التفاعل الشعبي الكبير والصادم للاحتلال، جاء متماهياً مع الموقف الرسمي للأردن الذي اعتبره كثيرون غير كافٍ، وسط شعارات كثيرة طالبت الحكومة الأردنية بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وإغلاق السفارة وسحب السفير الأردني من تل أبيب.
أصداء هذه الاحتجاجات انعكست على مجلس النواب الأردني الذي أصدر مذكرة نيابية وقّعها 130 نائباً، طالبت بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وإغلاق السفارة وسحب السفير الأردني من تل أبيب، كما توعدت بطرح الثقة بالحكومة الأردنية إذا لم تستجيب للمطالب.
وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، إن الحكومة ستتدارس مذكرة مجلس النواب بطرد سفير الاحتلال وستعود إلى مجلس النواب وسيكون القرار بمستوى الحدث.
سياسيون ونواب قالوا لـTRT عربي إن الموقف الأردني الرسمي مطالَب اليوم باتخاذ خطوات تناسب مستوى الحدث، وعلى الحكومة الأردنية أن تلتقط اللحظة التاريخية للتخلص ولو من جزء يسير من المآزق التي فرضتها عليها الاتفاقيات القديمة مع الاحتلال، وأهمها اتفاقيات الغاز والمياه ووادي عربية.
التحرك الشعبي الأردني مهمّ لدعم المقاومة الشعبية في فلسطين
رفيق خرفان، مدير عامّ دائرة الشؤون الفلسطينية التابعة لوزارة الخارجية الأردنية، قال إن الموقف الشعبي الأردني عبّر بوضوح وجلاء عن الموقف الرسمي الأردني في أهمية دعم صمود الفلسطينيين ووقف الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق المدنيين الآمنين.
وبيّن خرفان في تصريحات لـTRT عربي، أن هذا الدعم والتأييد الشعبي هو محور أساسي من محاور دعم الفلسطينيين في غزة والضفة والداخل، وهو مهمّ للشدّ على أيديهم في مواجهة العدو.
وأكد أن الأردن جاء على عدة أصعدة، سواء السياسية أو الإغاثية أو الشعبية، وذلك من خلال خطة وضعتها المملكة تسهم وتهدف إلى دعم الفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم، إلى جانب الجهد السياسي الذي يقوده العاهل الأردني والذي يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار وإحقاق الحق للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران لعام 1967.
وأشار إلى أن الدعم والمساندة الأردنية الرسمية والشعبية لاقت ترحيباً كبيراً من الفلسطينيين، بخاصة قيادات المقاومة في حماس، وأكدت أن الأردن شريك أساسي في قضية الأمة، وله دور محوري في حلّها بما يلبي طموحات الشعب الفلسطيني.
صدى صوت الأردني وصل إلى كل أرجاء فلسطين
النائب في البرلمان الأردني خليل عطية أكد أن الشعب الأردني والقوى الشعبية في المملكة سطرت مثالاً مهمّاً وأساسياً في دعم صمود الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني، وكان الصوت الأردني الذي يهتف بمحافظات الأردن يلقى صداه في الأقصى وكل فلسطين.
وأوضح عطية لـTRT عربي أن الشعب الأردني طالما كان صاحبًا للقضية الفلسطينية يدافع عنها بالأرواح، وقدّم ويقدّم الشهداء من أجل تحرير الأقصى من رجس الصهاينة ويجاهد بكل السبل لإعادة الحق لصاحبة بتحرير فلسطين من أيدي الغزاة.
وبيّن أن تجانس الموقف الشعبي مع الموقف الرسمي مثّل حالة مثالية لم يشهدها العالم من قبل، بعثت برسالة إلى الجميع بأن فلسطين تجمع ولا تفرّق، بعيداً عن أي اختلافات أو مناكفات.
وأشار عطية إلى أن القيادة الأردنية وضعت منذ القدم على عاتقها مسؤولية حماية المقدسات في القدس، وقدّمت الغالي والثمين لذلك، مبيناً أن الأردن قوي وقادر، ولن يدّخر جهداً لإنهاء الظلم الواقع على الأشقاء الفلسطينيين.
وعن الدور النيابي في مجلس النواب الأردني، أكّد أن مجلس النواب يقود حراكاً مهمّاً لدعم الأشقاء في فلسطين، وطالب بالإجماع بطرد السفير الصهيوني من عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب وإغلاق سفارة الكيان، ردّاً على العدوان الغاشم.
وشدّد على أن مجلس النواب سيبقى دوماً مدافعاً عن فلسطين ويعبّر عن صوت الشارع الأردني بأن فلسطين كلها يجب أن تعود لأهلها ولأصحابها، ولا بد من زوال المحتلّ المغتصب ولو بعد حين.
طرح حجب الثقة بالحكومة الأردنية إذا لم تستجِب
المحامي والنائب صالح العرموطي، قال إنه في حال عدم تنفيذ الحكومة مطالب مجلس النواب والشارع الأردني التي تتمثل في طرد القائم بأعمال سفارة الاحتلال في عمان وإغلاق السفارة وسحب السفير الأردني من تل أبيب، فإنه ستُوقَّع مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة كاستحقاق دستوري.
وبيّن العرموطي لـTRT عربي أن مذكرة طرد القائم بأعمال سفير كيان الاحتلال بيد الحكومة الآن، ومن واجبها أن تستجيب لمطالب النواب وكل مكونات الشارع الأردني، وأن تتخذ إجراءات عملية على الأرض، منوهاً بأن طرد السفير سيشكّل قوة للموقف الأردني الرافض لاعتداءات الاحتلال.
وأوضح أن مجلس النواب اتخذ قراراً بتقديم مشروع قانون حول عدم استيراد الغاز من الكيان الصهيوني، وهو الآن بيد الحكومة، مشيراً إلى أن من واجب الحكومة أن تقدّم مشروع القانون لمجلس النواب.
وأضاف العرموطي أن طرد القائم بأعمال سفير الاحتلال من عمان يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، مشدداً على أن اتخاذ القرار ليس مستحيلاً أو صعباً، وأن كثيراً من المسوغات والمبررات القانونية يسمح باتخاذ إجراء الطرد فوراً.
لحظة تاريخية للأردن يجب استغلالها
الكاتبة الصحفية والمحللة السياسية لميس أندومي، قالت إن المظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت مختلف مدن الأردن خلال الأيام الماضي، على الرغم من أنها جاءت بتشجيع من الحكومة الأردنية، فإنها لا تكفي ولا تُعفي الأردن الرسمي من اتخاذ موقف أكثر تصعيداً ضد الاحتلال.
وبيّنت أندومي لـTRT عربي، أن تجاوب الشارع الأردني مع الأحداث التي تجري في فلسطين وتعبيرهم عن غضبهم على ما يفعله الاحتلال هو بمثابة استفتاء شعبي حقيقي على أن القضية الفلسطينية حاضرة في وجدان الشعوب، وهو الأمر الذي صدم قيادات الاحتلال.
وأضافت أن الحواضن الشعبية عبّرت عمَّا في داخلها، والآن بات الدور على الإدارة الأردنية في أن تجمّد علاقاتها مع الاحتلال، ردّاً على ما ترتكبه إسرائيل من انتهاك كبير للاتفاقيات مع الأردن والوصاية على المقدسات.
وأوضحت أندومي أن الردّ الأردني الرسمي يجب أن يكون مناسباً لمستوى الحدث، وأن الاحتلال هو أكبر خطر على الأردن، بخاصة أن العلاقات بين الطرفين في أسوأ أحوالها منذ سنوات.
وأشارت إلى أن الحكومة الأردنية على الرغم من أنها بعثت إلى نتنياهو برسالة من خلال تأييد المسيرات الشعبية، فإن ذلك لا يكفي، وعلى حكومة المملكة أن تلتقط اللحظة التاريخية للانفكاك ولو بقليل من بعض القيود التي فرضتها الاتفاقات مع الاحتلال.