تابعنا
يذكر ستيفن زونس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سان فرانسيسكو، أنّ إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش استغلّت حالة الرّعب والخوف الناجمَين عن هجمات تنظيم القاعدة في عام 2001، لانتهاك عدد من الأعراف القانونية الدولية.

في زيارته لإسرائيل عقب عملية طوفان الأقصى، حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن الحكومة الإسرائيلية من ارتكاب تجاوزات تؤدي إلى خسائر غير ضرورية.

وأوضح بايدن موقفه باستدعاء أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 والأخطاء التي اقترفتها الإدارة الأمريكية "أثناء سعيها لتحقيق العدالة"، ناصحاً إسرائيل أن لا تهدر تعاطف العالم معها، كما فعلت الولايات المتحدة قبل عقدين من الزمن.

مزاج انتقامي

وخلال الزيارة، قال بايدن: "يجب تحقيق العدالة، لكنني أحذر من هذا، عندما تشعر بهذا الغضب، لا تنشغل به، فبعد أحداث 11 سبتمبر، شعرنا بالغضب في الولايات المتحدة، وبينما سعينا لتحقيق العدالة وحصلنا على العدالة، ارتكبنا أخطاء أيضاً".

ولم يخض الرئيس الأمريكي في تفاصيل الأخطاء، لكنّه سبق وأعلن ندمه على قرار غزو العراق، الذي صوّت لصالحه عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة وسط أوكلاهوما، حسام محمد، أنّه ربما جرى نُصح بايدن بشأن هذه القضية وعدم جعل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول هو "1 سبتمبر، "وقد أخبره أحدهم بذلك".

وفي حديثه مع TRT عربي، يقول محمد إنّ الإسرائيليين في مزاج انتقامي في هذه المرحلة، فالمستوطنون في الضفة الغربية يقتلون أيضاً ولا أحد يراهم، حيث "قتلوا بالفعل أكثر من 60 فلسطينياً، وبالطبع فإنّ الأرقام في غزة لا يمكن تصورها، إنّهم يريدون قتل كل ما يتحرك في غزة كما صرح قادتهم العسكريون وجنودهم، وقد جردوا بالفعل الفلسطينيين من إنسانيتهم وارتكبوا جرائم حرب في غزة".

ويرى محمد أنّ الرئيس الأمريكي، قد أدرك أنّ الإسرائيليين يريدون التدمير الكامل والطرد الكامل للفلسطينيين، وربما يتعرض لضغوط من البعض في وزارة الخارجية، وهم غير راضين عن نوع الأسلحة التي يجري إرسالها إلى إسرائيل وقد استقال أحدهم بالفعل احتجاجاً، ما دفع بايدن إلى حثهم على اتباع قواعد الحرب.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية أنّ الرئيس الأمريكي يتصرف بصرامة في دعم إسرائيل، إذ ذهب إلى حد القول إنّ أحداث 7 أكتوبر أكثر دموية من 11 سبتمبر، نظراً إلى أنّ عدد سكان إسرائيل أقل بكثير من سكان الولايات المتحدة، "لذلك فقد كان على دراية كاملة بالرواية الإسرائيلية، وجاء ليقدّم هذا الدعم الذي لا يرقى إليه الشك لإسرائيل".

تفويض واسع النطاق

في سبتمبر/أيلول 2001، عقب أحداث 11 سبتمبر التي راح ضحيتها ما يقرب من 3 آلاف شخص، صوّت جو بايدن على تفويض واسع النطاق يستخدم القوة العسكرية في إطار "الحرب على الإرهاب".

وكان بايدن حينها، رئيساً للجنة الشؤون الخارجية التي تتمتع بنفوذ كبير في مجلس الشيوخ، في عهد الجمهوري جورج دبليو بوش.

وأفرز التصويت على الحرب أغلبية ساحقة بموافقة كل أعضاء مجلس الشيوخ البالغين 98، و420 عضواً في مجلس النواب مقابل رفض عضو واحد، وهي النائبة الديمقراطية باربرا لي، والتي حصلت على تهديدات بالقتل وإهانات واتهامات بالخيانة.

وبعد عقدين من تصويت بايدن على الحرب، وخسارة آلاف الأرواح من المدنيين والجنود الأمريكيين، وخسارة ما يقدر بـ8 تريليون دولار، اعترف بندمه على اتخاذ ذلك القرار، ولم يكن الوحيد الذي فعل، إذ أصبح قبله السيناتور بيرني ساندرز أحد أشد منتقدي الحربين في العراق وأفغانستان، بعد دعمه لهما.

