وثائق سرية.. كيف خرقت فرنسا التزاماتها الدولية وزودت بوتين بالأسلحة؟ (EPA)
تابعنا

بينما بدت كل المواقف الغربية اليوم تقريباً موحدة في فرض عقوبات مشددة على روسيا وفرض حظر عليها في عديد من المجالات، العسكرية والاقتصادية وغيرها، على خلفية الهجوم العسكري الذي شنته على أوكرانيا منذ يوم 24 فبراير/شباط الماضي، فجّر موقع "ديسكلوز" الاستقصائي مؤخراً معلومات صادمة، عن استمرار فرنسا في تزويد روسيا بالمعدات العسكرية في الفترة بين عامي 2015 و2020، أي في الفترة التي كانت فُرضت فيها عقوبات أوروبية على موسكو، بسبب ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014.

أثارت القضية جدلاً واسعاً، وخصوصاً بتزامنها مع تصاعد حدة العمليات العسكرية في أوكرانيا وما تسببت فيه من أزمة إنسانية. وتساءل الكثيرون عما إذا كانت باريس تلعب دوراً مزدوجاً في علاقتها مع موسكو، وحول ما تمثله هذه الصفقات العسكرية من خرق لالتزاماتها الدولية.

رغم العقوبات الدولية.. فرنسا تسلح بوتين

كشف موقع "ديسكلوز" الاستقصائي، يوم الإثنين 14 مارس/آذار الجاري، استناداً إلى ما جاء في وثائق مصنفة على أنها "سرية-دفاعية" ومصادر مفتوحة، بأن فرنسا سلمت لروسيا معدات عسكرية في الفترة بين عامي 2015 و2020.

وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض منذ 1 أغسطس/آب 2014، حظراً على تصدير الأسلحة إلى روسيا، رداً على الحرب التي شنتها في دونباس وضم شبه جزيرة القرم في فبراير/شباط 2014.

ولكن كان لهذا القرار في ذلك الوقت استثناء يقضي بالسماح لهذه الدول ببيع الأسلحة التي سبق الاتفاق عليها في صفقات قبل هذا التاريخ.

وفي عام 2015، ونتيجة للضغوط الأمريكية والأوروبية، ألغى الرئيس الفرنسي آنذاك فرنسوا هولاند بيع سفينتين من طراز ميسترال إلى روسيا، لكن يبدو أن بقية عمليات التسليم استمرت منذ ذلك التاريخ في الخفاء.

ووفقا لوثائق "ديسكلوز" فقد أصدرت فرنسا منذ عام 2015 ما لا يقل عن 76 ترخيص تصدير لمواد حربية إلى روسيا، وقدر المبلغ الإجمالي لهذه العقود بنحو 152 مليون يورو.

وتتعلق هذه الصادرات، بشكل أساسي بالكاميرات الحرارية المخصصة لتجهيز أكثر من 1000 دبابة روسية، وكذلك أنظمة الملاحة وأجهزة الكشف بالأشعة تحت الحمراء للطائرات المقاتلة والمروحيات القتالية التابعة لسلاح الجو الروسي.

ويرى محللون وسياسيون غربيون، أن فرنسا طيلة سنوات زودت روسيا بأحدث التقنيات العسكرية و المعدات التي ساعدت في تحديث القوات البرية والجوية الروسية، والتي يمكن استخدامها اليوم في الهجوم على أوكرانيا.

ويؤكد على الصعيد ذاته، مسؤولون في المفوضية الأوروبية، أن ما فجره "ديسكلوز" من حقائق يكشف في الواقع أيضا تورط فرنسا في خرق الالتزامات الدولية، إذ إنها ملزمة باحترام "الموقف المشترك" لبلدان الاتحاد الأوروبي في عام 2008، والذي يمنع الدول الأعضاء تصدير الأسلحة التي من الممكن أن تؤدي إلى صراع مسلح، أو تؤدي إلى إطالة أمده.

ومع ذلك، لم تحترم فرنسا هذا الالتزام، واستمرت بتسليم روسيا الأسلحة والمعدات العسكرية حتى عام 2020.

روسيا تستخدم أسلحة فرنسية في أوكرانيا

رصدت وسائل إعلامية عديداً من المعدات العسكرية الفرنسية بحوزة القوات الروسية في هجومها العسكري على أوكرانيا.

وأظهر عديد من المقاطع المصورة على العديد من الجبهات في أوكرانيا، مشاركة دبابات من طراز T-72 و T-90 و T-80.. إضافة إلى أن الدبابات الروسية التي كانت في الخطوط الأمامية أثناء القتال، كانت مزودة بكاميرات حرارية عالية الدقة تحمل شعار Thales أو Safran.

ورُصد عديد من المروحيات والطائرات المقاتلة من طراز سوخوي Sukhoi SU-30 وهي تحلق فوق منطقة سومي، شمال شرقي أوكرانيا.

كما أن طائرات الهليكوبتر KA-52 كانت من أولى الطائرات التي حلقت فوق الأراضي الأوكرانية يوم بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير/شباط الماضي.

إضافة إلى الخوذات التي كانت مزودة بشاشات الأشعة تحت الحمراء والمناظير المخصصة للطيارين الروس، ونظام الملاحة المتطور الذي قدمته مجموعة Safran ويتيح لطياري القوات الجوية الروسية تحديد مواقعهم دون استخدام الأقمار الصناعية الأمريكية أو الأوروبية.

وبذلك، فقد أسهمت فرنسا، وفق خبراء ومحللين، بشكل كبير في تطوير وتسليح الجيش الروسي، الذي يخوض اليوم هجوماً عسكرياً في أوكرانيا، بينما كانت في الوقت ذاته تشدد على دعمها لسيادة أوكرانيا واستقلالها، وتدعو إلى التفاوض والحل السلمي بيعدا عن معادلة السلاح والحرب.

فرنسا تدافع عن التزامها العقود

أكدت وزارة الدفاع الفرنسية ما جاء في وثائق "ديسكلوز"، ولم تنكر استمرارها في تصدير الأسلحة إلى روسيا حتى عام 2020.

وكتب المتحدث باسم وزارة الدفاع في تغريدة على تويتر: "فيما يتعلق بصادرات المعدات العسكرية، تحترم فرنسا التزاماتها الدولية. وتطبق بشكل صارم الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة إلى روسيا في عام 2014 ، بعد ضم شبه جزيرة القرم. و سمحت فرنسا بتنفيذ بعض العقود المبرمة منذ عام 2014 بموجب ما يسمى شرط الجد".

وتابع المتحدث "يُظهر التقرير المقدم إلى البرلمان بشأن صادرات الأسلحة في عام 2021 أنه منذ عام 2014 ، انخفض حجم تسليم المعدات إلى روسيا كل عام ، ليقترب من الصفر في عام 2020. وهذا يتوافق مع الإلغاء التدريجي لهذه العقود. لم تُبرم عقود جديدة مع روسيا منذ عام 2014. ولم تُسلم شحنات إلى روسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا".

TRT عربي