يتربع على عرش مضيق إسطنبول الذي يقسم المدينة لشطرين آسيوي وأوروبي، وتدور في فلكه السفن والقوارب حاملة الزوار القادمين إليه من مختلف بقاع الأرض.
ويقع برج الفتاة على بعد نحو 200 متر من ساحل منطقة أسكودار في القسم الآسيوي من إسطنبول، ويُعَدّ من أبرز وأجمل معالم المدينة، فهو كلؤلؤة خرجت من عمق البحر واستقرت فوق سطحه.
روايات كثيرة تدور حول هذا البرج الذي عاش حقبتَي بيزنطة والدولة العثمانية، فجمع في بنائه الطرز المعمارية للحقبتين.

يقول بعض الروايات التاريخية إن البرج بُني على جزيرة صغيرة من الأخشاب في العصر الروماني، ثم تحول إلى ميناء في الحقبة البيزنطية والعصر العثماني، وفي أثناء فتح القسطنطينية عام 1453 استُخدم برجَ مراقبة، وعندما وقع زلزال عام 1509 انهارت أجزاء كبيرة منه.
وعقب ترميمه استُخدم منارةً حتى عام 1829، ثم مكاناً للحجر الصحي للمرضى.
أعيد ترميمه في عهد السلطان محمود الثاني عام 1832، فأُضيفَ الدعم الصلب حوله، إجراءً احترازياً ضد الزلازل.

تقولُ أسطورة إن سلطاناً يحب ابنته كثيراً، راوده حلم رأى فيه أنه في عيد ميلادها الثامن عشر سوف تلدغها أفعى وتُودِي بحياتها.
ولما استيقظ أبعد ابنته عن اليابسة لحمايتها، وردم جزءاً من المضيق، وشيَّد لها برجاً وسطه، لحمايتها من أي أفعى.
تلقّت ابنة السلطان، حسب الأسطورة، هدية عبارة عن سلة مليئة بالفاكهة، كان يختبئ فيها ثعبان تَسلَّل إليها فلدغ الفتاة وقتلها.
يتميز البرج بشُرفة تحيط بقمته، وهي ذات إطلالة مميزة، ويضيف إلى جمالها جمالاً طيور النورس التي يصدح صوتها بالمكان وتحلق فوقه وبالقرب منه بأعداد كبيرة.

ويصل الزائرون إلى البرج عبر قوارب في رحلة قصيرة تستغرق 10 دقائق، يقضون فيه ما يشاؤون من الوقت، ثم يعودون بالسفن ذاتها.
ويمثّل البرج إحدى محطات التوقف للجولات السياحية البحرية عبر السفن والقوارب.
وفي مايو/أيار الماضي في أجواء احتفالية، أُعيدَ افتتاح البرج بعد عامين من الترميم الذي نفّذَته وزارة الثقافة والسياحة والثقافة التركية.
وتصطفّ المطاعم والمقاهي في الساحل المقابل للبرج، ويتزاحم عليها الناس ليستمتعوا بمنظر البرج القريب من الساحل.
ويتلألأ البرج ليلا بأنواره، ليكون دليلاً لزيارة ممتعة شائقة، بعد أن كان دليلاً للسفن والقوارب على مدار مئات السنين.