مقاتلة روسية من طراز "ميغ 31" تحمل أسفلها صاروخ "كينجال" الفرط صوتي وهي تحلق خلال عرض يوم النصر ، بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية ، فوق الميدان الأحمر في موسكو يوم 9 مايو/أيار 2018 / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

تحولت أوكرانيا إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين الأسلحة الغربية والروسية، وآخر فصول هذه المواجه الاشتباك بين منظومة الدفاع الجوي الأمريكية من طراز باترويت، وصواريخ الخنجر (كينجال) فرط الصوتية الروسية.

وعلى مدار الأيام الماضية، تضاربت التصريحات الرسمية الأوكرانية والروسية التي تحدثت عن تدمير روسيا لمنظومة باتريوت، وإسقاط كييف لغالبية صواريخ كينجال، التي هاجم بها الجيش الروسي العاصمة الأوكرانية كييف في 16 مايو/أيار الحالي، خلال هجوم هو الثامن هذا الشهر والأكثر تعقيداً حسب ما أفادت به الإدارة العسكرية الأوكرانية.

وفي بيانٍ رسمي، قالت وزارة الدفاع الروسية إن صواريخ كينجال فرط الصوتية دمرت بالكامل خمس قاذفات ومحطة رادار متعددة الوظائف لنظام الدفاع الجوي باتريوت أمريكية الصنع في كييف.

ما صواريخ كينجال؟

يُصنَّف صاروخ كينجال من ضمن الأسلحة البالستية فرط الصوتية الروسية، وقد كشف عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه للمرة الأولى عام 2018، وترجمة الاسم من الروسية تعني "الخنجر"، وفق وكالة تاس الرسمية.

يمتاز الصاروخ بقدرته على حمل الرؤوس الحربية التقليدية أو النووية، بوزن يصل إلى 500 كيلوغرام، كما يمكن إطلاقه من فوق متن الطائرات الحربية من طراز MIG31، أو توبوليف 22، بالإضافة إلى قدرة السفن والغواصات على إطلاقه. ويُستخدم بشكل أساسي لاستهداف السفن الحربية وحاملات الطائرات والغواصات، حسب ما ذكرته تاس.

ويُعتبر نظام التوجيه في الصاروخ دقيقاً للغاية، إذ يبلغ معدل الانحراف عن الهدف في أعلى حدٍّ متراً واحداً فقط.

يتصف الصاروخ بسرعته الكبيرة أيضاً، فهو ينطلق بسرعة تبلغ 5 آلاف كيلومتر، ويمكن أن تصل سرعته تدريجياً إلى 12 ضِعف سرعة الصوت، بحدود 14800 كيلومتر في الساعة الواحدة، بمدى يبلغ 3 آلاف كيلومتر.

للصاروخ ميزة مهمة تتجلى في القدرة على مناورة الكمائن الجوية، وتجاوز الشبكات المخصصة لاصطياد الصواريخ البالستية، إذ يفسر الخبير العسكري عماد الشحود لموقع TRT عربي السبب بأن أنظمة الدفاع الجوي في الغالب مخصصة لمواجهة الصواريخ البالستية القوسية، إذ تعمل رادارات الدفاع الجوي على رسم احتمالات التصادم، وتحديد نقطة الاصطدام، أما في صواريخ كينجال وبسبب مسارها المتعرج فإن مهمة الاعتراض تصبح صعبة للغاية.

سجال روسي-أوكراني

أفاد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف بنجاح جهود بلاده في التصدي لهجوم روسي جديد في السماء الأوكرانية، شاكراً قوات الدفاع الجوي لبلاده والدول الشريكة.

وأكد ريزنيكوف في تغريدة له على حسابه في تويتر أنّ "المدافعين عن سماء أوكرانيا" أسقطوا ستة صواريخ روسية من طراز كينجال التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، بالإضافة إلى 12 صاروخاً من طراز آخر.

من جهتها أكدت وزارة الدفاع الروسية خلال بيان صدر عنها في 17 مايو/أيار الحالي إصابة محطة رادار متعددة الوظائف، بالإضافة إلى 5 قاذفات من نظام الدفاع الجوي باترويت، عن طريق استخدام صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت من طراز كينجال.

وحسب بيان وزارة الدفاع فإن الضربة جرى تنفيذها على نقاط انتشار وحدات القوات الأوكرانية، وأماكن تخزين الأسلحة والذخائر والمعدات القادمة من الدول الغربية.

