صرف وزراء المالية الأوروبيون النظر عن اقتراح مشترك قدمته إيطاليا وإسبانيا وفرنسا يهدف إلى إنشاء أداة اقتراض مشتركة (Reuters)
تابعنا

مع تصاعد أزمة وباء كورونا وازدياد عدد الوفيات والإصابات حول العالم، وتوسُّع تأثير الفيروس على قطاعات متعددة بخاصة في القارة الأوروبية، عقد وزراء المالية الأوروبيون اجتماعاً بالعاصمة البلجيكية بروكسل مساء الخميس، للبحث في التداعيات الاقتصادية للوباء ووسائل مواجهتها.

خلال الاجتماع صرف الوزراء النظر عن اقتراح مشترك قدمته إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، يهدف إلى إنشاء أداة اقتراض مشتركة بضمان من التكتّل بأسره، يطلق عليه اسم "سندات كورونا" أو "كورونا بوند"، من شأنها جمع أموال من أجل التعافي الاقتصادي بعد انتهاء أزمة وباء كورونا العالمي.

لكن ألمانيا العضو الأقوى في الاتحاد الأوروبي، رفضت الموافقة على هذا الاقتراح الثلاثي الذي تقرّر وضعه للدراسة، تحت إشراف قادة الاتحاد الأوروبي الذين سيجتمعون في وقت لاحق من هذا الشهر.

لكن اجتماع القادة الأوروبيين من جانب آخر، انتهى على "وقع تصفيق الوزراء". هذا ما وصفه المتحدّث باسم رئيس مجموعة "يوروغروب" في تغريدة على تويتر. بعد أن أقر وزراء المالية الأوروبيون في الاجتماع ذاته، خطّة إنقاذ ضخمة بقيمة 500 مليار يورو لمساعدة الدول الأعضاء الأكثر تضرّراً من فيروس كورونا، على التصدّي لتداعيات الوباء.

في حين رحّب وزير المالية الفرنسي برونو لومير بإقرار الخطة، معتبراً أنّ الاجتماع أفضى إلى "اتفاق ممتاز" ينصّ على "إتاحة 500 مليار يورو في الحال"، معتبراً أن الاتفاق يمثل "يوماً مهماً للاتحاد الأوروبي".

أما وزير المالية الألماني أولاف شولتز، فقد رحب بالاتفاق، معتبراً أنه يمثّل "يوماً عظيماً للتضامن الأوروبي".

وأضاف في تصريح مقتضب بُثّ عبر تويتر، أن "من المهم أن نقدّم جميعاً استجابة مشتركة تتيح لدولنا تجاوز التحديات الصحية وكذلك التحديات الاقتصادية" الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ الذي يتفشّى بقوة في القارة العجوز.

هولندا توافق

وتوصّل الوزراء إلى هذا الاتّفاق بعدما خفّفت هولندا من تصلّبها بشأن مطالبتها بربط أي مساعدة مالية تحصل عليها أي دولة بالتزامها إجراء إصلاح اقتصادي وموافقتها على إخضاع هذه المساعدة لرقابة خارجية.

وعطلت هولندا التوصّل إلى اتفاق قبل يومين بإصرارها على موافقة إيطاليا أو أي دولة أخرى محتاجة إلى المساعدة، على القيام بالإصلاحات المطلوبة في مجال الحكومة، وهو طلب رفضته روما معربة عن صدمتها لوضع مثل هذا الشرط في خضمّ أزمة صحية.

ونص البيان الختامي للاجتماع بشكل واضح على أن حزمة الإنقاذ ستخصص بشكل رئيسي للتكاليف الناجمة عن وباء كوفيد-19 الذي أودى بحياة أكثر من 65 ألف شخص في القارة العجوز.

وبلغت قيمة الحزمة التي أقرّها الوزراء الخميس 500 مليار يورو (546 مليار دولار)، وهو مبلغ يعتبره خبراء عديدون أقلّ بكثير ممّا يحتاج إليه الاقتصاد الأوروبي للعودة إلى النمو عندما تنتهي هذه الأزمة الصحية.

عواقب اقتصادية

على الرغم من التحرك الأوروبي والعالمي لمحاولة احتواء أزمة الوباء وانعكاساته السلبية على اقتصادات الدول، فإن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا حذرت الخميس، من أن العواقب الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا العالمي (جائحة كوفيد-19) "ستكون الأسوأ منذ الكساد الكبير" عام 1929، مشيرة إلى أن أكثر من 170 دولة من أصل 189 دولة عضواً في صندوق النقد الدولي، ستشهد انكماشاً في دخل الفرد لديها.

وقالت جورجييفا من دون أن تعرض أرقاماً محددة، إن "النمو العالمي سيصبح بالضرورة سلبياً في 2020".

مضيفة في كلمة ألقتها قبل اجتماعات صندوق النقد الدولي التي ستعقد الأسبوع المقبل عبر الفيديو، "قبل ثلاثة أشهر ليس إلا، كنا نتوقع ارتفاعاً في دخل الفرد في 160 من البلدان الأعضاء في خلال 2020. أما اليوم، فنحن نتوقع أن يواجه أكثر من 170 بلداً انكماشاً في دخل الفرد".

ويتوقع الصندوق "في أحسن الأحوال"، "تعافياً جزئياً للاقتصاد في عام 2021" شريطة أن يُحتوى الوباء في النصف الثاني من هذا العام، وأن يكون بالإمكان رفع تدابير العزل للسماح بإعادة فتح المتاجر والمطاعم وانتعاش السياحة والاستهلاك.

رفع تدابير العزل وأثره الإيجابي على الاقتصاد

مع تراجع نسب الوفيات في أوروبا بخاصة في إسبانيا التي سجلت 683 وفاة الخميس، مقارنة بـ757 وفاة الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن بلاده تقترب من تجاوز المرحلة الأسوأ من أزمة تفشي فيروس كورونا، وذلك قبيل إعلان موافقة وزراء مالية الاتحاد الأوروبي على تقديم حزمة الإنقاذ، بقيمة 500 مليار يورو.

وتزامن تصريح رئيس الوزراء الإسباني مع تصريح آخر لوزير الصحة الألماني ينس شبان، الذي أشار إلى إمكانية "عودة تدريجية إلى الوضع الطبيعي بعد عيد الفصح" إذا استمر الاتجاه الإيجابي الحالي في أعداد الوفيات والمصابين.

فيما أشار رئيس الحكومة الإيطالي جوسيبي كونتي إلى إمكانية تخفيف بعض التدابير الاحترازية قائلاً: "نحتاج إلى اختيار القطاعات التي يمكنها استئناف نشاطها، وإذا أكد العلماء ذلك فقد نشرع في تخفيف بعض التدابير بالفعل بحلول نهاية الشهر الجاري".

في السياق ذاته، حذرت منظمة الصحة العالمية الدول الأوروبية من تخفيف إجراءات مواجهة فيروس كورونا، مع تسجيل القارة الأوروبية، الأكثر تضرراً على مستوى العالم، 750 ألف إصابة، وفشل وزراء مالية الدول الأوروبية على حد وصف منظمة الصحة، في صياغة مشروع قرار مالي متكامل لاحتواء الفيروس وتبعاته الاقتصادية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً