تابعنا
فجر منسّق الشؤون الإنسانية والأغاثية الطارئة في الأمم المتحدة مارك لوكوك قنبلةً من العيار الثقيل حين قال إن نظاماً تابعاً للمنظمة من المفروض أن يحمي مستشفيات إدلب السورية قد استُعمل لاستهدافها.

قال مارك لوكوك مُنسِّق الشؤون الإنسانية والإغاثية الطارئة يوم الثلاثاء الماضي 18 يونيو/حزيران 2019 إنَّ نظاماً تابعاً للأمم المتحدة كان مُصمَّماً لحماية المستشفيات في محافظة إدلب السورية من القصف قد استُخدِم لغرضٍ معاكس، وهو استهدافها عمداً.

وفي كلمته أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قال لوكوك إنه منذ نهاية أبريل/نيسان الماضي، تضرَّرت نحو 26 منشأة للرعاية الصحية في منطقة شمال غرب سوريا، التي تُعد آخر معقل رئيسي للمُعارضة في الدولة التي مزقتها الحرب.

ومما يبعث على القلق، أنَّ بعض هذه المستشفيات نشرت إحداثياتها الخاصة عبر "نظام منع الاشتباك" التابع للأمم المتحدة، الذي يشهد تمرير هذه الإحداثيات إلى روسيا وتركيا والولايات المتحدة حتى لا تُستهدَف هذه المواقع.

وقال لوكوك "لا شكَّ أنَّ ضرب هذه المواقع أمرٌ مروِّع في المقام الأول، لكنَّ ضرب منشآتٍ نُشِرت إحداثياتها ​​في إطار نظام الأمم المتحدة لمنع الاشتباك هو أمر لا يطاق".

وأضاف "يشعر عدد من الشركاء الآن بأنَّ توفير إحداثياتٍ جغرافية يحصل عليها الأطراف المتحاربة سيُسهِّل استهدافهم من وراء ظهورهم. وقد توصل البعض إلى استنتاجٍ مفاده أنَّ قصف المستشفيات يُمثِّل تكتيكاً متعمداً يهدف إلى ترويع الناس".

وذكر لوكوك أنَّ اثنتين من المنشآت المتضررة كانت في مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري. ولم يُلقِ باللوم على قوةٍ بعينها في هذه الضربات، لكن من المفهوم أن روسيا وسوريا هما فقط اللذان يشنان غارات جوية في المنطقة.

وقال لوكوك أمام مجلس الأمن المؤلَّف من 15 دولة "هذه الحادثة بأكملها تثير تساؤلاتٍ عميقة حول نظام منع الاشتباك. نناقش هذا الأمر داخلياً، وسأخبركم بالاستنتاجات التي سنتوصل إليها.. في الأسبوع المقبل".

يُذكَر أنَّ روسيا، التي تدعم بشار الأسد رئيس النظام السوري في الحرب الأهلية الجارية في البلاد، وتركيا، التي تدعم بعض قوات المعارضة، شاركتا في رعاية اتفاق لخفض التصعيد في منطقة شمال غرب سوريا التي وقعت سنة 2017 وأصبحت سارية المفعول منذ العام الماضي 2018.

وقال لوكوك إن الاتِّفاق تعثَّر والقتال تصاعد في الأسابيع الأخيرة، ما أجبر حوالي 330 ألف مدني على الفرار شمالاً باتجاه الحدود التركية منذ مطلع الشهر الماضي مايو/أيار. وتقول الأمم المتحدة إنَّ حوالي 300 شخص قتلوا في الغارات الجوية والمدفعية التي شنَّتها روسيا وسوريا منذ أواخر أبريل/نيسان الماضي.

ومن جانبه قال كريستوف هوسغن سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة إنَّ الهجمات التي ضربت 37 مدرسة وكلية في إدلب، وكذلك الهجمات على المستشفيات، "غير مقبولة إطلاقاً"، وتمثِّل جرائم حرب. وأضاف أنَّ الأعمال الوحشية في سوريا أصبحت "أمراً عادياً جديداً".

وعلى الجانب الآخر، قالت سوريا وروسيا إنَّ الأمم المتحدة تستخدم معلومات غير موثوقة.

إذ قال بشار الجعفري السفير السوري لدى الأمم المتحدة إنَّ لوكوك "تلقّى معلومات مضللة" من "كاذبين"، وإنَّ المواقع المعنية لم تكن مستشفيات بل "غرفة في قبو كانت تُستخدم لشن الهجمات وقصف المدنيين والجيش العربي السوري".

وأضاف الجعفري "السوريون وحلفاؤهم لا يستهدفون المدارس ولا المستشفيات".

فيما ألقى فاسيلي نيبينزيا السفير الروسي لدى الأمم المتحدة باللوم على مقاتلي الجماعات المسلحة في شنِّ هجماتهم من عياداتٍ وفصولٍ دراسية.

وقال نيبينزيا "ليس سراً على أي شخص أنَّ المقاتلين يستخدمون البنية التحتية المدنية والمستشفيات والمدارس لأغراض عسكرية، ويستخدمون المدنيين دروعاً بشرية… نرفض رفضاً قاطعاً أي اتهامٍ بشنِّ ضربات عشوائية. فنحن لا نشن هجماتٍ على المدنيين".

وفي وقتٍ سابق من يوم الثلاثاء الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنَّه قَلِقٌ من تصاعد العنف في شمال غرب سوريا، وحثَّ روسيا وتركيا على تحقيق "استقرار الوضع فوراً".

وقال غوتيريش، رئيس وزراء البرتغال السابق، للصحفيين "أشعر بقلقٍ شديد حيال تصاعد القتال في إدلب، والوضع في غاية الخطورة، في ظل مشاركة عددٍ متزايد من الأطراف الفاعلة".

وأضاف "مرةً أخرى، يدفع المدنيون ثمناً باهظاً. ودعوني أؤكِّد أنه، حتى في الحرب ضد الإرهاب، يجب أن يكون هناك امتثالٌ كامل للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".

جديرٌ بالذكر أنَّ القوة المهيمنة في شمال غرب سوريا هي هيئة تحرير الشام، التي كانت جناحاً سابقاً لتنظيم القاعدة الإرهابي. فيما تشهد المنطقة كذلك وجود جماعاتٍ أخرى يحظى بعضها بدعم تركيا.

يُذكَر أنَّ الحرب في سوريا أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص منذ اندلاعها في عام 2011، مع نزوح ملايين آخرين.

وقال غوتيريش للصحفيين "كما قلت مراراً وتكراراً، لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية. كان واضحاً منذ البداية ولا يزال واضحاً بعد أكثر من ثماني سنوات أنَّ الحل يجب أن يكون سياسياً".

TRT عربي