متلازمة الخليج.. هل حُلّ لغز الأعراض الغامضة للجنود الذين خدموا بالعراق؟ (Others)
تابعنا

أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" يوم الأربعاء 11 مايو/أيار الجاري، أن علماء أمريكيين اكتشفوا في دراسة حديثة، اللغز الذي يقف وراء إصابة الآلاف من الجنود الأمريكيين والبريطانيين، ممن خدموا في العراق وشاركوا في حرب الخليج عام 1991، بما يسمى "متلازمة الخليج".

وحسبما خلصت إليه الدراسة، فإن سبب الأعراض الغامضة التي ظهرت على الجنود طيلة عقود، تعود إلى استخدام غاز الأعصاب "السارين".

وترجح الدراسة أن غاز "السارين" قد أطلق غالباً في الهواء عند قصف مخابئ الأسلحة الكيماوية العراقية.

وطالب إثر ذلك عديد من المنظمات، بضرورة إجراء الفحوصات اللازمة للجنود للتأكد من هذه المزاعم، وتمكينهم من العلاج السريع والفوري.

دراسة "حاسمة" تحل غموض "متلازمة الخليج"

بعد قضاء قرابة ثلاثة عقود في البحث اليائس عن الأسباب التي أدت إلى ظهور أعراض غامضة على الآلاف من الجنود الأمريكيين والبريطانيين، الذين خدموا في العراق خلال حرب الخليج، خلصت دراسة حديثة صدرت عن مجموعة الباحثين وتمولها الحكومة الأمريكية، إلى أن غاز الأعصاب "السارين" قد يكون سبباً محتملاً لما اشتهر منذ ذلك الحين باسم "متلازمة الخليج".

وأوضح روبرت هالي الباحث بمركز ساوثويسترن الطبي بجامعة تكساس وقائد الفريق البحثي الذي أعد الدراسة، أن الغاز الذي تعرض له الجنود الأمريكيون كان مخففاً، ولذلك لم يكن قاتلاً.

واستدرك قائلاً: "لكنه كان كافياً لإصابة الناس بالإعياء في حال كانوا مهيئين وراثيا للإصابة بهذا المرض".

وأشار إلى أن العامل الحاسم وراء إصابة الشخص بالإعياء من عدمها هو الجين المعروف باسم PON1، الذي يلعب دوراً هاماً في تكسير الكيماويات السامة في الجسم والقضاء عليها.

وكشف فريق هالي على الصعيد ذاته، بعد أخذ عينات من الدم والحمض النووي، أن الجنود القدامى الذين لديهم نسخة أقل فاعلية من هذا الجين الوراثي مرشحون بشكل كبير للإصابة بأعراض "متلازمة الخليج".

وأجريت الدراسة وفق ما أكدته "بي بي سي" على أكثر من 1000 شخص اختيروا عشوائياً، من الجنود الأمريكيين القدامى الذين شاركوا في حرب الخليج.

وقال هالي إن "هذه الدراسة هي الأكثر حسماً" فيما يتعلق بأسباب تلك الأعراض الغامضة.

وأضاف: "أعتقد أنها سوف تصمد في مواجهة أي انتقادات. وآمل أن تقودنا النتائج التي توصلنا إليها إلى علاج يخفف من حدة بعض هذه الأعراض".

وكانت أبحاث سابقة تعتقد أن تعرض الجنود لاستنشاق "اليورانيوم المنضب" خلال ذلك الوقت قد أدى إلى إصابتهم بـ"متلازمة الخليج". لكن دراسات لباحثين من جامعة بورتسموث، فحصت لاحقاً مستويات اليورانيوم المنضب المتبقية في أجساد الجنود أثبتت عكس ذلك.

وجاء ذلك من خلال إجراء اختبار شديد الحساسية لتحديد كمية اليورانيوم المتبقية في بول 154 جندياً أمريكياً يعانون من متلازمة الخليج.

ولم يُعثر على أي أثر لليورانيوم المستنفد في أي من عينات البول. وكانت طريقة الاختبار المستخدمة أكثر حساسية بعشر مرات من سابقاتها، ما دفع العلماء بالتالي إلى القبول بأن النتائج غير قابلة للجدل.

وفي هذا السياق قال البروفيسور راندال باريش: "القدرة على دحض العلاقة المزعومة بين هذا المرض وهذه المادة المشعة تسمح للمجتمع الطبي بالتركيز بشكل أكثر وضوحاً على الأسباب المحتملة".

غاز السارين.. سلاح بيولوجي

وتتمثل الأعراض الناجمة عن الإصابة بـ"متلازمة الخليج" والتي من المرجح أن يكون غاز السارين سبباً فيها، حسب مجلة "ذي نيتشر"، في الإعياء والصداع والطفح الجلدي والاضطرابات الهضمية وآلام العضلات والمفاصل والضغط النفسي والاكتئاب والأرق وصعوبة التذكر أو التركيز.

ويُعد غاز السارين مادة كيميائية سامة من صنع الإنسان ليس لها طعم أو رائحة أو لون. ولكن لقوته في التأثير على الأعصاب، جرى استخدامه كسلاح كيميائي، وحظر إنتاجه عام 1997.

وتعمل هذه المادة الكيميائية بطريقة مشابهة لبعض المبيدات الحشرية، وتدخل الجسم عن طريق الجلد أو التنفس وتهاجم الجهاز العصبي.

وينتج عنه ارتعاش شديد في العضلات وسيلان العينين والأنف والقيء، وبعضهم يواجه مشاكل في التنفس حتى الاختناق والموت.

ويدعي الفريق البحثي، أن غاز "السارين" قد أُطلق عند قصف مخابئ الأسلحة الكيماوية العراقية.

إذ وثقت صور الأقمار الصناعية، حسبما أشاروا إليه في الدراسة، سحابة حطام كبيرة تتصاعد من موقع تخزين أسلحة كيماوية عراقي قصفته طائرات أمريكية وقوات التحالف وعبرت فوق مواقع للقوات البرية الأمريكية حيث أطلقت الآلاف من أجهزة إنذار غاز الأعصاب وتأكد أنها تحتوي على غاز السارين.

ويقول الفيلق البريطاني الملكي إن الأبحاث تشير إلى أن ما يصل إلى 33000 من قدامى محاربي المملكة من أصل 50000 جندي ممن شاركوا في حرب الخليج عام 1991، يمكن أن يكونوا مصابين بهذه المتلازمة.

ويتهم عديد من المنظمات، الحكومتين البريطانية والأمريكية بتجاهل ما أصاب هؤلاء الجنود طيلة عقود وعدم التعامل بالجدية الكافية مع تساؤلاتهم المستمرة التي طرحوها عما إذا كانوا قد تعرضوا لمواد وغازات سامة خلال مشاركتهم في الحرب في العراق.

TRT عربي