ناسا (Others)
تابعنا

أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أنها دخلت في شراكة مع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لتطوير واختبار محرك صاروخي يعمل بالطاقة النووية لإرسال رواد فضاء في مهام مستقبلية إلى المريخ. لكن بعض الخبراء ما زالوا يشككون في نجاعة هذه الخطوة.

تتعاون ناسا مع جهاز البحث والتطوير في البنتاغون على صاروخ حراري نووي جديد (NTR)، والذي تأمل أن يقلل وقت السفر، ويقلل من المخاطر التي يتعرض لها رواد الفضاء في البعثات المستقبلية إلى المريخ.

في بيان صحفي صدر في وقت سابق الأسبوع الماضي، أعلن مدير ناسا بيل نيلسون عن الأخبار، مشيراً إلى أن تقنية الدفع الحراري النووي المتقدمة (NTP) ستكون جاهزة للاختبار" في أقرب وقت ممكن بحلول عام 2027".

وقال عضو مجلس الشيوخ السابق عن ولاية فلوريدا في البيان: "من خلال هذه التكنولوجيا الجديدة، يمكن لرواد الفضاء السفر من وإلى الفضاء البعيد بشكل أسرع من أي وقت مضى، وهي خطوة كبيرة للتحضير لبعثات مأهولة إلى المريخ".

وبموجب الاتفاقية الجديدة، ستساعد ناسا وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) في تطوير المحرك في برنامج يُعرف باسم الصاروخ التجريبي لعمليات Agile Cislunar (DRACO) الذي جرى إطلاقه لأول مرة في عام 2021.

وقد أفاد مدير برنامج DRACO، د. تابيثا دودسون، TRT World بأن دور DARPA "هو إزالة السؤال التكنولوجي من على الطاولة" ويفعل ذلك من خلال نهج تدريجي لتطوير المحرك.

وفقًا لدودسون تعمل DARPA حالياً على إجراء مناقشات حول العقد، وإذا جرى الاتفاق على الشروط، فسوف تحدد متعاقداً مختاراً في غضون الشهرين المقبلين.

وأضاف دودسون: "يوجد العديد من العمليات التنظيمية والبيئية المتعلقة بالسلامة التي نعمل عليها بالتوازي لضمان أننا سنفي بالجدول الزمني لعملية الإطلاق في سنة 2027".

بمجرد استيفاء جميع الشروط، ستُجرَى رحلة اختبار DRACO، والتي ستكون تجربة غير مأهولة إلى الفضاء، في أقرب وقت ممكن في عام 2027.

الصواريخ الكيميائية مقابل الصواريخ الحرارية النووية

بالمقارنة مع صاروخ كيميائي، يستخدم NTR وقود الدفع نفسه (الهيدروجين السائل) ولكن طريقة توليد الدفع ذاتها هي المختلفة.

تعمل NTRs عن طريق ضخ الهيدروجين عبر قلب مفاعل حيث تنقسم ذرات اليورانيوم وتطلق الحرارة من خلال الانشطار. تحول الحرارة الهيدروجين من سائل إلى غاز، والذي يتمدد من خلال فوهة لإنتاج طاقة الدفع.

يسمح NTP للصاروخ بالسفر لمسافة أبعد باستخدام وقود أقل، وهو ما يشكل ضعف كفاءة الصاروخ الكيميائي، وفقاً لوزارة الطاقة الأمريكية.

تبلغ كمية الدفع الناتجة عن صاروخ كيميائي، الذي يحرق الهيدروجين السائل والأكسيجين السائل، 450 ثانية، وهو ما يعادل نصف الكمية الناتجة عن الصواريخ التي تعمل بالطاقة النووية.

ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه عندما يجري حرق الصواريخ الكيميائية، فإنها تنتج بخار الماء، وهو منتج ثانوي أثقل بكثير من الهيدروجين المستخدم في NTRs.

تعمل صواريخ NTP أيضاً على تقليل وقت السفر إلى المريخ بنسبة تصل إلى 25%، وتحد من تعرض طاقم الرحلة للإشعاع الكوني والجاذبية الصفرية (صفر-ج)، كما تعمل على تمكين رواد الفضاء من إنجاز المهمات والعودة إلى الأرض إذا لزم الأمر.

ستساعد هذه الفوائد وكالة ناسا على تحقيق أهدافها من القمر إلى المريخ ومساعدة DARPA في تطويرها لمركبة فضائية تجريبية (X-NTRV).

ومع ذلك، أشارت البروفيسورة بولين بارمبي، رئيسة قسم الفيزياء والفلك في الجامعة الغربية، في معرض حديثها مع TRT World إلى أن هناك العديد من المخاوف بشأن استخدام الطاقة النووية في عمليات الإطلاق إلى الفضاء.

"أحد المخاوف الكبيرة أن مثل هذا المحرك يجب أن يجري إطلاقه من سطح الأرض، لذلك إذا فشل الإطلاق (على سبيل المثال في انفجار) أو عادت مركبة إلى الغلاف الجوي بطريقة غير خاضعة للرقابة، فهناك احتمال للتلوث" على حد قولها.

أجرت بارمبي مقارنة مع تصميم سابق مختلف للدفع النووي في الفضاء يُعرف باسم الدفع النبضي النووي، والذي كان في الأساس "يحتوي على قنابل نووية لتوفير الدفع".

قالت بارمبي: "إن وجود أسلحة نووية في المدار له تداعيات جيوسياسية وعسكرية واضحة، وهو على الأرجح أحد الأسباب وراء عدم تطوير هذه التكنولوجيا بشكل أكبر".

في السياق ذاته، قال الصحفي المتخصص في العلوم والتكنولوجيا بريت تينجلي لـ TRT World إن مصدر القلق الرئيسي الآخر الذي أثاره الخبراء هو "التعرض للإشعاع المحتمل الذي ستختبره أطقم العمل بسبب قربه من مفاعل نووي عامل على متن أي مركبة فضائية NTR مستقبلية".

"ومع ذلك، فقد وجدت دراسات ناسا أن "تقديرات التعرض تتجاوز بكثير حدود التعرض الأساسية المسموح بها"، ولذلك فإن "استراتيجيات التخفيف من المخاطر، مثل تقنيات الحماية المتقدمة، والتدابير المضادة، وتقييمات المخاطر الفردية مهمة لإدارة هذه المخاطر المحتملة على رواد الفضاء في هذه المهمات".

القوة في الشراكة

NTP ليس مفهوماً جديداً للولايات المتحدة ولا التعاون بين ناسا و DARPA. أجريت آخر اختبارات محرك في البلاد منذ أكثر من 50 عاماً خلال برنامج تطبيق المحرك النووي للمركبات الصاروخية (NERVA)، والذي جرى إلغاؤه بسبب تخفيضات الميزانية وتوترات الحرب الباردة.

منذ ذلك الحين، لم تكن هناك برامج رئيسية جديدة تتطلب مثل هذه الاختبارات. الآن تقوم DRACO بتسخير أبحاث NERVA لتحسين التصميم والمواد والوقود المستخدم في أنظمة NTP.

وفي الوقت نفسه، لدى DARPA و NASA تاريخ طويل من التعاون بما في ذلك صاروخ Saturn V الذي نقل رواد الفضاء الأوائل إلى القمر.

قالت بارمبي: "كلتاهما وكالة حكومية كبيرة ولها نقاط قوة ونقاط ضعف، لذلك عندما يعملان معاً، يأمل المرء أن يجمعا بين نقاط قوتهما وليس نقاط ضعفهما".

بالإضافة إلى ذلك، أشارت "قوة الفضاء للولايات المتحدة" إلى دعمها لـDRACO بقصد توفير وسائل الإطلاق للمهمة التجريبية، حسب ما أشار لدودسون.

قبل عامين، وقّعت وكالة ناسا والقوة الفضائية للولايات المتحدة مذكرة تفاهم من خمس صفحات للتعاون رسمياً في مجموعة متنوعة من المجالات من رحلات الفضاء إلى الدفاع الكوكبي.

تشترك وكالة ناسا والجيش في تاريخ طويل يعود إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. قال رئيس عمليات الفضاء الجنرال جون رايموند للصحافة في ذلك الوقت، "القوة تكمن في شراكتنا".

لكن بارمبي تقول إنها "متشككة" بشأن هذا التعاون الأخير وإن الجدول الزمني لوكالة ناسا لـ "عرض تجريبي في الفضاء بحلول عام 2027" يبدو متفائلاً للغاية.

وأضافت "لقد جرى الإعلان عن العديد من البرامج الجديدة المتعلقة بالفضاء والتي لم تنجز أي شيء في النهاية". ولكنها استدركت بالقول "ومع ذلك، فإن DARPA لديها تاريخ في دعم الأفكار المبتكرة، لذلك أعتقد أنه يمكننا أن نكون متحمسين بحذر بشأن هذا الأمر".

بينما أصبح إرسال الإنسان إلى المريخ إحدى الأولويات الرئيسية لوكالات الفضاء الحكومية وكذلك شركات الرحلات الفضائية الخاصة. يحذر الخبراء من أنه لا يزال هناك الكثير من العمل في المستقبل لتأسيس وجود بشري حقيقي على الكوكب الأحمر.

ختمت بارمبي كلامها بتأكيد أن: "هناك فرقاً كبيراً بين إجراء عرض تجريبي في الفضاء وإرسال مركبة يمكنها نقل الإنسان". محذرة في الوقت ذاته من وجود العديد من المشكلات الأخرى المتعلقة بإرسال البشر إلى المريخ، والتي لا تزال بحاجة إلى حل.

TRT عربي
الأكثر تداولاً