تابعنا
توافَد عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى وسط القطاع وجنوبه خلال اليومين الماضيين على خلفية الرسالة التي أرسلها جيش الاحتلال إلى سكان هذه المناطق بالرحيل عنها مؤقتاً، فيما قاطع عشرات الآلاف أيضاً هذه الدعوات بوصفها مدعاة للهجرة من الأراضي.

اضطرت الفلسطينية مها حسام (30 عاماً) إلى مغادرة منزلها في مدينة غزة واللجوء إلى أحد المستشفيات في القطاع لقرابة يومين، في ظل التهديدات الإسرائيلية للفلسطينيين في المناطق الشمالية وقلب مدينة غزة وطلب خروج السكان من هذه المناطق بوصفها مناطق عمليات حرب.

ويُقدَّر عدد سكان مدينة غزة ومحافظة شمال القطاع بقرابة 2.3 مليون نسمة وفقاً للإحصائيات، وهو الأمر الذي ينعكس بالسلب على الظروف المعيشية والإنسانية المتدهورة أصلاً في ظل استمرار الحرب للأسبوع الثاني على التوالي.

وتوافَد عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى وسط القطاع وجنوبه خلال اليومين الماضيين على خلفية الرسالة التي أرسلها جيش الاحتلال إلى سكان هذه المناطق بالرحيل عنها مؤقتاً، فيما قاطع عشرات الآلاف أيضاً هذه الدعوات بوصفها مدعاة للهجرة من الأراضي.

ورغم أنّ الاحتلال زعم أنّ المناطق من جنوب الوادي ستكون آمنة، فإنّه استهدف سيارات ومركبات النازحين، ما تسبب في استشهاد قرابة 70 فلسطينياً وإصابة 200 آخرين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، ما يعكس زيف المزاعم الإسرائيلية بشأن النزوح.

وفي السياق، تقول الفلسطينية مها حسام، إنّها مكثت في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي للأطفال أكثر من يومين، في ظل الخشية من القصف الإسرائيلي نظراً لحالة القصف العشوائي التي يقوم بها سلاح الجو الإسرائيلي للأسبوع الثاني على التوالي.

وتوضح مها لـTRT عربي، أنّ المستشفى يشهد تكدساً كبيراً نتيجة نزوح الأهالي إليه، لا سيّما أنّ الاحتلال يقصف المنازل والأبراج السكنية من دون سابق إنذار، ما تسبب في إبادة 50 عائلة فلسطينية بشكلٍ كامل وحذفها من السجلات الحكومية الرسمية.

وتلفت إلى أنّها لجأت في نهاية المطاف إلى النزوح مع زوجها إلى منزل شقيقته جنوبي مدينة غزة، في ظل التهديدات التي أطلقها جيش الاحتلال لمستشفيات عدّة في المدينة طالب فيها بنقل المستشفى وإغلاقها، وهو ما رفضته إدارات المستشفيات.

ومنذ بداية عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب القسام السبت الماضي 7 أكتوبر/تشرين أول، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، في حصيلة محدَّثة، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 2750 شهيداً وإصابة 9700.

وأضافت الوزارة في بيان مقتضب، الاثنين، أنّ "عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية وصل إلى 58 شهيداً، إضافة إلى أكثر من 1250 جريحاً" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

البحث عن الأمان

أما الفلسطيني أمجد المقيد، فاختار أن يغادر منزله في حي الشيخ رضوان غربي مدينة غزة نحو مدينة رفح جنوبي القطاع، بحثاً عن الأمان في ظل اشتداد عمليات القصف الإسرائيلي واستمرار العملية العسكرية من دون تحرك حقيقي لوقف العدوان.

ويقول المقيد لـTRT عربي، إنّه قرر مغادرة منزله قسراً بعد أن تلقى الإنذارات هو وعائلته عبر اتصالات من أرقام إسرائيلية وأخرى دولية تحمل اسم "جيش الدفاع الإسرائيلي" في إشارة إلى جيش الاحتلال، تطلب منه مغادرة منطقة سكنه.

ويُبدي المقيد خشيته من أن يُقْدم الاحتلال الإسرائيلي على هدم منزله أو يستهدف المنطقة التي يوجد بها في ضوء التهديدات المتصاعدة التي أطلقها المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، أو منسق عمليات حكومة الاحتلال الإسرائيلي للسكان، بمغادرة مناطق الشمال وغزة.

ويؤكد أنّه غادر رفقة عائلته المكونة من 30 فرداً إلى أحد الأماكن في مدينة رفح التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وسط خشية من المصير المجهول وعدم وجود أي خدمات إغاثية وانقطاع التيار الكهربائي وشح المياه نتيجة الحصار المطبق.

دمار وأضرار

ويؤكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف، أنّ عدد المباني التي تعرضت للضرر بلغ 3731 مبنى سكنياً تضم 10500 وحدة سكنية هدمها الاحتلال الإسرائيلي بشكل كلي، فيما تضررت نحو 10 آلاف وحدة سكنية بشكل جزئي منها 7100 وحدة سكنية غير صالحة للسكن.

ويقول معروف لـTRT عربي، إنّ العدوان الإسرائيلي طال المدارس، حيث أخرج الاحتلال 18 مدرسة عن الخدمة جراء تضررها بشكل بليغ، فيما تضررت 150 مدرسة بأضرار متفاوتة، واستُشهد 127 موظفاً من الكوادر التعليمية ومئات الطلبة.

ويضيف: "شعبنا بثباته أفشل مخطط الاحتلال بمحاولة التهجير القسري، وأثبت الاحتلال كذبه وتضليله حول الحديث عن المناطق والممرات الآمنة سواء قافلة النازحين، وكذلك ما يقوم به الاحتلال من غارات تطول المناطق التي يتحدث عنها أنها آمنة مثل دير البلح وغرب النصيرات".

واقع مزرٍ

من جانبه، يقول جميل سرحان، نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لقطاع غزة، إنّ إجمالي أعداد النازحين في مختلف مناطق القطاع بلغ 650 ألف نازح، من بينهم نازحون داخل المناطق والمدن التي هم بالأساس يعيشون فيها.

ويوضح سرحان في حديثه مع TRT عربي، أنّ ظروف مراكز الإيواء بالذات تلك التابعة لوكالة "أونروا" الدولية غير صحية، حيث بدأ بعض الظواهر غير الصحية في الانتشار نتيجة الظروف الصعبة وغياب الخدمات وحالة التقصير في تقديم الخدمات للاجئين.

ويشير إلى أنّ أعداد النازحين مرشحة بشكلٍ دائم للزيادة، نتيجة ارتفاع وتيرة القصف الإسرائيلي وحالة التركيز على إيقاع الخسائر في صفوف المدنيين وتكبيدهم أكبر خسائر ممكنة في الأرواح أو حتى في الممتلكات والمنازل.

ويلفت إلى أنّ الظروف غير المواتية التي يعيش فيها النازحون الفلسطينيون تنعكس بالسلب، إذ لا يقوى كثير منهم على النوم، فيما لا تمتلك آلاف الأسر الفلسطينية طعامها اليومي في ظل حالة الحصار الجماعي.

وحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإنّ "إسرائيل أسقطت خلال غاراتها وهجومها الذي تطلق عليه اسم (السيوف الحديدية)، ربع قنبلة نووية، ما يعكس حدّة القصف الإسرائيلي على القطاع خلال فترة زمنية وجيزة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً