تابعنا
أعلنت المغرب عام 2020 تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في عدة مجالات. ووقع الطرفان اتفاقيات لتعزيز مستوى التعاون التجاري والاقتصادي بينهما.

ضمن موجة التطبيع الأخيرة التي انخرطت فيها عدة دول عربية، اتفق كل من إسرائيل والمغرب على رفع مستوى العلاقات الديبلوماسية بينهما، وإعادة فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب، والاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية. ويسعى الجانبان منذ ذلك الحين إلى التنسيق والتعاون في مختلف القطاعات الحيوية، كالاقتصاد والسياحة والتكنولوجيا وغيرها.

وفي إطار اهتمام القوى الدولية المتزايد بالقارة السمراء، وما توفره من فرص وحظوظ للاستثمار والتبادل التجاري، يتصاعد الاهتمام الإسرائيلي للمزيد من تعزيز سبل التعاون مع المملكة المغربية، بهدف أن تكون في المستقبل البوابة الإفريقية للاحتلال الإسرائيلي، الدي فتح التطبيع أمامه الباب.

احتفاء إسرائيلي بالتعاون الاقتصادي مع المغرب

بعد أول رحلة دبلوماسية إلى المغرب منذ إعلان تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقع فيها الجانبان اتفاقية إدارة المياه وإعفاء الديبلوماسيين من التأشيرات والروابط الجوية، انطلقت يوم الأحد 25 يوليو/تموز الجاري أول رحلة تجارية إسرائيلية إلى مدينة مراكش المغربية.

وفي هذا السياق، قال وزير السياحة الإسرائيلى يوئيل رازفوزوف بأن تسيير هذه الرحلات التجارية "سيساعد فى تعزيز السياحة المثمرة والتعاون التجاري والاقتصادي بين الجانبين".

فيما صرحت شركة الطيران الإسرائيلي "إل عال" أنها تعتزم تنظيم حوالي 5 رحلات أسبوعياً بين إسرائيل والمغرب. وقد رجح المكتب الوطني للسياحة المغربي، ارتفاع عدد السياح الإسرائيليين إلى المغرب إلى حوالي 200 ألف سنوياً، من متوسط 50 ألفاً سابقاً.

وبمناسبة إطلاق الرحلات الجوية بين دولة إسرائيل والمملكة المغربية، وقّع الطرفان اتفاقية للشروع في الترويج لوجهة المغرب السياحية، والتسويق المشترك من كلا الطرفين لتعزيز حركة السياحة الوافدة.

ويبدو بذلك أن حالة الركود الدبلوماسي والسياسي بين تل أبيب والرباط، التي استمرت طيلة سنوات بدأت تتلاشى اليوم، وتمهد الطريق لتعاون ثقافي جديد واقتصادي وتجاري يحرص الجانب الإسرائيلي على تثمينه.

فإن كانت التجارة بين إسرائيل والمغرب تقدر اليوم ببضع عشرات من الملايين من الدولارات سنوياً، فإن وزارة التعاون الإقليمي ومعهد التصدير الإسرائيلي رجحت في تقرير رسمي صدر يوم الاثنين 26 يوليو/تموز أن تصل إمكانيات التصدير من المغرب إلى إسرائيل حوالي 250 مليون دولار سنوياً، والتي تتركز أساساً في مجالات المعدات الزراعية، ومعالجة المياه، والأنظمة الرقمية والصناعات الذكية، والأمن، وأجهزة الصحة الرقمية وغيرها، وهو رقم ضخم، إضافة إلى عدة مشاريع أخرى مشتركة توشك على الانطلاق.

ومن جانبه أعرب رئيس معهد التصدير الإسرائيلي أديف باروخ عن ثقته بأن "التعاون الاقتصادي والتجاري مع المغرب سيؤدي إلى نتائج مهمة للجانبين".

وفي إطار رصد تقرير الجانب الإسرائيلي للفرص والتحديات في ملف التعاون الاقتصادي مع المغرب، تسعى تل أبيب إلى أن تكون الرباط بوابتها نحو إفريقيا وخاصة بعد توقيعها اتفاقية التجارة الحرة بداية السنة الحالية.

هل تكون المغرب بوابة إفريقية لإسرائيل؟

يرى خبراء ومحللون أن استثمار الجانب الإسرائيلي في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع المغرب، هدفه استراتيجي بالأساس، إذ تطمح تل أبيب بالانفتاح الاقتصادي على بلدان القارة السمراء بعد أن بدأت تعزز موطئ قدمها في الاقتصاد المغربي.

وإلى جانب الدول الإفريقية كافة باستثناء دولة إريتريا، وقعت المغرب على اتفاقية "منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية" (AfCFTA) والتي تغطي سوقاً وتكتلاً اقتصادياً ضخماً يحتوي على ما يقارب 3 تريليون دولار ضمن إجمالي الناتج المحلي المشترك لدول المنطقة.

ووفق آراء خبراء وسياسيين فإن الاتفاقية ستساهم في مزيد من الانفتاح الاقتصادي بين البلدان الإفريقية وتعزز التبادل التجاري بينها في عدة مستويات، مع ضمان تقليل المعوقات وتشجيع جلب الاستثمارات الجانبية.

ولهذا يبدو رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري مع المغرب، فرصة ذهبية لإسرائيل لتوسيع دائرة التطبيع مع بقية بلدان القارة الإفريقية، واستغلال فرصة تيسير المبادلات التجارية بين بلدان المنطقة لتمرير السلع الإسرائيلية إلى السوق الإفريقية، وربما تعتبر كل من تونس والجزائر من بين الدول التي تقف على قائمة الاستهداف التجاري.

وقد عبرت تونس سابقاً عن موقفها الثابت والرافض لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، مشددة على مناصرتها للقضية الفلسطينية ودعمها لحقوق الشعب الفلسطيني.

وتقاسمت الجزائر الموقف ذاته مع تونس، وصرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأنه: "نرى هناك نوعاً من الهرولة نحو التطبيع ونحن لن نشارك فيها ولن نباركها".

ولكن بالرغم من مواقفها الثابتة والواضحة من قضية التطبيع، قد تجد بلدان القارة الإفريقية نفسها في مصيدة تسلل البضائع الإسرائيلية لأسواقها، والتي تسعى دون توقف للغزو الاقتصادي للأسواق الإفريقية وتوسيع دائرة التطبيع وفك عزلتها.

TRT عربي