"عين كييف اليقظة".. كيف أصبح المدنيون قوة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية؟ (Others)
تابعنا

تستمر المعارك على عدة جبهات في أوكرانيا مع اقتراب احتفالات أعياد الميلاد التي رفض الكرملين أي هدنة تزامناً معها. فيما تكثف قوات موسكو ضرباتها الجوية، بالصواريخ والمسيّرات الانتحارية، ضد البنية التحتية الطاقية والعسكرية الأوكرانية، مهددة البلاد بالغرق في الظلام والصقيع طيلة الشتاء.

بالمقابل، تنفذ القوات الأوكرانية عمليات نوعية ضد نظيرتها الروسية، كان آخرها تفجير مقر مرتزقة فاغنر بستاخانوف في إقليم لوغانسك شرق البلاد. وهو ما أكدته السلطات روسية بالمنطقة، قائلة إن التفجير كان نتاج الضربة التي شنتها القوات المسلحة الأوكرانية باستخدام صواريخ هيمارس.

فيما مثل هذه الضربات التي دأبت قوات كييف على تنفيذها، لا تكون دون معلومات استخباراتية دقيقة. ووفق تقرير أخير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، يعود إلى المتطوعين المدنيين الفضل الكبير في توفير هذه المعلومات عن انتشار القوات الروسية ومواقعها، ما يبرز مرة أخرى الدور الحيوي الذي يلعبه هؤلاء المدنيون في دعم المجهود العسكري الأوكراني.

عين كييف اليقظة

ويذكر تقرير الصحيفة الأمريكية، أنه في أثناء السيطرة الروسية على إقليم خيرسون، اتخذت تلك قواتها متجراً إلكترونياً مشفى ميدانياً، الذي ما لبث أن وجه إليه الجيش الأوكراني ضربات دقيقة، دمرته وقتلت من فيهم. وكانت هذه العملية إحدى الضربات النوعية التي جرت باستخدام معلومات استخباراتية أمدهم بها المتطوعون المدنيون.

وفي تلك الأثناء، شكل مجموعة مدنيين أوكرانيين فرقة عملت على تجميع المعلومات عن مواقع الجيش الروسي وتحركات خطوطه، ومن ثم تزويد الجيش بالصور والإحداثيات عبر تطبيق "تليغرام". ووفقاً لمسؤولين أوكرانيين، هذه الضربات الدقيقة التي قدمت معلوماتها تلك الفرقة، "أسهمت بشكل كبير في طرد الروس من الإقليم الشهر الماضي".

وعمل أفراد هذه الفرقة بشكل يومي على مراقبة الطرق المؤدية إلى المدينة، وتابعوا تحركات الجنود الروس عبر كاميرات الشوارع والتقاطعات الرئيسية، وجابوا الحقول متظاهرين برعي الماشية في أثناء رصدهم تشكيلات قوات موسكو. هذا قبل أن يداهم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي منازلهم ومنازل أقاربهم، ويعتقل عدداً منهم.

وحسبما كشفه معتقلوها، كانت الفرقة تضم نحو 20 عضواً، وبدأت نشاطها منذ 24 فبراير/شباط الماضي. وبعد أن عطلت روسيا اتصالات الشبكة الأوكرانية، استخدموا شرائح الجوال الروسية وشبكات الـ "VPN" لتضليل مسار ولوجهم للإنترنيت والتشويش على محاولات الروس لرصد مواقعهم.

ووفق ما نقلته "وول ستريت جورنال"، عن رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف، فإن "أشخاصاً مثل أولئك الذين ساعدونا في خيرسون، يمثلون دعماً كبيراً في حملتنا المستمرة لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها روسيا". ويراهن المسؤول الأوكراني بأن "الأمر نفسه سيكون في دونيتسك ولوغانسك وفي كل مكان (...) شبابنا وفتياتنا في كل مكان".

جيش المدنيين الأوكراني

وليست هذا أول إسهام للمدنيين في مجهود كييف الحربي، ومنذ اندلاع الحرب في الـ 24 فبراير/شباط الماضي، دأب الأوكرانيون على الانخراط في حمل السلاح تطوعاً إلى جانب قواتهم. وكانت السلطات الأوكرانية بدأت تدريب بعضهم حتى قبل بداية الحرب، إذ قُدر عددهم وقتها بـ12 ألف شخص فيما أعرب 58% من الرجال و13% من النساء عن استعدادهم لحمل السلاح ضد الروس.

وأسهم هؤلاء في نجاحات كبيرة للمقاومة الأوكرانية، من بينها كبح تقدم الهجوم الروسي الكاسح على العاصمة كييف والحؤول دون سقوطها، وفق ما يذكر تقرير سابق لـ"وول ستريت جورنال".

وكشف تقرير الصحيفة الأمريكية أنه فيما قاتل عدد كبير من المتطوعين ونصبوا الكمائن لمنع تقدم القوات الروسية، كان آخرون ينفذون مهاماً مؤثرة مختلفة، إذ أطعم البعض المقاتلين وجهزهم واستضافهم في منازلهم، والبعض الآخر أزال الأشجار بحثاً عن استقبال الهاتف المحمول للإبلاغ عن تحركات الجنود الروس. ويوجد أيضاً من استقبل النازحين وعالج الجرحى.

لحظة توغل طليعة من عشرات المركبات المدرعة فوق الجسر بين بوش وإيربين وبدأت تسلق التل باتجاههم، فتح الأوكرانيون المتطوعون في معظمهم النار. وبعد معركة شرسة دامت ثلاث ساعات دمرت المركبات الروسية أو هُجرت. ومن حينها لم يعبر الروس هذا الجسر أبداً في محاولتهم التي استمرت شهراً للاستيلاء على كييف، وفق ما يسرد التقرير.

في مقاومة اعترف حتى أعداؤهم بشراستها، ولو في محادثاتهم الهاتفية لأهاليهم، تؤكد وصف رئيس كتيبة المدنيين الذين تطوعوا لبناء مسيّرات باستخدام ما توفر لديهم من أجزاء جاهزة، ياروسلاف هونشار، حين قال: "نحن مثل خلية نحل (...) نحلة واحدة لا تفعل شيء، لكن يمكن لألف هزيمة قوة كبيرة".

TRT عربي