وافق البرلمان الإسرائيلي -الكنيست- على مشروع قانون مثير للجدل من شأنه إلغاء بنود قانون فك الارتباط لعام 2005 التي تحظر على المجتمعات اليهودية والقوات العسكرية الوجود في قطاع غزة المحاصر وشمال الضفة الغربية.
جاءت موافقة الكنيست وسط تحرك حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو لإضعاف القضاء، ما أثار احتجاجات شعبية حاشدة استمرت أسابيع.
يذكر أن التعديل يحتاج إلى ثلاث قراءات ليصبح قانوناً سائراً.
وفي حالة الموافقة عليه سيسمح القانون للمستوطنين الإسرائيليين بإعادة بناء البؤر الاستيطانية غير القانونية قرب جنين شمال الضفة الغربية المحتلة التي فُككت عام 2005.
يعد مشروع القانون حاسماً في جهود حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو لإضفاء الشرعية على "حومش" المخلاة، وهي بؤرة استيطانية غير قانونية حاول المستوطنون إعادة بنائها مراراً.
وكان مشروع القانون قُدِّم من سياسيين إسرائيليين يمينيين متطرفين، وصوت ما لا يقل عن 40 عضواً في الكنيست لصالح مشروع القانون، بينما عارضه 17 نائباً.
ووفقًا للنص التمهيدي للتشريع لن يطبَّق "قانون فك الارتباط" على أربعة مستوطنات بالمنطقة المخلاة عام 2005، وهي: سانور وحومش وكاديم وجنيم. وينص مشروع القانون على أنه لم يعد يوجد مبرر لمنع الإسرائيليين دخول "شمال السامرة" والبقاء بها، في إشارة إلى الاسم التوراتي للضفة الغربية.
ودافع يولي إدلشتاين رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، عن مشروع القانون، بأن تغييرات القانون ستصحح "الظلم" حتى لو استغرق الأمر سنوات. وأضاف أن "مشروع القانون يهدف إلى إلغاء الإعلان المتعلق باعتبار شمال السامرة منطقة عسكرية محظوراً دخول الإسرائيليين إليها وفق قانون 2005".
ما قانون فك الارتباط؟
عام 2005 سن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون قانوناً يطالب بالانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من غزة وشمال الضفة الغربية وإزالة 25 مستوطنة في المنطقتين. وجرى ذلك لسبب مزدوج هو تحسين أمن إسرائيل ومكانتها الدولية في ظل غياب مفاوضات سلام مع الفلسطينيين.
وبموجب الخطة أزيلت 21 مستوطنة بغزة المحتلة وإجلاء 8000 مستوطن. أما في شمال الضفة الغربية المحتلة، فقد أخليت أربع مستوطنات والتي تعتبر الآن منطقة عسكرية محظورة. ورغم أنه حظر على الإسرائيليين دخول منطقة حومش منذ 2005، فإن عمليات اقتحامهم المنطقة استمرت منذ ذلك الحين.
ردود الفعل العالمية
وأدى التحرك إلى إلغاء بنود "قانون فك الارتباط" إلى إدانة دولية وانتقادات داخل إسرائيل.
من جانبها استنكرت وزارة الخارجية الفلسطينية الخطوة المخطط لها، وحثت المجتمع الدولي على الضغط على إسرائيل لوقف مشروع القانون قبل أن يصبح سارياً، محذرة من أن إفلات إسرائيل المستمر من العقاب يشجعها على تكثيف إجراءاتها وتحركاتها غير القانونية، ما قد يؤدي إلى تأجيج الصراع.
وقالت في بيان لها إن "المضي في خطوات سن هذا التشريع تصعيد خطير للصراع واستخفاف بالجهود المبذولة لتخفيف التوتر وتحقيق الهدوء".
وقال حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: "نرحب بالبيان المشترك لوزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بشأن القرارات الإسرائيلية الأخيرة، وتحديداً الإعلان المتعلق بالمستوطنات".
وقالت ليئور أميهاي مدير منظمة "السلام الآن" غير الحكومية إن "مشروع القانون ينتهك حقوق الفلسطينيين ويعرض للخطر حياة المستوطنين وقوات الأمن التي ستضطر إلى حمايتهم".
وأكدت بأن "الغرض من مشروع القانون ليس فقط السماح للإسرائيليين بالوصول، ولكن أيضاً السماح بإقامة البؤر الاستيطانية والمستوطنات في المنطقة، وبالتالي توجيه ضربة قاتلة لإمكانية توصل إسرائيل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، وإنشاء دولة فلسطينية بالمستقبل" وأضافت بأن "إضفاء الشرعية على الأراضي الخاصة التي استُولي عليها بالقوة يسهل عنف المستوطنين وسرقة الأراضي مرة أخرى".
من جانبه انتقد جلعاد كاريف، وهو سياسي إسرائيلي، القانون قائلاً: "إن مشروع القانون هذا، إذا مُرِّر فسيؤدي إلى إنشاء بؤر استيطانية غير قانونية شمال السامرة وسيزيد الاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين. مشروع القانون هو خطوة أخرى نحو الضم بحكم الأمر الواقع الذي تروج له الحكومة، وإلى واقع دولة ثنائية القومية نازفة".
وكانت المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بما فيها فرنسا وألمانيا عبرت عن "معارضة قوية لسياسة التوسع الاستيطاني الإسرائيلية"، التي أجبرت عائلات فلسطينية على إخلاء منازلهم بالضفة الغربية.