ويذكر ستيفن زونس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سان فرانسيسكو، أنّ إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش استغلّت حالة الرّعب والخوف الناجمَين عن هجمات تنظيم القاعدة في عام 2001، لانتهاك عدد من الأعراف القانونية الدولية، بما في ذلك اعتقال أشخاص من دون توجيه اتهامات إليهم، وتعذيب المعتقلين، وانتهاك حقوق المسلمين الأمريكيين، وغزو العراق.

ويضيف زونس لـTRT عربي، بأنّ بايدن يدرك تماماً المشاكل الأخلاقية الخطيرة لمثل تلك السياسات، ويدرك أنّها أضرّت بصورة الولايات المتحدة على المستوى الدولي، وانتهى بها الأمر في الواقع إلى خلق مزيدٍ من الإرهابيين والمتطرفين.

ويشدّد أستاذ العلوم السياسية على أنّه "رغم ذلك الإدراك، فإنّ بايدن لا يفعل كثيراً لإيقاف الحرب"، مضيفاً أنّ "استمرار دعمه غير المشروط للأعمال العسكرية الإسرائيلية، وفشله في فعل ما هو أكثر من التعبير عن المخاوف، لا يبدو أنّه يشير إلى أنّه سيحاول فعلياً منع إسرائيل من اتخاذ إجراءات متطرفة أكثر".

سجن مفتوح

على مدى العقدين الماضيين، كشفت العديد من الدراسات والآراء أنّ الرد الرسمي على أحداث 11 سبتمبر أطلق العنان لبعض من أسوأ صفات الأمة الأمريكية بما في ذلك "الخداع، والوحشية، والغطرسة، والجهل، والوهم، والتجاوزات".

وبحلول منتصف عام 2002، وبعد 7 أشهر فقط من الرد الأمريكي على أحداث 11 سبتمبر، فقد أكثر من 20 ألف مواطن أفغاني حياته كنتيجة غير مباشرة للحرب.

بتصريح سياسي من الكونغرس الأمريكي والبنتاغون والبيت الأبيض، تسببت الحروب الأمريكية بعد 11 سبتمبر في تهجير ونزوح ما يقرب من 48 إلى 59 مليون شخص في ثماني دول، وقُتل ما لا يقل عن 4.5 إلى 4.7 مليون شخص، معظمهم من الأطفال والنساء، كنتيجة غير مباشرة للحرب.

ويصف بيتر كوزنيك، مدير معهد الدراسات النووية في الجامعة الأمريكية بواشنطن، أحداث 11 سبتمبر بـ"يوم العار والمأساة في الولايات المتحدة".

ويقول كوزنيك لـTRT عربي، إّنه من ناحية يمثل فشلاً استخبارياً هائلاً وفشلاً كاملاً لقيادة إدارة بوش، ومن ناحية أخرى، أثبت رد فعل الولايات المتحدة، الذي كان في الغالب عسكرياً، إذ إنّه ألحق ضرراً شديداً بالولايات المتحدة والعالم، "وهو رد لم يتعافَ منه أي منهما بشكل كامل".

ويرى مدير معهد الدراسات النووية أنّ رد الولايات المتحدة على أحداث 11 سبتمبر لم يؤدِّ إلى تأجيج نيران الكراهية ضدّ المسلمين في الداخل فحسب، "بل أدى إلى حربين طويلتين ومكلفتين ومميتتين، ربما أُهدرت فيهما 8 تريليونات دولار، وأُزهقت مئات الآلاف أو أكثر من الأرواح".

ويعتقد كوزنيك أنّ ذلك قد أدى -عن غير قصد- إلى ظهور نوع "أكثر بشاعة" من "التعصب الإسلامي"، وفق تعبيره، وهو ما دفع بايدن إلى نصح الإسرائيليين بألّا يندفعوا بغضب أعمى كما فعلت الولايات المتحدة، وأن لا "ينشغلوا" بالغضب والكراهية.

ويقول إنّ بايدن "تسامح مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة ومع توسعها الوحشي وبناء المستوطنات في الضفة الغربية وأكثر من 700 هجوم للمستوطنين على الفلسطينيين هذا العام وحده، وإدامة إسرائيل لمعاناة غزة باعتبارها سجناً مفتوحاً يضم 2 مليون شخص لسنوات".

ويلفت كوزنيك إلى أنّ الأمل معقود على أن يوصي بإجراءات لـ"معاقبة الجناة"، على حد قوله، بدلاً "من معاملة سكان غزة كمذنبين جماعيين وتسوية مجتمعهم الفقير، كما بدأت إسرائيل تفعل بالفعل، كما نأمل أن يكون قد دفع أيضاً إلى تبادل الأسرى وإيجاد حلول طويلة الأمد لتخفيف المعاناة الفلسطينية، التي كانت هائلة منذ عقود".

TRT عربي