هل سحب المغرب سفيره بفرنسا دون إعلان رسمي؟ (Others)
تابعنا

أواخر شهر سبتمبر/أيلول المنصرم، غادرت سفيرة فرنسا بالمغرب، هيلين لو غال، منصبها الدبلوماسي نحو آخر ببروكسيل، كمديرة لـ"شمال إفريقيا والشرق الأوسط" في دائرة العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي. ما قرئ فيه وقتها قرار باريس سحب سفيرتها من الرباط دون الإعلان عن ذلك رسمياً، ونُظر إليه كارتداد للأزمة الناشبة بين البلدين منذ أشهر.

وهي الخطوة نفسها التي اتخذها المغرب، إذ جرى تعيين سفير المملكة بباريس، محمد بنشعبون، في منصب مدير "صندوق محمد السادس للاستثمار" المحدث مؤخراً بأمر ملكي، وفي ما فسر كـ"معاملة بالمثل"، وسيُنهي هذا التعيين الجديد المهمة الدبلوماسية للمسؤول المغربي بعد أقل من عام على تكليفه إياها، وقد يعمق الأزمة المتفاقمة.

الرباط تسحب سفيرها من باريس؟

عين الملك محمد السادس محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية السابق، مديراً عاماً لـ"صندوق محمد السادس للاستثمار"، الهيئة التي أمر العاهل المغربي بتأسيسها خلال خطابه الأخير. وجرى هذا التعيين طبقاً لأحكام الفصل 49 من الدستور، وباقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزيرة الاقتصاد والمالية، حسب ما أفادت وكالة أنباء "المغرب العربي" الرسمية.

وأضافت الوكالة نقلاً عن بيان الديوان الملكي بأنه "سيجري تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار"، وإضفاء دينامية جديدة على الاستثمار العمومي، بتوجيهه لمشاريع البنيات التحتية والاستراتيجيات القطاعية الطموحة، بما يعزز تنافسية المنتوج الوطني، وتقوية السيادة الوطنية، على المستوى الغذائي والصحي والطاقي".

وتجدر الإشارة إلى أن تعيين بنشعبون سينهي مهامه كسفير المملكة بباريس، والذي تولاه في ديسمبر/ كانون الأول 2021، أي قبل أن يُكمل السنة فيه وهي سابقة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. هذا ما دفع عدداً من المحللين للربط بين الإجراء المغربي وما فعلته فرنسا سابقاً أواخر سبتمبر/ أيلول، حين عينت سفيرتها بالرباط في منصب في الإدارة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

وجرى العرف في العلاقات الديبلوماسية الفرنسية المغربية، أن تقوم باريس بمجرد إنهاء مهام سفيرها بتعيين سفير جديد مباشرة بالرباط. وهو الأمر الذي لم يحدث إلى اليوم، بينما اكتفى الجانب الفرنسي بتعيين قائم جديد بأعمال السفارة، ما يعني خفضاً لمستوى التمثيل الدبلوماسي. وبالتالي، فسر عدد من المحللين قرار الرباط الأخير، على أنه "معاملة بالمثل" لفرنسا، في وقت تتفاقم فيه الأزمة بين البلدين.

أوجه أزمة متفاقمة

يعود بروز أولى بوادر الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا إلى صيف 2021، ومنذ ذلك الوقت جرى تجميد تبادل الزيارات الوزارية بين البلدين، كما لم يحدث أي اتصال بين الرئيس ماكرون والعاهل المغربي. وزاد الأمر احتداماً مع إعلان فرنسا تشديدها إجراءات منح تأشيرة دخول أراضيها للمواطنين المغاربة، وهو ما اعتبرته خارجية المملكة قراراً غير مبرر.

وتتفاقم هذه الأزمة الدبلوماسية الصامتة لتشمل وجوهاً عديدة من علاقات البلدين، أبرزها رفض منح تأشيرات الدخول للمواطنين المغاربة، إذ أفادت مصادر قنصلية، رفض فرنسا نحو 80% من طلبات التأشيرة التي تقدم بها المغاربة خلال 2022. ما ندد به المغاربة واعتبروه ممارسة تمييزية عنصرية ضدهم.

كما تعدت هذه التوترات حقل السياسة إلى المال والأعمال، ذلك عبر موجة مغادرة عدد من الاستثمارات الفرنسية المغرب. آخرها كان شركة "ليديك" الفرنسية العاملة في مجال توزيع الماء والكهرباء، والتي أعلنت الرباط يوم الأربعاء وقف تداول أسهمها ببورصة الدار البيضاء.

TRT عربي