عاد حفتر إلى هجومه بعد مؤتمر برلين (AA)
تابعنا

تجددت المواجهات بين قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً ومليشيات خليفة حفتر التي تحاول السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس منذ أبريل/نيسان الماضي، وخلّف القتال الدائر في ليبيا المزيد من الدمار والقتلى، كما قطع الطريق أمام العملية السلمية التي سعت العديد من الدول لإنجاحها.

ويصر حفتر على الاستمرار في القتل والدمار، وينفذ دون تفكير ما تمليه عليه الدول الداعمة له، متملصاً من الاتفاقيات الدولية ومخرجات المؤتمرات التي تحاول وقف إطلاق النار، التي كان آخرها مؤتمر برلين ومفاوضات موسكو برعاية تركية.

وقال أحمد المسماري المتحدث باسم قوات حفتر في مؤتمر صحفي، إن "الحل في ليبيا ليس سياسياً وإنما يأتي بالقتال والحرب ضد الإرهابيين" على حد وصفه.

ميدانياً، عاد حفتر إلى هجومه بعد مؤتمر برلين، وقال مراسل TRT عربي إن "قوات الوفاق صدت هجوماً لقوات حفتر وسيطرت على منطقة أبو قرين بسرت".

وأضاف: "حققت حكومة الوفاق تقدماً كبيراً في تلك المنطقة، وخلّفت قتلى وجرحى وأسرى من قوات حفتر من بينهم مرتزقة سودانيون".

وأعلنت القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية الثلاثاء، إسقاط طائرة إماراتية مُسيّرة داعمة لمليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مدينة مصراتة شرق العاصمة طرابلس.

وذكرت عملية بركان الغضب التابعة للحكومة في بيان، أن دفاعاتها الجوية أسقطت الطائرة شرق مصراتة، عقب قصف الطائرة عدة مواقع مدنية داخل المدينة، من دون الحديث عن خسائر.

ولا تزال الإمارات مستمرة في تدخُّلها بالشأن الليبي بشكل سلبي، إذ تدعم مليشيات حفتر بهجومها على المدنيين. وكانت آخر تدخلاتها عملية الخداع التي قامت بها لعمال سودانيين ذهبوا للعمل في شركة حراسة أمنية إماراتية ليتفاجأوا بوجودهم في معسكر للتدريب، وإجبارهم على الذهاب إلى ليبيا أو اليمن من أجل القتال مع القوات الإماراتية.

وأثار هذا الأمر ضجة كبيرة واستنكاراً من قِبل أهالي الشباب، الذين طالبوا في وقفة احتجاجية أمام السفارة الإماراتية في الخرطوم بإعادة أبنائهم ورفضوا تحويلهم إلى مرتزقة بأسلوب المخادع للإمارات والتدخل في حروب لا شأن لهم بها.

وقدمت حكومة الوفاق في سبتمبر/أيلول 2019، شكوى ضد الإمارات أمام مجلس الأمن الدولي، بتهمة "العدائية ودعم محاولات الانقلاب على الحكومة الشرعية".

واتهمت الحكومة نهاية الشهر ذاته، "الطيران الإماراتي المُسير" بقصف أهداف "مدنية حيوية" في مدينة سرت (شرق طرابلس)، دعماً لمليشيات حفتر، فيما تلتزم أبو ظبي الصمت تجاه هذه الاتهامات.

إعادة النظر في الحوار

من جانبه، قال آمر قوات الإسناد في عملية بركان الغضب لـTRT عربي، إن "كل محاولة لحفتر بالتقدم تعني الانتحار"، مشيراً إلى أن قوات الوفاق لديها كل الأسلحة لردعه، لكن ما يمنعها من مهاجمته هو اتفاق الهدنة".

وأضاف: "السيطرة على منطقة أبو قرين تعني تشكيل خطر على مصراتة وحفتر يحاول دائماً استغلال وقف إطلاق النار للتقدم".

الإصرار على الهجوم قاد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية للإعلان الاثنين، أنه "سيكون مضطراً" لإعادة النظر في مشاركته في أي حوار سياسي أمام خروقات مليشيات حفتر للهدنة وقصفها الأحياء المدنية.

وأضاف المجلس في بيان، أن "المليشيات المعتدية تواصل خرق الهدنة، وتوجّه صواريخها العمياء نحو الأحياء المدنية" في طرابلس.

وتابع: "تساقطت صوارخ غراد الأحد، على مناطق عرادة وسوق الجمعة ومطار معيتيقة المدني في طرابلس، وفي الوقت نفسه نفذت هذه المليشيات ومعها مرتزقة هجوماً برياً على مناطق أبو قرين والقداحية والوشكة مدعومين بطيران أجنبي".

محاولات تركية مستمرة

على الصعيد السياسي، لا تزال تركيا تحاول إنقاذ ليبيا من الدمار، وهي على علم بأن حفتر "لا تهمه هدنة ولا سلام" كما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الغامبي أداما بارو بالعاصمة الغامبية بانجول.

وقال أردوغان: "تصريح المتحدث باسم حفتر بأن الحل في ليبيا على فوهات البنادق ذو مغزى، إذ يُظهر أن حفتر لا تهمه هدنة ولا سلام".

وأضاف: "نأمل أن يكون المشاركون في مؤتمر برلين قد سمعوا هذا التصريح وبناءً عليه يبدون مواقفهم"، مؤكداً أن "حفتر الهارب من موسكو وبرلين ينتهك وقف إطلاق النار وينبغي إيقافه لتحقيق السلام في ليبيا".

وفي مكالمة هاتفية بين الرئيس التركي ونظيره الأمريكي، شدد الرئيسان على ضرورة إنهاء التدخلات الخارجية في ليبيا وضمان استمرار وقف إطلاق النار فيها.

كما اتفق الرئيسان التركي والجزائري على ضرورة تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، لكن بات من المستغرب عدم تعليق أي من الدول الحاضرة للمؤتمر للانتهاكات التي لا يزال حفتر يقوم بها وعدم التزامه وقف إطلاق النار، لذلك تضطر تركيا إلى المبادرة من أجل السيطرة على الوضع لصالح العملية السلمية.

ويرى أستاذ العلوم السياسية توفيق بو قاعدة في حديث لـTRT عربي، أن زيارة الرئيس التركي للجزائر كانت ناجحة على صعيد الأزمة الليبية، فيوجد تقارب في وجهات النظر وهذا ما يمكن أن يحقن الدماء في ليبيا، إذا ما جرى العمل بشكل جيد.

ويضيف: "على المجموعة الدولية العمل بكل إمكانياتها لحقن الدماء في ليبيا والضغط من أجل توقُّف التدخل وجر الأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات".

ويشير بو قاعدة إلى أنه "من الممكن أن يحرك التقارب التركي الجزائري بالملف الجزائري المجتمع الدولي، وهذا ما لوحظ فعلياً بعد زيارة وزير الخارجية التركي إلى الجزائر، إذ بدأت المياه الراكدة في المسار السياسي الليبي تتحرك، بالإضافة إلى ما قدمته أنقرة لإنجاح المسار السلمي منذ مؤتمر برلين، والاجتماع الذي حدث بالجزائر كثمرة لمؤتمر برلين".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً