تابعنا
رصدت شركة فيسبوك محاولات جادة ومتطورة للتدخل في الانتخابات الأمريكية المقبلة عام 2020 صادرة من إيران وروسيا.

مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية القادمة يبدو أن محاولات التأثير عليها قد أخذت بالاحتشاد. مؤخراً كشفت شركة فيسبوك أن هناك محاولات متطورة ومعقدة للغاية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 مصدرها كل من روسيا وإيران. وقد أشارت الشركة العملاقة إلى أنها أحبطت المحاولات وأزالت مئات الحسابات المشبوهة من على منصتيها في Facebook وInstagram.

إجراءات حاسمة

ففي سياق مكافحة حملات التضليل والأخبار المزيفة، كشف مدير عام شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ عن إجراءات جديدة اتخذتها شركته للحد من عمليات التلاعب والتضليل؛ منها أن فيسبوك سوف تجعل الأمر واضحاً للمستخدمين حول من يقف وراء المنشورات التي تظهر على صفحاتهم. بالإضافة إلى خاصية تصنيف الصفحات والإعلانات القادمة من وسائل الإعلان التي تعتبرها الشركة "خاضعة كلياً أو جزئياً للسيطرة التحريرية لحكوماتهم" بمعنى أن المؤسسات الإعلامية الحكومية سوف تخضع لإجراءات مراقبة أكبر بحيث يجري الإعلان عن الجهات التي تتبع لها هذه المؤسسات أو الإعلانات.

أما الإجراء الآخر فيشمل سعي شركة فيسبوك إلى وضع علامات أكثر وضوحاً على منصتيها Facebook وInstagram فيما يخص المنشورات التي يعثر عليها بصفحات مزيفة أو مضللة من قبل مدققي الحقائق الذي تتعاقد معهم الشركة ويعتبرون طرفاً ثالثاً. كما ستطلب الشركة من الصفحات ذات الانتشار الواسع والكبير أن تكون أكثر شفافية تجاه الجهات التي تديرها.

كما أشار شركة فسبوك إلى أنها في صدد اتخاذ المزيد من الإجراءات والخطوات الهادفة إلى مكافحة الذي يقفون وراء حملات قمع الناخبين والذين يقومون بالترويج للإعلانات التي تشير إلى أن التصويت لا فائدة منه وأنه مضيعة للوقت. كما أنها أقرت العمل على توفير مزيد من الحماية لحسابات المسؤولين المنتخبين والمرشحين وموظفيهم ورؤساء حملاتهم ليكونوا أكثر حصانة واستعداداً ضد أي من الهجمات الإلكترونية التي قد تستهدفهم.

رصد لروسيا وإيران

وفي معرض حديثه يوم الاثنين الفائت أكد مؤسس فيسبوك والمدير التنفيذي لها زوكربيرغ أن الحملات التي رصدت "متطورة للغاية" وفيها "إشارة واضحة إلى أن هذه الدول -إيران وروسيا- تنوي أن تكون نشطة في الانتخابات المقبلة". وأضاف أن "تكتيكاتهم تتطور. نحن نرى اليوم روسيا وإيران والصين تحاول التدخل في الانتخابات مع تبني تكتيكات أكثر تطوراً وبشكل متزايد".

وعبّر زوكربيرغ بنوع من الثقة عن جاهزية شركته للتعاطي مع تحديات الانتخابات المقبلة إذ قال: "يعود جزء كبير من السبب في كوني واثقاً من جاهزيتنا عام 2020 إلى أننا لعبنا دوراً في الدفاع ضد التدخل في كل انتخابات كبرى حول العالم منذ عام 2016. إن قدرتنا على تحديد هذه الهجمات بشكل استباقي وتقليصها أمر يشير إلى أن أنظمتنا تعتبر أكثر تطوراً الآن مما كانت عليه في الماضي".

تأتي هذه التأكيدات من فيسبوك في أثناء توارد بعض الأنباء التي تتحدث عن نجاحها في الرصد والتعطيل للعشرات من الشبكات التي تستخدم من قبل بعض الدول في عمليات التلاعب والتضليل على رأسها روسيا وإيران. بعض الأنباء تشير إلى أن شركة فيسبوك استطاعت تعقّب أكثر من 50 شبكة من هذا النوع وإحباطها منذ العام الفائت.

شبكات إيرانية

من هذه الشبكات، شبكة تضمنت 93 حساباً و17 صفحة Facebook وأربعة حسابات على Instagram كان مصدرها إيران ركزت بشكل أساسي على الولايات المتحدة، وكذلك بعض الجماهير الناطقة بالفرنسية في شمال إفريقيا.

اتبع القائمون على هذه الحسابات والتي وصل عدد متابعيها إلى 8000 تكتيك الحسابات المزيفة والتنكر كمواطنين محليين من أجل بث الأخبار والدعايات التي تتناسب مع أجندات الدولة الداعمة لهم. ورصدت فيسبوك بعض المواضيع التي تحاول هذه الحسابات الترويج لها وتتعلق بحرب السعودية في اليمن، وسياسيين لهم مواقف داعمة للقضية الفلسطينية، وربما هذا ما يفسر جزءاً من الحملة التي تشنها إدارة فيسبوك على المحتوى الفلسطيني بشكل كبير مؤخراً، الأمر الذي شمل إغلاق آلاف الصفحات والحسابات.

شبكات روسية

ومن الشبكات التي جرى إحباطها أيضا شبكة تتكون من 50 حساباً على منصة Instagram تعمل من روسيا وتركز على الولايات المتحدة بشكل حصري. وقد أوضحت فيسبوك أن لهذه الشبكة ارتباطاً مع وكالة أبحاث الإنترنت الروسية والمدعومة من الكرملين بشكل مباشر وكان لها دور في التدخل في انتخابات عام 2016.

وتتميز هذه الشبكة بأن القائمين عليها يتمتعون باحترافيه عالية ناحية اختيار المحتوى والإجراءات المتبعة من أجل طمس الأثر والاختفاء. وذكرت التقارير أن عدد متابعيها وصل إلى ما يقرب من 250 ألف مشترك 60% منهم داخل الولايات المتحدة. وتتراوح المواضيع التي يخوضون فيها ما بين مواضيع تتعلق بالبيئة والتوترات العرقية وقضايا المثليين.

طريق طويل

تأتي هذه الإجراءات بعد الانتقادات الحادة التي تعرضت لها شركة فيسبوك على مدار السنوات الأخيرة بسبب حملات التضليل والتلاعب التي أثرت بشكل كبير على الكثير من الانتخابات الديمقراطية حول العالم، ليس أقلها في الولايات المتحدة عام 2016. هذا فضلاً عن الانتقادات التي تعلقت بإجراءات الخصوصية والحماية بعد الفضيحة الشهيرة التي تعرضت لها وعرفت بفضيحة كامبريج أنلاتيكا، التي راح ضحيتها عشرات الملايين من الحسابات الشخصية بيعت بياناتهم إلى طرف آخر من أجل استغلالها في الدعاية مدفوعة الأجر والممنهجة.

ومن الجدير بالذكر أنه وعلى الرغم من هذه الإجراءات المعلن عنها فإن المشرعين الأمريكيين لا يزالون ينظرون بعين الريبة إلى قدرة شركة فيسبوك على مكافحة حملات التلاعب والتضليل التي تقف خلفها بعض الدول. ففي جلسة الاستماع مع لجنة الخدمات المالية في الكونجرس يوم الأربعاء 23 أكتوبر/تشرين الأول، التي كانت مخصصة لمناقشة العملة الرقمية Libra التي تنوي شركة فيسبوك إطلاقها وذلك لمناقشة المخاوف التي تثار حولها، إذ يخشى الكثير من النقاد أن تقوم هذه العملية بتقويض النظام المالي الدولي، وجد زوكربيرغ نفسه محاطاً بأسئلة قاسية من المشرّعين حول إجراءات الخصوصية والحماية ومكافحة حملات التلاعب والتضليل، وهو ما يدل على أن صداع الخصوصية والحماية سوف يستمر في ملاحقة شركة فيسبوك ويسبب لها الصداع إلى انتخابات 2020 على أقل تقدير.

TRT عربي