ونفى وزير الدفاع الروسي سيرجو شويغو، خلال حديثه لوكالة سبوتنيك أن تكون قواتهم قد أطلقت العدد ذاته من صواريخ كينجال الذي تحدثت كييف عن إسقاطه، مشيراً إلى أن التصريحات الأوكرانية عن اعتراض الصواريخ أوردت أرقاماً تزيد بمعدل ثلاثة أضعاف على ما أطلقته القوات الروسية.

الخبير الروسي في الشؤون العسكرية كيريل سيميونوف رجّح في تصريح لموقع TRT عربي تدمير القوات الأوكرانية بالفعل صاروخاً واحداً على الأقل من نوع كينجال، مؤكداً أن الفيديوهات التي اطلع عليها "تشير بالفعل إلى حطام هذا الصاروخ"، كما أن المعلومات التي حصل عليها من المصادر العسكرية "تؤكد حصول تدمير لبعض صواريخ كينجال التي استخدمت في الهجوم"، وفق تعبيره.

وأشار سيميونوف إلى أن الهجمات الروسية بالمقابل نتج عنها تدمير أو تعطيل منظومة واحدة على الأقل من منظومات باتريوت المخصصة للدفاع الجوي، كما لم يستبعد تدمير بطاريات صواريخ أخرى من طراز بوك أو S-300 على سبيل المثال.

واعترف مسؤولون أمريكيون في تصريحات لشبكة CNN بإصابة إحدى منظومات الدفاع الجوي باتريوت بهجوم روسي قرب العاصمة الأوكرانية كييف، مؤكدين في الوقت ذاته أن الأضرار التي أصابت المنظومة "طفيفة"، وبالتالي لا حاجة إلى إزالتها من ساحة المعركة لإصلاحها.

لماذا لجأت روسيا إلى صواريخ كينجال؟

أعلنت وزارة الدفاع الروسية في 18 أغسطس/آب 2022 للمرة الأولى عن نشر مقاتلات من طراز MIG31 مزودة بصواريخ كينجال فرط الصوتية في منطقة كالينينغراد المواجهة لكل من بولندا ولتوانيا العضوين في حلف شمال الأطلسي، بالتوازي مع تدفق الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على التوازن العسكري في مواجهة المحور الغربي، حسب وكالة سبوتنيك الروسية.

وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو في 21 أغسطس/آب 2022 عن استخدامهم طائرات Su-57 وصواريخ كينجال خلال العمليات الخاصة في أوكرانيا، مشيراً إلى استخدام الصواريخ ثلاث مرات.

وأفاد الخبير العسكري كيريل سيميونوف بأن القوات الروسية لجأت إلى صواريخ كينجال من أجل "تدمير المنشآت والبنية العسكرية التحتية الأوكرانية، التي تتمتع بنظام حماية دقيق، قادر على تعطيل الهجمات بالصواريخ البالستية التقليدية".

من جهته أشار الخبير العسكري العقيد عماد الشحود إلى أن "استخدام القوات الروسية لصاروخ (الخنجر) قلل بشكل كبير احتمالية تصدي منظومات الدفاع الجوي التي بحوزة الجيش الأوكراني للصواريخ البالستية التي تستخدمها روسيا"، وذلك نظراً إلى "السرعة الفائقة التي يمتاز بها صاروخ الخنجر، خصوصاً أنه ينطلق من السماء عن طريق الطائرات"، وفق تعبيره.

وأوضح الشحود أن "سرعة صاروخ كينجال وإطلاقه من طائرات قادرة على الصعود إلى طبقات الجو العليا وإسقاطه بشكل مباشر على الهدف تربك حسابات الأنظمة الرادارية لمنظومات الدفاع الجوي"، مضيفاً أن "هذه الهجمات تساهم إلى حد لا بأس به في تعويض عدم القدرة على استخدام سلاح الجو بأريحية نتيجة تسليم الغرب لأوكرانيا منظومات دفاع جوي متطورة".

وتشهد جبهات القتال في أوكرانيا مؤخراً تصعيداً كبيراً، إذ أعلن قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين، في 20 من مايو/أيار السيطرة على مدينة باخموت بالكامل، إذ سيجري تسليمها إلى الجيش الروسي في 25 من الشهر.

على جانب آخر نفى بدوره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي احتلال القوات الروسية للمدينة، وأكدت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني أن "القتال من أجل مدينة باخموت مستمر"، حسب ما نقلته وكالة أسوشيتد برس.

وتزامناً مع التصعيد العسكري المتبادل، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في 21 من مايو/أيار حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف تزامناً مع لقائه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة مجموعة السبع بهيروشيما اليابانية.

TRT عربي