تأتي هذه العمليات العسكرية في وقت تستعد فيه قوات الاحتلال للبقاء لفترة طويلة في المنطقة، مشيرةً إلى استخدام تكتيكات مشابهة لتلك التي شهدتها غزة.
ومنذ بداية العملية العسكرية، نزح نحو 40 ألف فلسطيني على الأقل من جنين ومدينة طولكرم المجاورة. وبدأت هذه الحملة العسكرية بعد يوم واحد فقط من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد 15 شهراً من اندلاع الحرب.
ووصف بشير مطاحن، المتحدث باسم بلدية جنين، ما يحدث في المخيم بأنه مشابه "لما جرى في جباليا شمالي غزة"، حيث دُمِّرت مئات المنازل وأحرقت أخرى. وأكد أن المخيم أصبح غير صالح للسكن مع استمرار الهجوم الإسرائيلي على المنطقة. وأضاف أن 12 جرافة إسرائيلية تعمل على تجريف أحياء بأكملها في المخيم.
وحسب مطاحن، فقد شوهدت فرق الهندسة العسكرية الإسرائيلية وهي تستعد للبقاء لفترة طويلة في المنطقة، حيث أحضرت خزانات مياه ومولدات كهربائية.
في المقابل، لم يُصدر جيش الاحتلال بياناً رسمياً حتى اللحظة. ورغم ذلك أمر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، القوات بالاستعداد لإقامة طويلة في المنطقة، مشيراً إلى أن المخيمات جرى إخلاؤها لـ"عام قادم"، ولن يُسمح للسكان بالعودة.
وتعليقاً على العملية، قال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، إن العملية العسكرية في الضفة الغربية تشبه الأساليب المستخدمة في غزة، إذ هُجِّر آلاف الفلسطينيين بشكل منهجي. وأضاف: "نطالب الإدارة الأمريكية بإجبار إسرائيل على وقف عدوانها في الضفة الغربية وتثبيت وقف إطلاق النار في غزة".
وتُعد العملية العسكرية، التي بدأت قبل شهر في شمال الضفة الغربية، واحدة من كبرى العمليات التي شهدتها المنطقة منذ الانتفاضة الثانية قبل أكثر من 20 عاماً. وتشارك فيها عدة ألوية من القوات الإسرائيلية، مدعومةً بطائرات مسيَّرة وطائرات هليكوبتر، وللمرة الأولى منذ عقود، دبابات ثقيلة.
وفي تصريح له، قال مايكل ميلشتين، المسؤول السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، إن هناك عملية إخلاء واسعة النطاق للسكان في مخيمي نور شمس وجنين، مشيراً إلى أنه لم يشهد مثل هذه الخطوة من قبل. وأضاف أنه لا يمكن تحديد الاستراتيجية العامة وراء هذه العمليات، لكن من الواضح أن هناك تحركاً واسعاً لتدمير المخيمات.
من جانبها، أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن النزوح الواسع في المخيمات الفلسطينية يثير قلقاً كبيراً، لكنها لم تذكر تفاصيل حول ما وصفتها بـ"النيات" الإسرائيلية تجاه تلك المخيمات.
وتسوّغ إسرائيل بأن العملية العسكرية تستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية. ومع مرور الوقت، بدأ الفلسطينيون يؤمنون بأن الهدف الحقيقي من هذه العمليات هو التهجير الدائم للسكان من خلال تدمير المنازل وجعل قضية العودة مستحيلة.
وفي إطار الضغوط السياسية المتزايدة، يُلاحظ أن هناك دعوات متزايدة من اليمين الإسرائيلي المتطرف لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهو ما يثير قلقاً على المستوى الدولي. في حين تواصل حكومة الاحتلال سياستها العسكرية في المنطقة رغم التحذيرات الدولية من التصعيد المستمر.
تجدر الإشارة إلى أن العمليات العسكرية شمالي الضفة الغربية توسعت بعد تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين اعتداءاتهم في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، منذ بدء الإبادة في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 923 فلسطينياً، وإصابة نحو 7 آلاف شخص، واعتقال 14 ألفاً و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.