الفحم والخشب يشهدان إقبالاً كبيراً من سكان أوروبا كبديل للتدفئة خلال فصل الشتاء (Oli Scarff/AFP)
تابعنا

ارتفعت أسعار الغاز والنفط في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أوروبا التي تعتمد بشدة على الغاز الروسي للصناعة والتدفئة خلال الشتاء، وذلك منذ انطلاق الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، وفرض الغرب مجموعة من العقوبات على واردات الطاقة من روسيا.

ووفق تقرير في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، لجأ الكثيرون إلى مواقد الفحم والأخشاب كوسائل بديلة للتدفئة في الشتاء، وارتفع بذلك الطلب عليها مما أدى إلى فقدانها من السوق، فيما سُجّلت عدة حالات لسرقة الأخشاب.

ويسود القلق المواطنين في ألمانيا، من العجز عن دفع إيجار منازلهم، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، ناهيك عن ارتفاع أسعار الغذاء والأدوية، بسبب "أسوء نوبة تضخّم" تشهدها البلاد منذ سبعينات القرن الماضي.

وفي جميع أنحاء أوروبا، فإن استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لصادرات الغاز الطبيعي كسلاح لمعاقبة الغرب على فرض عقوبات على روسيا، يُلقي قنبلة على المستهلكين في بعضٍ مِن أغنى البلدان على وجه الأرض، وفقاً للصحيفة.

وشهدت الدول التي تضررت أكثر من غيرها، بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا، زيادات سنوية على دافعي الضرائب وصلت إلى 210%، في وقت يحذّر فيه مسؤولون ومحللون من احتمال التقنين وانقطاع التيار الكهربائي في الشتاء.

وفي بريطانيا، يتخلّى السكان الذين يعانون ضائقة مالية عن الحيوانات الأليفة، بينما تحذّر المدارس من أن ارتفاع تكاليف الطاقة يعني أنهم لم يعودوا قادرين على تحمّل تكاليف الكتب المدرسية الجديدة.

أما في بولندا، يدرس المسؤولون توزيع أقنعة مكافحة الدخان، حيث يفكر البولنديون في حرق القمامة للتدفئة في الشتاء.

في حين ينفض سكان برلين الغربية في ألمانيا، الغبار عن أفران الفحم والأخشاب، التي كانت ذات يوم بمثابة تأمين ضد الروس الذين كانوا يستهدفون إمدادات الطاقة خلال الحرب الباردة.

وتعاني العديد من الدول الأوروبية ندرة وارتفاعاً في أسعار الحطب، واللصوص الذين يستغلون ذلك، ويسرقون جذوع الأشجار من سيارات "البيك أب". ويُنشئ المحتالون مواقع إلكترونية مزيفة، متظاهرين بأنهم بائعو أخشاب لخداع المستهلكين اليائسين. وبيعت أفران الحطب في العديد من البلدان بالكامل تقريباً.

"الحطب هو الذهب الجديد"، هكذا قال فرانز لونينجهاكي (62 عاماً)، من بريمن في ألمانيا، الذي لديه طلبات مسبقة على أفران حرق الأخشاب، ويتوقع أن تصل فاتورة الطاقة العام المقبل إلى 4500 دولار، ارتفاعاً من 1500 دولار في 12 شهراً حتى مايو/أيار الماضي.

وفي السياق ذاته، قال نوربرت سكروبيك، عامل تنظيف المداخن في برلين، إنه شهد زيادة في الطلب، مع تجديد سكان برلين للمواقد القديمة وتركيب أخرى جديدة.

ويخشى سكروبيك أن يؤدي إقبال السكان المحليين على شراء أجهزة تدفئة متنقّلة إلى تسريبات خطيرة لأول أكسيد الكربون إذا رُكّبت أو استُخدمت بشكل غير صحيح.

وتسعى الدول الأوروبية جاهدة لخفض الاستهلاك، وملء الاحتياطيات والبحث عن بدائل للغاز الطبيعي الروسي، وكل ذلك في الوقت الذي تعهّدت فيه بتقديم مساعدات مالية بقيمة مئات المليارات من الدولارات للمستهلكين والشركات، لوقف النزيف الاقتصادي، وفقاً لما جاء بالواشنطن بوست.

وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، في نهاية شهر أغسطس/آب، إنه في أسوأ الظروف ربما يشهد الشتاء المقبل انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعتين عن البيوت الفرنسية، وسط أزمة طاقة واسعة النطاق تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.

وقالت بورن إن هذا الوضع يعود في جزء منه إلى تبعات الحرب الأوكرانية، وأيضاً إلى خطط إغلاق نحو نصف المفاعلات النووية الفرنسية البالغ عددها 56 لإجراء عمليات صيانة.

ويشار إلى أن فرنسا تعتمد على الطاقة النووية في توليد نحو 67% من احتياجاتها من الكهرباء، وعلى الغاز في توليد نحو 7%.

وأضافت بورن: "يعني ذلك أننا سنُنتج كهرباء أقل، وقد تكون هناك أوقات، خاصة إذا كان الجو شديد البرودة، قد نواجه فيها مشكلة في توفير الكهرباء. في مثل هذه الحالة، سنقطع بالتناوب الكهرباء عن حيٍّ تلو الآخر، لمدة لا تزيد على ساعتين".

وأوضحت أن مثل هذا القرار سيكون مدفوعاً بمجموعة من الظروف السيئة، منها قطع روسيا إمدادات الغاز، وفرض قيود على واردات الغاز الطبيعي المسال، وأن يكون الشتاء شديد البرودة.

وفي سياق متصل، أعلنت شركة الطاقة الروسية "غازبروم" الخاضعة لسيطرة الدولة في أغسطس/آب الماضي أنها ستعلّق جميع شحنات الغاز إلى شركة "إنجي" الفرنسية بسبب نزاع مالي.

ومن جانبها قالت إنجي إنها حصلت بالفعل على ما يكفي من الغاز للوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء.

وحددت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، في 8 سبتمبر/أيلول الجاري، أسعار فواتير الطاقة الاستهلاكية المرتفعة لمدة عامين، في إطار حزمة للحد من الصدمة الاقتصادية للحرب في أوكرانيا التي قد تكلّف نحو 150 مليار جنيه إسترليني (172 مليار دولار).

وفي الوقت الذي تواجه فيه بريطانيا ركوداً بسبب تضاعف فواتير الطاقة المنزلية تقريباً أربع مرات، حددت تراس أسعار الفواتير ووصفت ذلك بأنه "إجراء فوري جريء لحماية المستهلكين والشركات".

كما أعلنت تراس تحديد أسعار فواتير الطاقة لمدة عامين عند سقف 2500 جنيه إسترليني (أكثر من 2800 دولار) سنوياً للأسرة العادية، في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.

وقالت تراس التي كانت تتحدث أمام البرلمان إن أسعار الطاقة ستُحدد لمدة ستة أشهر للشركات.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً