً من تحضير ألمانيا لعمليات تسليم أسلحة محتملة لأوكرانيا في المستقبل، اعتمدت حكومة شولتس -على ما يبدو- بشكل كبير على تحليل أجرته دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، والذي أكد أن أوكرانيا ستسقط في أيدي روسيا "في غضون أيام".

وبناءً على قوة هذا التحليل، خلص المستشار إلى أن تسليم المزيد من الأسلحة لا معنى له.

فيما لم يشرح أولاف شولتس أسباب رفضه إرسال مركبات مدرعة إلى أوكرانيا. وفي منتصف مايو/أيار في اجتماع مع لجنة الدفاع في البرلمان، لمح نسبياً إلى تلك الأسباب وقال إن ألمانيا، ستواصل شحناتها من الأسلحة "طالما كان ذلك ضرورياً لدعم أوكرانيا في معركتها الدفاعية".

وقال إنه عندما يتعلق الأمر بتسليم الأسلحة، لا توجد "مبادئ أبدية"، وإن ألمانيا تواصل التنسيق من كثب مع شركائها، لحساب "المخاطر والكفاءة العسكرية" لعمليات التسليم، مضيفاً أن الدبابات لا تزال محظورة، إلا أنه لا توجد "مبادئ مطلقة".


TRT عربي - وكالات