موجة جديدة من الكوليرا تضرب اليمن وسط استمرار المعارك (AFP)
تابعنا

على وقع ويلات الحرب التي لم تنته منذ سنوات، يواجه اليمنيون موجة جديدة من وباء الكوليرا، تجتاح عدداً من المحافظات، خاصة تلك الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي كالعاصمة صنعاء التي كان لها النصيب الأكبر من المعاناة.

ورغم هذه المأساة الإنسانية التي تعصف باليمنيين، لا زال فرقاء الحرب غير متفقين على وقف إطلاق النار الذي أقره اتفاق السويد، حيث لا زالت جماعة الحوثي تهدد باستهداف الرياض وأبو ظبي في الوقت الذي لم تتوقف فيه قوات التحالف عن عملياتها العسكرية.

وبعيداً عن الصراعات السياسية والمعارك العسكرية، تكتظ مستشفيات صنعاء ومحافظات أخرى بالمرضى المصابين بالكوليرا، وسط تحذيرات من اتساع رقعة المرض، إذا لم تُتخَذ تدابير صحية عاجلة تحول دون ذلك، خاصة مع قدوم موسم الأمطار الذي قد يؤدي إلى انتشار أوسع للأوبئة.

كارثة إنسانية

تأتي موجة الكوليرا الجديدة بعد 3 موجات سابقة اجتاحت اليمن منذ 2017، في وقت تعاني فيه البلاد من تدهور حاد في الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي جراء الحرب المستمرة التي ألحقت خسائر فادحة بالبنى التحتية.

ومع استمرار تفشي الوباء واستقبال المستشفيات لأعداد كبيرة من المصابين، وصف الوضع الصحي بالكارثي، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تفشي أمراض أخرى لكن بوتيرة انتشار أقل مثل الدفتيريا والحصبة والسرطان والفشل الكلوي.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثيين في صنعاء، يوسف الحاضري، لوكالة الأناضول، إن وباء الكوليرا أصاب أكثر من 82 ألف شخص منذ بداية عام 2019، في حين تم تسجيل وفاة 125 حالة بالوباء ذاته خلال الفترة ذاتها.

وأضاف أن "الوضع الصحي أصبح كارثياً، فالمستشفيات تكتظ بالمصابين مع وجود عجز في الاستجابة العاجلة لتفشي المرض، بسبب ضعف الإمكانيات جراء استمرار عمليات التحالف بقيادة السعودية والحصار المفروض على اليمن".

من جهتها قالت حنان المغربي، وهي ممرضة تعمل في قسم مكافحة الكوليرا بمستشفي السبعين وسط صنعاء إنه منذ أواخر شهر فبراير/شباط الماضي، ازدادت حالات المصابين بوباء الكوليرا بشكل كبير.

وأضافت "منذ ذلك الوقت استقبل مستشفى السبعين وحده من 60 إلى 70 حالة إصابة بالوباء يومياً خلال ساعات النهار"، لافتةً إلى تزايد هذا العدد.

مأساة قاتلة

سجلت تقارير منظمة الصحة العالمية، وفاة 166 حالة بوباء الكوليرا في مختلف أنحاء اليمن، منذ بداية عام 2019، مع رصد أكثر من 97 ألف إصابة بالوباء ذاته خلال الفترة نفسها.

وتصدرت محافظة إب وسط البلاد المحافظات من حيث عدد الوفيات بـ33 حالة، تلتها محافظة ريمة بـ26 حالة، في حين جاءت محافظة ذمار ثالثة، بواقع 20 حالة وفاة، حسب المنظمة ذاتها.

والكوليرا مرض يسبب إسهالاً حاداً يمكن أن يودي بحياة المريض خلال ساعات إذا لم يلتق العلاج، والأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية، وتقل أعمارهم عن 5 سنوات، معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يمكن علاج الكوليرا بنجاح من خلال محلول لمعالجة الجفاف يتناوله المريض بالفم، وتحتاج الحالات الحرجة لعلاج سريع بسوائل وريدية ومضادات حيوية.

وتقول تقديرات سابقة للصحة العالمية، إن 17.8 مليون يمني من أصل نحو 28 مليون بحاجة للحصول على المياه الآمنة والإصحاح البيئي، مع وجود 19.7 مليون يفتقرون لخدمة الرعاية الصحية.

كوليرا الحرب

يشهد اليمن، منذ نحو 4 سنوات، حرباً مستمرة منذ قرابة الخمس سنوات دون جدوى في الحل، حتى الهدنة الأممية الأخيرة تم خرقها من طرفي النزاع.

وجددت الأمم المتحدة، تأكيدها ضرورة دعم الأطراف المعنية كافةً العملية السياسية التي يقودها مبعوث المنظمة الدولية الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، بغية التوصل إلى حل سلمي للأزمة.

وفي وقت سابق، أعلن المبعوث الأممي مارتن غريفيث عن عدم احترام اتفاق الحديدة الموقع في السويد من الطرفين.

وتواصل جماعة الحوثي تهديدها المتواصل للحكومة اليمنية والدول التي تدعمها عسكرياً، حيث أكدت أنها عززت قدراتها الصاروخية وأن قواتها مستعدة لمهاجمة الرياض وأبو ظبي في حالة انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال العميد يحيى سريع المتحدث باسم قوات الحوثيين لتلفزيون محلي إن الجماعة لديها "مخزون من الصواريخ" وبإمكانها قصف السعودية والإمارات في الوقت الذي تحدده القيادة العسكرية.

في المقابل، يتهم التحالف الحوثيين بانتهاك الاتفاق الموقع في ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول لأنهم لم ينسحبوا من ميناء الحديدة وهي الخطوة الأولى في خطة السلام.

وكان الطرفان قد اتفقا على وقف إطلاق النار وسحب القوات من الحديدة وتبادل الأسرى وإعادة فتح ممر إنساني لمساعدة ملايين اليمنيين الذين يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء وتولي مراقبين دوليين مهمة الإشراف على مجريات الأمور.

بلغ الوضع الإنساني في اليمن مستويات غير مسبوقة من التردي، خاصة مع انتشار مرض الكوليرا، الذي يصيب مواطناً كل ساعة

رئيس منظمة سام الإغاثية - توفيق الحميدي

وقال رئيس منظمة سام الإغاثية في اليمن توفيق الحميدي لـTRT عربي إن "الأزمة الإنسانية تعد من أهم نتائج الأزمة السياسية العسكرية في البلاد".

وأضاف "بلغ الوضع الإنساني في اليمن مستويات غير مسبوقة من التردي، خاصة مع انتشار مرض الكوليرا، الذي يصيب مواطناً كل ساعة، فبحسب الإحصائيات الأممية تسبب المرض في أكثر من 390 ألف حالة مرضية مشتبه فيها".

وأشار إلى أن المستشفيات عاجزة عن التصدي للمرض، بسبب ضعف الإمكانيات، وتعرضها للقصف، إضافة إلى الحصار المفروض على عدة مدن".

وأكد أن استجابة منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للأزمة الإنسانية في اليمن ليست بالمستوى المطلوب، وغير متناسبة مع حجم الوضع الإنساني، الذي "يستوجب تحركاً استثنائياً وعاجلاً".

وفاة 166 حالة بوباء الكوليرا في مختلف أنحاء اليمن منذ بداية عام 2019 (AFP)
 الكوليرا تعود لأطفال اليمن بسبب الأوضاع الغذائية والمعيشية المتردية (AFP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً