SDS (Die Linke)
تابعنا

تعيش ألمانيا وضعاً اقتصادياً غير مسبوق، خلال القرن الحالي على الأقل، حيث تهز أزمة الطاقة ومستويات التضخم المرتفعة أركان اقتصاد البلاد، مهددة بانفجار اجتماعي بدأت أولى بشائره في الظهور، عبر مظاهرات دعت إليها المعارضة اليسارية واليمينية المتطرفة مطلع الشهر الجاري.

بالمقابل، ليست هذه المخاوف الوحيدة التي تسود الأغلبية الحكومية في الـ"بوندشتاغ"، بل أيضاً ارتباطات هذه المعارضة اليسارية واليمينية المتطرفة وموسكو، وإمكانية أن تقارب الاحتجاجات الجارية بين تلك الأقطاب السياسية المتنافرة.

انقسام في "اليسار" حول روسيا

في خطابها أمام البرلمان الألماني خلال مناقشة قانون الموازنة، الخميس الماضي، وصفت الزعيمة السابقة لحزب "اليسار" سارة فاغنكنيخت، حكومة شولتز بأنها "الأكثر غباء" في تاريخ البلاد، متهمة إياها بـ "بشن حرب اقتصادية غير مسبوقة ضد أهم مُوَرِّد طاقة" للبلاد.

وعادت فاغنكنيخت، مساء الثلاثاء خلال برنامج حواري على قناة "ZDF" الحكومية، لتأكيد موقفها المعارض للعقوبات الألمانية على روسيا. قائلة: "إن تلك العقوبات التي جرى فرضها (على روسيا) ترد إلينا بوحشية في شكل ملايين الألمان الآخذين في الانحدار اجتماعياً (...) لن نساعد أوكرانيا إذا كسرنا العمود الفقري الصناعي لألمانيا، هذا جنون، وهذه الحكومة مسؤولة عن ذلك".

وأثار هذا الخطاب زوبعة داخل حزب "اليسار" الألماني، وربطت عدة مصادر إعلامية بينه وبين الاستقالات الحاصلة داخل الحزب. بينما ليست هذه هي المرة الأولى التي يخرج "اليسار" بمواقف متماهية مع خطاب موسكو، بل يكشف الحديث عن انقسام مرتقب داخله عن وجود تيار مهم داعم لتلك المواقف في الحزب ذي الـ39 مقعداً في الـ"بوندشتاغ".

هذا وفي وقت سابق شهر يونيو/حزيران الماضي، شهد مؤتمر الحزب سجالاً حاداً بخصوص موقفه من الحرب في أوكرانيا، حيث طالب التيار الذي تقوده سارة فاغنكنيخت بسحب عبارة "العدوان الروسي المجرم على أوكرانيا" من البيان الختامي، كما تضمن ذلك البيان تحميل حلف الناتو المسؤولية عن اندلاع الحرب الدائرة.

نواب "البديل" في الدونباس

على الجانب الآخر من الطيف السياسي الألماني، في موقع اليمين المتطرف، يعقد حزب "البديل من أجل ألمانيا" علاقات وثيقة مع موسكو، بلغت درجة إعلان شخصيات منه، من يبنهم نواب برلمانيون، عن زيارتهم لإقليم الدونباس الواقع تحت سيطرة روسيا والانفصاليين الموالين لها.

زيارة بررها هانز توماس تيلزشنايدر، رئيس فرع الحزب بولاية ساكسونيا، قائلاً: "نظراً إلى التقارير المشوهة والمتحيزة حول الصراع في أوكرانيا، نريد أن نرى ما يقع على الأرض بأعيننا، وعلى أساسه تكوين وجهة نظرنا الخاصة بشأن الوضع وتقييم الوضع الإنساني (...) وأن لا نقتصر على ما يتداوله الإعلام".

وحسب مؤسسة "التهديدات الدولية والدراسات الديموقراطية"، مقرها الولايات المتحدة، فإن الاستخبارات العسكرية الروسية هي من تكلفت إجراءات الرحلة.

فيما لم يخف "البديل" من قبل العلاقات الوطيدة التي تجمعه مع موسكو، وسبق لقيادية فيه أن صرَّحت بأن حزبها "يأمل في المساعدة على تحسين وتعميق العلاقات بين ألمانيا وموسكو"، داعية إلى تطبيع تلك العلاقات وإنهاء العقوبات الاقتصادية. كما سبق للحزب أن نظم احتجاجات تطالب بفتح خط "نورد ستريم 2".

مخاوف شولتز من تقارب الحزبين

في تقريره بشأن الوضع الاقتصادي، الأسبوع، الماضي خفض معهد IFO للأبحاث الاقتصادية توقعاته للنمو الألماني، معلناً: "نتجه إلى ركود شتوي". وتوقع المعهد أن ينكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.3% عام 2023، بعد أن نما بنسبة 1.6% فقط هذا العام. فيما توقع أن يصل التضخم إلى 8.1% هذا العام، ويصعد إلى 9.3% عام 2023، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وفي وجه هذا الواقع تواجه ألمانيا مخاطر اضطرابات اجتماعية واسعة، حيث عبر 64% من الألمان عن دعمهم لخيار التظاهر ضد الأوضاع الاقتصادية، وفقاً لما أظهرته استطلاعات رأي سابقة. وبدأت بشائر هذه الموجة الاحتجاجية بالظهور، مع أول تظاهرة خرجت في مدينة لابزيج في الـ5 من سبتمبر/أيلول الجاري.

هذا وكتبت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، أن السياسيين في برلين يخشون بشدة من توحيد قوى اليسار واليمين المتطرفين، المتمثلة في "حزب اليسار" و"البديل من أجل ألمانيا"، غير الراضين عن السياسة الطاقية للحكومة الألمانية و"تفضيلها الترويج لمصالح كييف على حساب المواطنين الألمان" حسب اعتقادهم.

TRT عربي