عناصر أمن كاميرونية في المباراة الافتتاحية لكأس الأمم الإفريقية 2021 بالكاميرون (Kenzo Tribouillard/AFP)
تابعنا

عادت بطولة كأس الأمم الإفريقية لتُنظَّم في الكاميرون لأوّل مرة منذ 50 عاماً، حين استضاف البلد الواقع غربيّ القارة السمراء 7 فرق شاركت إلى جانب الكاميرون في نسخة عام 1972، الّتي كانت تُوّجت بها جمهورية الكونغو الشعبية.

ولم يكن طريق استضافة الكاميرون للنسخة الجارية من البطولة مفروشاً بالزهور، فبعد عامين ونصف من التوقيت الأصلي لاستضافتها البطولة، نجحت الكاميرون أخيراً في إقناع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "CAF" بجاهزيتها لاستقبال 23 فريقاً من أنحاء القارة الإفريقية.

وكان الاتحاد الإفريقي للكرة قرّر في اللحظات الأخيرة نقل نسخة عام 2019 من استضافة الكاميرون إلى مصر، غير أنّ "CAF" أعلن حينئذ أنّ السبّب هو عدم جاهزية البنية التحتية والملاعب الكاميرونية لتنظيم البطولة، فيما أُجِّلَت البطولة العام الماضي لتفشّي جائحة كورونا.

ويرى محلّلون رياضيون أنّه خلال النسخة الحالية، تمكّنت الكاميرون من استضافة البطولة على نحو مقبول من الناحية التنظيمية، بعد أن شارف دور المجموعات على الانتهاء الخميس.

غير أنّ أبعاداً سياسيةً أخرى ظهرت قُبيل وخلال فترة تنظيم البلاد للبطولة القارية الأشهر، وهي نشوب أعمال عنف وحراك مسلَّح ومحاولات اغتيال لمسؤولين كاميرونيين نجحت إحداها بالفعل، فيما تعطّل تلك الأحداث مران بعض المنتخبات، بل وذهبت تكهُّنات البعض إلى أن تكون هي السبب غير المُعلَن للواقعة الشهيرة بإعلان حكم مباراة تونس ومالي نهاية المباراة قبل وقتها الأصلي بدقائق.

جماعات انفصالية مسلّحة

تفاقمت توتّرات في المناطق الشمالية الغربية والجنوبية الغربية الناطقة بالإنجليزية في الكاميرون منذ أواخر عام 2016، عندما شرعت قوات الأمن الكاميرونية في قمع احتجاجات اندلعت في البلاد ضد تهميش السكان الناطقين باللغة الإنجليزية، وهم يشكّلون نحو 20% من سكان الكاميرون، وفق ما ذكرته صحيفة "غارديان" البريطانية.

ويشعر غالبية الكاميرونيين الناطقين بالإنجليزية بأنّهم مهمشون من الأغلبية الفرنكوفونية، فعلى سبيل المثال لا يتحدّث الرئيس الكاميروني بول بيا إلّا بالفرنسية، وتتجاهل حكومته إلى حد كبير مطالب المحامين والمعلّمين من الأقلية الناطقة بالإنجليزية الذين قادوا احتجاجات سلمية عام 2016 ضد هيمنة الفرنكوفونية.

ومنذ ذلك الحين بات الصراع بين الانفصاليين والحكومة الكاميرونية عنيفاً على نحو متزايد، حتى نزح ما يُقدَّر بمليون من سكان البلاد وأودى بحياة ما لا يقلّ عن 3 آلاف شخص وحرمان عشرات الآلاف من الطلاب من تعليمهم، حسب هيومن رايتس ووتش.

ويطالب عديد من الناطقين بالإنجليزية الآن بدولة مستقلّة أطلقوا عليها اسم "أمبازونيا".

وقُبيل انطلاق البطولة القارية في 9 يناير/كانون الثاني الجاري، عزّزت السلطات الإجراءات الأمنية، لا سيّما في العاصمة ياوندي والمدن المضيفة الأخرى الّتي تقع في خمس مناطق بالكاميرون، لتأمين البطولة وعدم إعطاء فرصة ذهبية للانفصاليين لإظهار الأزمة على مرأى ومسمع من العالم الّذي توجّهت أنظاره نحو الملاعب الكاميرونية لمتابعة النجوم الأفارقة الذين بات عديد منهم في مصافّ أفضل لاعبي العالم، لا سيّما المحترفون منهم بأعرق الأندية الأوروبية والعالمية.

أعمال عنف واغتيالات

في 5 يناير/كانون الثاني الجاري، وقبل بضعة أيام تفصل الكاميرون على انطلاق الكأس الإفريقية، أدى انفجار بالقرب من وسط مدينة ليمبي الساحلية الهادئة، المستضيفة لمباريات المجموعة السادسة الّتي تجمع مالي وتونس وغامبيا وموريتانيا، إلى إصابة ستة أشخاص وتدمير عدة مبانٍ. فيما أعلن فصيل من حركة "أمبازونيا" الانفصالية مسؤوليته عن التفجير، وتعهّدت الحركة الأوسع بتعطيل البطولة.

ويقول الجيش الكاميروني إنّ الانفصاليين لن يتمكّنوا من عرقلة سير الكأس الإفريقية، غير أنّ السلطات الكاميرونية ألقت باللوم على الانفصاليين في اغتيال هنري كيميندي، وهو سيناتور بمجلس الشيوخ الكاميروني عن حزب الجبهة الديمقراطية الاجتماعية، الأسبوع الماضي بالرصاص في مدينة بامندا في المنطقة الشمالية الغربية.

وفي مدينة بويا بالمنطقة الجنوبية الغربية، قتل متمرّدون انفصاليون جندياً بعبوة ناسفة خلال هجوم تبادل فيه المتمردون إطلاق النار مع الجيش.

وتصاعدت مخاوف لدى الجماهير والأجهزة الفنية ولاعبي الفرق المشاركة بالبطولة جرّاء استمرار أعمال العنف في الكاميرون، حيث تستمرّ البطولة حتّى السادس من فبراير/شباط القادم، وسط حذر أمني بالغ.

TRT عربي