"يناير أسود" أمام ماكرون.. تَعرَّف برنامج الإضرابات العمالية المكثفة في فرنسا / صورة: AP (Daniel Cole/AP)
تابعنا

قرّر الأطباء في فرنسا تمديد إضرابهم لأسبوع إضافي، احتجاجاً على ظروف عملهم السيئة ومطالبة برفع الأجور. وقالت مجموعة "أطباء من أجل الغد" الفرنسية في بيان يوم الاثنين، إن الإضراب سيستمر خلال الأسبوع الممتدّ من 2 إلى 8 يناير/كانون الثاني الجاري، مع تنظيم مسيرة احتجاجية في العاصمة باريس الخميس المقبل.

وشهدت نهاية السنة إضرابات واسعة في قطاع النقل في فرنسا، مما أدّى إلى اضطراب في الرحلات تزامناً مع موسم الأعياد والعطل. وحسبما أعلنت النقابات، ستمتد هذه الموجة الاحتجاجية العمالية طوال يناير الجاري، وستشمل عمال قطاعات أخرى.

وتعتزم حكومة ماكرون خلال سنة 2023 طرق عدة نقاط حساسة للعمال ونقاباتهم، على رأسها تمرير الإصلاح الجديد لصندوق التقاعد. ويُضاف هذا إلى الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها البلاد، وتوقعات استمرار الركود الاقتصادي وارتفاع مستويات التضخم، بما يعد بسنة احتجاجية مشتعلة.

من الأطباء إلى المدرسين

بدأ الأطباء إضرابهم الجماعي في فرنسا يوم 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بهدف المطالبة بمضاعفة رسوم الاستشارة الأساسية للأطباء العامّين من 25 يورو (26 دولاراً) إلى 50 يورو (53 دولاراً)، بالإضافة إلى تحسين ظروف عملهم عموماً.

وحسب دومينيك مارفيل عضو حركة "أطباء الغد"، فإنه "منذ ثلاثين عاماً النظام الصحي آخذ في التدهور. وارتأينا أن النقابات التاريخية فشل في العمل من أجل الطب الحر، وهو ما دفعنا إلى أخذ زمام الأمور بأيدينا وأن نتحد معاً ونعمل على قطاع الطب الحر".

وأضافت الطبيبة الفرنسية: "إعادة تقييم التعريفة هي بالفعل أحد مطالبنا الرئيسية. نحن بحاجة إلى هذه الزيادة حتى نتمكّن من تعيين موظفين وسكرتيرات ومساعدين طبيين يسمحون لنا بتفويض المهامّ الإدارية إليهم، التي تمثّل ما يقرب من 20-25% من وقتنا (...). نحن غارقون في المهام الإدارية، لذلك نريد تفويض ذلك الوقت من أجل زيادة وقتنا الطبي مع مرضانا".

ليس الأطباء وحدهم من يقود إضرابات خلال شهر يناير الجاري، بل عدد من مجموعات عمال النقل في مدن كديجون وإكس أون بروفانس ومونبولييه. هذا إضافة إلى عمال البريد في مدينة بوردو، الذين يستمر إضرابهم منذ 2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كما يستمر إضراب عمال النقل السككي، الذين ينادون بزيادة الأجور وصرف دعم لمواجهة ارتفاع مستويات التضخم.

وفي 17 يناير الجاري ينوي موظفو قطاع التعليم الدخول في إضراب جديد، يطالبون الحكومة من خلاله بزيادة الأجور وإلغاء إصلاحها لصندوق التقاعد، وضد قرار وزارة التعليم إلغاء نحو 801 منصب ما يكرّس ظروف العمل السيئة التي سبق أن ندّد بها المعلمون والمعلمات في فرنسا.

"يناير أسود" أمام ماكرون!

ويتوعّد فرنسا خلال عام 2023 موجة احتجاجات عمالية قوية، محرّكها الرئيسي الظرف الاقتصادي العسير الذي تمر به البلاد، مع توقع ركود كبير يصيب اقتصادها تزامناً مع استمرار ارتفاع مستويات التضخم.

حسبما أفاد البنك المركزي الفرنسي، يُتوقع أن تتباطأ الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي بحدة، من 2.6% عام 2022 إلى 0.3% عام 2023، وفقاً السيناريو "الأكثر احتمالاً" للتوقعات الاقتصادية العامة للسنوات الثلاث المقبلة. وسيتبع هذا الانخفاض ارتداد إلى 1.2% عام 2024، أقل من 1.8% المتوقَّعة سابقاً، بما سينعكس اجتماعياً بارتفاع نسبة البطالة، التي ستفوق 8% خلال هذه الفترة.

هذه الظروف مجتمعةً جعلت صحفيي قناة "فرانس5" يخلصون إلى أن "شهر يناير أسود" يترصد رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون وحكومته. وقالت القناة في تقريرها إن "التضخم مستمر في تقويض المحفظة (القدرة الشرائية) الفرنسية. وفي مقاصف المدارس يتزايد إلغاء اشتراك الطلاب. وقد ناشدت هذه المطاعم المساعدة لتكون قادرة على الاستمرار في تقديم 3.2 مليون وجبة في اليوم والتعامل مع ارتفاع أسعار الطاقة".

وأشارت "فرانس5" إلى أن من المتوقع أن تتصاعد وتيرة الاحتجاجات العمالية بعد تاريخ 10 يناير، المتوقَّع أن تطرح فيه الحكومة مشروعها لإصلاح صندوق التقاعد. قبل أن تطرح أسئلة: "هل سيكون عام 2023 عام اضطراب سياسي في فرنسا؟ كيف يمكن للسلطات المحلية مساعدة سكانها في مواجهة التضخم؟".

وفي ذات سياق إصلاح صندوق التقاعد، الذي تعهد الرئيس ماكرون خلال خطاب تمنياته لنهاية السنة بأن "تكون 2023 سنة إصلاح ذلك النظام"، تتوعد النقابات بمواجهة القرار بتصعيد احتجاجي. وفي بيان أخير لها، دعت نقابة "الاتحاد العام للشغل" الفرنسية لبدء التحرك لإبطال المشروع، متوعدة الحكومة بموجة احتجاجات وإضرابات قد تطال كل قطاعات العمل.

TRT عربي