الممثل المناوب للولايات المتحدة روبرت وود يستخدم "فيتو" بمجلس الأمن ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة. / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

انتقدت دول ومنظمات عربية وإسلامية، الولايات المتحدة لاستخدامها حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي، ضد مشروع قرار طالب بـ"الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية" في قطاع غزة الفلسطيني.

جاء ذلك إثر الفيتو الأمريكي خلال جلسة طارئة الجمعة للتصويت على مشروع القرار الذي قدمته الإمارات، وشارك فيه أكثر من 80 دولة بينها تركيا.

ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع القرار، بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض، وأيّد 13 عضواً من أعضاء المجلس الـ15 المشروع، مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت.

"وصمة عار"

من جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت، إن استخدام واشنطن حق النقض بمجلس الأمن لمنع قرار يدعو لوقف "فوري" لإطلاق النار في غزة، يعد "عدوانياً وغير أخلاقي"​​​​​​، وفق وكالة الأنباء الرسمية للبلاد.

بدوره، قال رئيس الوزراء محمد اشتية في بيانٍ إن إخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار لوقف العدوان في قطاع غزة بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض "وصمة عار ورخصة جديدة لدولة الاحتلال لمواصلة التقتيل والتدمير والتهجير".

وشدّد رئيس الوزراء الفلسطيني على أن "استخدام الفيتو يكشف أكذوبة الحرص على أرواح المدنيين".

الخارجية الفلسطينية، قالت في بيان، إنها "تنظر بخطورة بالغة إلى فشل مجلس الأمن الدولي، باتخاذ قرار وقف إطلاق النار الإنساني في قطاع غزة للمرة الثانية منذ بدء العدوان بسبب الفيتو الأمريكي".

وأكّدت الوزارة أن هذا "امتداد لازدواجية معايير دولية بائسة"، موجهة الشكر لمن تبنى القرار.

انتقادات متصاعدة

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان السبت إن "واشنطن ظلّت وحيدة" بخصوص تأييد مواصلة الحرب على غزة، وذلك تعليقاً على مشروع قرار وقف إطلاق النار، الذي اعترضت عليه الولايات المتحدة في مجلس الأمن.

وتعليقاً على الفيتو قال وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، في لقاء مع قناة PBS الأمريكية: "نختلف مع واشنطن بقرارها، ونشعر بخيبة أمل كبيرة لأن مجلس الأمن لم يتمكن من اتخاذ موقف حازم"، وفق ما نقلته قناة الإخبارية السعودية الرسمية.

من جانبه، انتقد وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي، عبر حسابه بمنصة "إكس"، الموقف الأمريكي قائلاً إن "استخدام حق النقض في مجلس الأمن يشكل إهانة مخزية للمعايير الإنسانية"، معرباً عن "أسفه لتضحية واشنطن بحياة المدنيين الأبرياء".

وأعربت الخارجية العمانية، في بيان، عن "أسفها ورفضها لانحياز الإدارة الأمريكية واستخدامها حق النقض"، داعية المجتمع الدولي لبذل كل الجهود لرفع الحصار عن غزة ووقف "الاعتداءات الإسرائيلية".

كما أبدى وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح في بيان، "أسف بلاده الشديد إزاء استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ضد مشروع القرار"، مؤكداً أن "إطلاق النار وحماية المدنيين في قطاع غزة مطلب إنساني مُلِح لا مناص من تحقيقه، وبالسرعة الممكنة".

كما أعرب وفد وزاري عربي وإسلامي السبت عن "امتعاضه" من استخدام الولايات المتحدة حق النقض خلال جلسة مباحثات رسمية عقدها مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في العاصمة واشنطن، وفق بيان للخارجية السعودية.

"الفيتو القبيح"

وفي معرض إدانته الشديدة واحتجاجه على الفيتو الأمريكي، قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم: "باسم الحكومة الماليزية، أدين بشدة وأحتج على استخدام الولايات المتحدة الفيتو على مشروع قرار لوقف إطلاق نار إنساني عاجل في غزة".
كما عبر عن أسفه الشديد جراء الفيتو "القبيح"، لتغاضيه عن رؤية صرخات ومناشدات المجتمع الدولي.
بدوره، قال متحدث وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، "أثبتت الحكومة الأمريكية مرة أخرى أنها الفاعل والعامل الرئيسي في قتل المدنيين والمواطنين الفلسطينيين، وخاصة النساء والأطفال، وتدمير البنية التحتية الحيوية في غزة"، حسب وكالة (إرنا) المحلية الرسمية.
وأضاف كنعاني: "منذ بداية الغزو الوحشي للنظام الصهيوني، الذي يقتل الأطفال بغزة، أثبتت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً تحالفها وتعاونها مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي في ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية ضد الأمة الفلسطينية".

من جانبها أعربت باكستان عن خيبة أملها العميقة لفشل مجلس الأمن الدولي مجدداً في الدعوة إلى وقف إطلاق النار بغزة، حتى في مواجهة المأساة الإنسانية "ذات الأبعاد الملحمية" التي تحدث في القطاع المحاصر.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية، في بيان: "رغم تفعيل الأمين العام للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة وتحذيراته من كارثة إنسانية في غزة، فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فشل في أداء مسؤوليته الأساسية في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين"، حسب قناة "جيو نيوز" المحلية.

وشدد أعضاء اللجنة الوزارية على "مطالبتهم الولايات المتحدة بتحمل مسؤولياتها واتخاذ ما يلزم من إجراءات لدفع الاحتلال الإسرائيلي نحو الوقف الفوري لإطلاق النار".

وترأس وفد اللجنة الوزارية وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بمشاركة نظرائه التركي هاكان فيدان، والقطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، والأردني أيمن الصفدي، والمصري سامح شكري، والفلسطيني رياض المالكي، وفق البيان السعودي

"خيبة أمل"

على مستوى المنظمات والحركات، أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه في بيانٍ عن خيبة أمله واستنكاره لإخفاق مجلس الأمن الدولي في التصويت لصالح قرار حاسم بوقف إطلاق النار.

وأشاد طه، بمواقف جميع الدول التي دعمت مشروع القرار في مجلس الأمن الدولي، مجدداً تأكيد ضرورة مواصلة الجهود لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار.

وأشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في تغريدة، بالدول التي دعمت القرار، مؤكداً أن "مجلس الأمن منع للأسف من اتخاذ الموقف السياسي الأخلاقي الصحيح لوقف هذا العدوان الجنوني".

فيما أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق في بيانٍ أن عرقلة الولايات المتحدة لوقف الحرب بغزة "مشاركة مباشرة لإسرائيل في قتل أبناء الشعب الفلسطيني"، معرباً عن إدانته للفيتو.

أما منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 عضواً، فقالت في بيان إن أمينها العام "حسين إبراهيم طه، أعرب عن خيبة أمله واستنكاره لفشل مجلس الأمن الدولي في التصويت لصالح قرار حاسم لوقف إطلاق النار في غزة".
وأضاف طه، أن "هذا الفشل ينعكس سلباً على دور مجلس الأمن الدولي في حفظ السلم والأمن الدوليين، وحماية المدنيين الأبرياء، ووضع حد للوضع الإنساني المتدهور نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

بدورها، أكّدت جماعة الإخوان المسلمين في بيانٍ أن إفشال الولايات المتحدة قرار وقف إطلاق النار بغزة "يعد إعلاناً واضحاً لشراكتها في كل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال من قتل الأطفال والمدنيين والاعتداء على الممتلكات وهدم البنية التحتية لقطاع غزة".

إسرائيل تعتزم "تكثيف الضغط العسكري"

وفي ظل كل هذه الإدانات والانتقادات، أكدت إسرائيل السبت، عزمها على "تكثيف الضغط" في هجومها على حركة حماس في قطاع غزة، غداة استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي.

وشنّ الجيش الاسرائيلي عشرات الغارات الجوية على مناطق خان يونس ورفح في جنوب القطاع، إحداها في جوار خيم لنازحين في منطقة المواصي.

وسجّلت أيضاً معارك شرسة السبت في خان يونس ومدينة غزة وفي جباليا بين الجيش الاسرائيلي ومقاتلي حماس.

ودعا قائد الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي السبت، إلى "تكثيف الضغط" العسكري على حماس.

وتعد هذه المرة الثانية التي تستخدم فيها واشنطن الفيتو ضد مشروع قرار بمجلس الأمن بشأن غزة، إذ استخدمته لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ضد مشروع قرار بالمجلس قدمته البرازيل، ويطالب بهدنة إنسانية في القطاع.

وحصل القرار حينها على 12 صوتاً مؤيداً، مقابل صوت واحد رافض، وامتناع روسيا والمملكة المتحدة عن التصويت.

والجمعة، طالب مشروع القرار بالوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وكرر مطالبته جميع الأطراف بأن تمتثل لالتزاماتها موجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وبخاصة فيما يتعلق بحماية المدنيين.

كما طالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع "الرهائن"، وبضمان وصول المساعدات الإنسانية.

ويشنّ الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى مساء الجمعة، 17 ألفاً و700 شهيد، 70% منهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى 48 ألفاً و780 جريحاً، فضلاً عن دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، حسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً