تابعنا
قالت منظمة "أكشن إيد" الدولية الخميس 7 مارس/آذار الجاري إن نساء قطاع غزة يلدن الأجنة ميتة، بسبب تزايد خطر المجاعة، إذ أدى سوء التغذية إلى زيادة الوفيات بين الأطفال وحالات المواليد الموتى.

ارتبط يوم المرأة العالمي المقرر في 8 مارس/آذار من كل عام بمطالب عدّة، مثل المساواة وحق التصويت الانتخابي وإلغاء التمييز الجنسي في العمل وإعادة النظر في عدد ساعاته، إلا أن نساء قطاع غزة اليوم لا يطلبن سوى الحق في الحياة والعالم لا يتحرك.

تقدّر تقارير أممية عدد الشهيدات في القطاع منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بـ9 آلاف، معتبرة أن أمّاً تُقتل كل ساعة، بالإضافة إلى مليون نازحة، يواجهن مشكلات نقص الغذاء والعلاج والمياه.

الانتهاكات الجنسية جريمة حرب

في بيان مشترك حمل توقيع مقرري الأمم المتحدة عبروا عن قلقهم البالغ إزاء تقارير واردة عن حالات اغتصاب وتهديدات بالاعتداء الجنسي من قوات الاحتلال الإسرائيلي في أثناء اعتقالها التعسفي للنساء والفتيات الفلسطينيات، واصفين تلك الانتهاكات بالـ"مروعة".

وأشار البيان الصادر في فبراير/شباط من العام الجاري إلى إعدامات تعسفية تعرضت لها النساء والفتيات في قطاع غزة، غالباً مع أفراد أسرهن، وأن الفتيات الفلسطينيات يُستهدفن عمداً ويُعدمن خارج نطاق القضاء في أماكن اللجوء أو في أثناء فرارهن.

وذكر البيان أن النساء الفلسطينيات المعتقلات تعرضن "لاعتداءات جنسية" مختلفة من ضباط الاحتلال الإسرائيلي، واصفاً هذه الأخبار بأنها "مثيرة للقلق"، وأنه "ورد أن ما لا يقل عن معتقلتَين فلسطينيتَين تعرضتا للاغتصاب الفعلي، في حين جرى تهديد أخريات بالاغتصاب والعنف الجنسي".

وتصف مستشارة التمكين الاقتصادي والاجتماعي منى عزت الانتهاكات الجنسية التي تعرضت لها بعض النساء في غزة على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي بأنها جريمة حرب أخرى تضاف إلى سجل جرائمه، مشيرة إلى أن هدفها هو إذلال النساء، والرجال أيضاً، وتسبب لهن "صدمات نفسية" في ظل غياب طرق الدعم النفسي.

وتضيف عزت لـTRT عربي أنه رغم التضييق على تناقل المعلومات وصعوبة التغطية الصحفية حالياً في قطاع غزة، وردت إلينا معلومات عن تعرض النساء للاغتصاب والانتهاكات الجسدية والنفسية الشديدة، وهي إحدى جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة ضرورة جمع كل تلك القضايا ورفعها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

الأمر ذاته تذكره رئيسة اتحاد المرأة الفلسطينية في القاهرة آمال الأغا، وهو تعرض النساء في غزة للاغتصاب والتحرش من جنود الاحتلال الإسرائيلي، بل وتصوير هذه الانتهاكات والتباهي بها فيما بينهم، سب مجندات الاحتلال أيضاً الفلسطينيات والتهكم عليهن بشكل مبتذل في أثناء تفتيشهن.

وتشير الأغا في حديثها مع TRT عربي إلى إدلاء حالتَين لسيديتَين بشهادتهما حول تعرضهما للاغتصاب، مؤكدة أنه "أمر صعب للغاية للمجتمع الفلسطيني المحافظ، ما يدل على وصول الأمور إلى درجة قوية أدت لكسر هذا الحاجز المجتمعي وكسر حالة الصمت ورواية ما حدث".

يُذكر أن الأمم المتحدة دعت في 6 مارس/آذار الجاري إلى التحقيق في مقاطع فيديو صورها جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي يكشفون فيها ملابس داخلية لنساء في قطاع غزة.

معاناة الحمل والولادة

في تصريحات صحفية عن زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة، روى منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة جيمي ماكغولدريك عن لقائه مجموعة من النساء في مخيم في منطقة المواصي، وقال إن النساء اللاتي التقاهن تحدثن عن مسألة الخصوصية، ومشكلات النظافة بسبب نقص المياه النظيفة، وعدم وجود المنتجات الصحية النسائية، كما تحدث بعضهن عن استخدام مياه البحر للاغتسال، مضيفاً: "أخبرتني سيدة أنها عندما تسير بين الخيام ليلاً تسمع صوت بكاء النساء".

كما روى ماكغولدريك تجربة سيدة فلسطينية وضعت توأماً في أحد الملاجئ في ظل عدم وجود دواء، ولا تقوى الآن على الرضاعة الطبيعية بسبب نقص المواد المغذية لأنها تتناول فقط الأطعمة المعلبة والخبز.

وعن المعاناة المضاعفة لنساء القطاع تؤكد منى عزت أن النساء في غزة يعانين من التهديد بالقتل والإصابات والجوع والعطش وهي المأساة التي تتقاسمها مع الرجال، لكن بالإضافة إلى ذلك يوجد معاناة مضاعفة أخرى مرتبطة بدور المرأة الإنجابي بداية من احتياجات الدورة الشهرية مثل الفوط الصحية، وصولاً إلى الحمل والولادة وهي أوضاع خاصة بالنساء تحتاج فيها إلى رعاية خاصة، وللأسف لا تتوفر في ظروف الإبادة القاسية في القطاع.

وترى الناشطة النسوية أن المرأة الغزاوية إذا نجت من الموت فلن تنجو من أضرار عدم الرعاية الكافية صحياً وطبياً أو الولادة بدون الخدمات الطبية اللازمة أو التعرض لحالات نفسية قاسية مثل اكتئاب الحمل والولادة خصوصاً وهي ترى مستقبلاً مجهولاً لطفلها، وأنها عاجزة عن تقديم الرعاية الكافية والحماية له، "ما قد يؤدي حتى إلى حالات انتحار وهي معاناة مضاعفة للنساء"، مطالبة بضرورة توفير دعم نفسي ومساعدة نفسية لهن.

أما رئيسة اتحاد المرأة الفلسطينية آمال الأغا فتعتبر الحرب على قطاع غزة حرباً على النساء والأطفال، موضحة سقوط أكثر من 13 ألف شهيد طفل، و9 آلاف من النساء.

وتردف: "نشعر بأن جنود الاحتلال يستهدفون الطفل قبل أن يصبح مقاوماً يطالب بحق فلسطين، والمرأة التي تلد هذا الفدائي وتعده لمعركة الحرية".

ووصفت الأغا وضع المرأة بأنه "سيئ جداً، أبرزته بعض التقارير عن أن النساء يلدن في أماكن غير مناسبة مثل الخيام والحمامات، ومن دون رعاية قبل أو بعد الولادة، حتى أن بعض الولادات القيصرية جرت من دون تخدير".

وتلفت إلى أن النساء في غزة يعانين أيضاً نقصاً شديداً في المستلزمات النسائية الخاصة والأدوية، بالإضافة إلى الجوع الذي يهاجم الجميع رجالاً ونساءً وأطفالاً، لدرجة أصبحوا يطحنون العلف ليصنعوا منه خبزاً، ويعتمدون على العدس في الطعام، وهو ما يؤثر بالسلب في الصحة العامة.

وتشير الأغا إلى حملة اعتقالات تطول النساء وإلى "نساء مفقودات" لا تتوفر عنهن معلومات هل هن شهيدات أم معتقلات؟ لأنه يُمنع دخول أي محامين أو حتى ممثلين لمؤسسات دولية إلى مركز الاعتقال بجنوب فلسطين، مؤكدة أن الأمر وصل إلى اغتيال الاحتلال الإسرائيلي لكوادر نسائية تعمل في مجال توزيع المساعدات والدفاع المدني والتمريض ورصد الانتهاكات، إذ قُتلت امرأتين.

من ناحيتها قالت منظمة "أكشن إيد" الدولية الخميس 7 مارس/آذار الجاري إن نساء قطاع غزة يلدن الأجنة ميتة، بسبب تزايد خطر المجاعة، إذ أدى سوء التغذية إلى زيادة الوفيات بين الأطفال وحالات المواليد الموتى، مبينة أن أكثر من 95% من النساء اللاتي يصلن إلى المستشفى ويخضعن للفحوصات الطبية يعانين فقر الدم.

الأمم المتحدة ونساء غزة

"الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم" هو الشعار الذي اعتمدته الأمم المتحدة ليوم المرأة العالمي لهذا العام، الأمر الذي تنتقده آمال الأغا متسائلة: "هل يُعقل أن يكون هذا هو عنوان يوم المرأة؟ هل يُعقل أن العالم لا يرى نساء غزة؟ وهل لا يسري القرار 1325 عليهن؟".

وتطالب رئيسة اتحاد المرأة الفلسطينية بتشكيل لجان لتقصي الحقائق "لترى نساء محبوسات في أقفاص حديدية"، على حد قولها.

وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أصدر قراراً عام 2000 يقر بأن تنفيذ أولويات المرأة والسلام والأمن هو التزامٌ سياسي غير قابل للتفاوض، ويؤكد مشاركة المرأة الكاملة والهادفة والمتساوية مع الرجل في عمليات السلام والحلول السياسية.

وتشير منى عزت إلى حملة عربية تقوم لمنظمات نسوية في اليوم العالمي للمرأة لتسليط الضوء على الانتهاكات ضد نساء غزة، ودعوة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدوره في وقف هذه الجرائم وتوثيقها، إلى جانب وقف العدوان بالطبع، ودخول المساعدات لتوفير احتياجات النساء.

TRT عربي
الأكثر تداولاً