تابعنا
وعلى ما يبدو أن هذا الإعلان الحقوقي خاص بأطفال العالم دون صغار فلسطين الذين سلب الاحتلال أبسط حقوقهم لعقود، ففي 46 يوماً فقط قُتل في قطاع غزة أكثر من 5 آلاف و600 طفل، وجُرح نحو 8660 آخرون، ونحو 1800 طفل لا يعرف أحد مصيرهم.

في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1959، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل، الذي يقر بحق جميع الأطفال في المأوى والرعاية الصحية والتعليم والغذاء الجيد والحماية من العنف، مؤكدة أن "عدم الإنصاف وانتهاك هذه الحقوق الأساسية يعرّض مستقبل الأطفال للخطر، ويتولد عنه استدامة دورة الأجيال في الحرمان وعدم المساواة، ما يقوّض استقرار المجتمعات، وحتى أمن الدول في كل مكان".

وعلى ما يبدو أن هذا الإعلان الحقوقي خاص بأطفال العالم دون صغار فلسطين الذين سلب الاحتلال أبسط حقوقهم لعقود، ففي 46 يوماً فقط قُتل في قطاع غزة أكثر من 5 آلاف و600 طفل، وجُرح نحو 8660 آخرون، ونحو 1800 طفل لا يعرف أحد مصيرهم.

"نحن الآن في وضع يُقتل فيه طفل كل 10 دقائق".. هكذا قال جيسون لي، مدير منظمة "أنقذوا الأطفال" في فلسطين، موضحاً أن الأطفال يشكّلون نسبة 2 من كل 5 وَفَيات بين المدنيين في غزة، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست".

مدرسة خان يونس الابتدائية المشتركة التي تحولت إلى مركز إيواء. (TRT Arabi)

وأعلنت منظمة العفو الدولية أن "أكثر من ثلث الضحايا في قطاع غزة من الأطفال"، وذلك منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، صرح بأن 6 أطفال يُقتلون كل ساعة على يد الاحتلال، واصفاً الوقت بأنه "أصبح من دم في غزة".

على صعيد آخر، وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة، أعلن نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له صدر بالتزامن مع الاحتفال بيوم الطفل أمس، أن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 880 طفلاً، بينهم 145 معتقلاً سُجّلوا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحده.

ماذا عن أطفال غزة؟

تزامناً مع الاحتفالات العالمية بيوم الطفل، التي كان شعارها لهذا العام "لكل طفل كامل حقوقه" والخطابات الرنَّانة التي تصدر من المؤسسات الدولية، يعيش أطفال غزة بلا منازل أو تعليم، متخذين من مدارسهم مأوىً إلى أن يتحرك العالم لإنقاذهم، بعض هذه المدارس يعيش فيها ما بين 5000 و6000 نازح، والفصل -الذي كان يجب أن يكون دراسيّاً- يتشاركه من 100 إلى 150 فرداً للعيش.

دانا النجار، طفلة في الحادية عشرة من عمرها. (TRT Arabi)

في إحدى مدارس جنوب القطاع "مدرسة خان يونس الابتدائية المشتركة"، تفقدت مراسلة TRT عربي، رُبى العجرمي، حال أطفال غزة الذين يعيشون في ظروف أقل ما يقال عنها إنها غير آدمية، دون توفير الحد الأدنى لهم من الحقوق التي لا يتذكرها المجتمع الدولي إلا في خطاباته أو عندما يمس الأمر "مواطنه الأبيض".

دانا النجار، طفلة في الحادية عشرة من عمرها، لو في بلدٍ آخر كانت ستكون الآن في الفصل تحضر حصة علوم أو رسم، تقول: "كنت أعيش في منطقتي وأذهب إلى مدرستي، وجاءت الحرب، وهكذا فجأة فقدنا بيوتنا وجئنا لنعيش في المدارس".

في حزن ودهشة تواصل دانا حديثها مع TRT عربي: "أصوات القصف لا تتوقف، لسنا مرتاحين هنا، ونحاول أن نتكيف مع الأمر، لكن في النهاية هذا ليس بيتنا، حيث لا نجد الطعام، والحمامات غير نظيفة، وإذا أردت الاستحمام أذهب إلى مستشفى الناصر".

الطفل بلال المباشر، (14 عاماً). (TRT Arabi)

"لا أستطيع العيش هنا، كل شيء أصبح بالطابور، طابور على الماء، طابور على الطعام، طابور على الحمامات"، هكذا تصف وطفة أبو عرمانة، الطفلة ذات التسع سنوات، حياتها بيأس شديد.

وتضيف الطفلة في حديثها مع TRT عربي: "كنا نتعلم هنا في المدرسة ونجلس مع معلمتنا، أما الآن نعيش الذل فيها".

أطفال غزة يريدون هدنة

ويقول الطفل بلال المباشر، (14 عاماً): "قبل الحرب كان يقرأ لنا الأستاذ، وننزل إلى الساحة نلعب كرة القدم مع أصدقائنا فرحين، الآن صرنا نجلس بالمدرسة دائماً وننام على مقاعد الفصل، أو في الفَرشات والخيام، لا نستطيع دخول الحمامات عند الحاجة، ونقف في الصف ننتظر دورنا بها".

وطفة أبو عرمانة، الطفلة ذات التسع سنوات. (TRT Arabi)

وبحلول الشتاء وهطول المطر، يقول بلال إنهم استطاعوا أن يدبروا بعض الخشب والحجارة كي تحميهم من الشتاء القارس، أما عن إمكانية توافر الطعام، يشير إلى أنهم يقفون في طوابير عند المخابز من الصباح وحتى آخر الليل، أملاً في الحصول على رغيف خبز.

أحمد أبو طعيمة، كان أكثرهم غضباً في حديثه، يقول الطفل البالغ 11 عاماً، وهو يضع فوق رأسه كيساً من النايلون يقيه من المطر: "كنا سابقاً ندرس هنا ونتعلم كل شيء، الآن فقدنا كل ذلك بسبب الحرب، صار الصف مثل البيت ولكن ظروفه سيئة، الحمامات غير نظيفة، أما الطعام فقد أحضروا لنا سمكاً عفِناً منذ عدة أيام، ما هذه الحياة؟".

يستعيد أحمد ذكرياته قبل الحرب في حديثه مع TRT عربي، قائلاً: "كنا قبل الحرب نلعب في المدارس وأقابل أصدقائي، لكن الآن لا أعرف أين هُم ولا أرى إلا بعضاً منهم بين الفينة والأخرى".

أحمد أبو طعيمة، الطفل البالغ 11 عاماً. (TRT Arabi)

ويتابع أحمد صارخاً: "نريد هدنة، لقد سئمنا العيش بهذا الشكل، نريد أن نعود إلى منازلنا وإلى حياتنا الطبيعية" .

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت خلال عشرات الأيام من حربها على قطاع غزة من الأطفال، ما يفوق عدد الأطفال الذين قُتلوا في 22 صراعاً مُسلّحاً حول العالم، خلال أربع سنوات.

ووفق بيانات أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن الأطفال يشكّلون 44% من إجمالي عدد السكان (41% في الضفة الغربية، و47% في قطاع غزة)، ويبلغ عددهم نحو مليونين و400 ألف طفل.

TRT عربي
الأكثر تداولاً