شرق المتوسط (AA)
تابعنا

علاوة على ذلك، وقَّعت مصر واليونان اتفاقاً ينتهك اتفاق الجرفين القاريين لتركيا وليبيا في أغسطس/آب الماضي.

وتركيا من ناحية أخرى مصممة على إبقاء الباب مفتوحاً أمام الحوار مع الجيران المتوسطيين لتحقيق تسوية سياسية وحل يربح فيه الجميع.

فعلى سبيل المثال، صرَّح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في وقتٍ سابق من هذا الشهر، مارس/آذار، قائلاً: "يمكننا أيضاً أن نوقع اتفاقية مع مصر من خلال التفاوض حول مناطق الصلاحية البحرية"، مُشدِّداً على أنَّ تركيا ترحب باحترام مصر لجرفها القاري في المنطقة أثناء قيام القاهرة بأنشطتها شرقي المتوسط.

وفي سياق مماثل، أشار وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، مؤخراً قائلاً: "لدينا الكثير من القيم الثقافية والتاريخية المشتركة مع مصر. وبتفعيل هذه القيم، نرى إمكانية لحدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة".

وأكَّد أيضاً على دعم أنقرة التوصل إلى حل تفاوضي من خلال الحوار بما يتماشى مع القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار.

تضفي هذه التصريحات أجواءً إيجابية على طاولة عدائية، وتشير إلى أنَّ أنقرة تحاول إيجاد حل عادل ومشترك للنزاع بدلاً من السعي وراء نهج المصلحة الوطنية أولاً. لقد سلكت دول أخرى هذا المسار من خلال شراكات توافقية لا تضم كل أصحاب المصلحة، مثلما رأينا حين حاولت أثينا ونيقوسيا والقاهرة مشروعات طاقة منعدمة الجدوى.

بالإضافة إلى ذلك، جرت في يناير/كانون الثاني الماضي مباحثات استكشافية بين تركيا واليونان في إسطنبول، للمرة الأولى منذ الجولة الستين التي عُقِدَت في مارس/آذار 2016، بفضل التشجيع من جانب وزارة الخارجية التركية.

لكنَّ المجتمع الدولي لم يتعامل مع الخلاف في شرق المتوسط بأي حس من الموضوعية. وكل المؤشرات (التصريحات وما إلى ذلك)، خصوصاً من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، تشير إلى أنَّهم يدعمون اليونان بشكل أحادي على حساب تركيا والقبارصة الأتراك. هذه هي نتائج سوء الحسابات الدبلوماسية الرديئة، التي تحول دون سياسة الباب المفتوح الحقيقية الرامية للتعاون من جانب أنقرة.

على بروكسل أن تلعب دوراً بنَّاءً كوسيط نزيه

يجب على الاتحاد الأوروبي وحلفائه لعب دور أساسي في خلاف شرق المتوسط بين اليونان وتركيا قبل أن يخرج عن السيطرة. ويجب إعادة تقييم نهجهم المتسرع لمواجهة تركيا بنزاهة من خلال خطة عمل تفاوضية تهدف إلى الحل.

لكن للأسف، وقف بعض الساسة الأوروبيين ضد مثل هذه الخطة. إذ أصرَّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على سبيل المثال، على سياسة مناوئة لتركيا في المنطقة، تهدف لمنع تركيا من الحصول على حقها المشروع في الموارد في شرق المتوسط.

هذا النهج التمييزي لا يخدم إلا نزعة المغامرة اليونانية التي تمنح الأولوية لثروة الطاقة في شرق المتوسط وتعزل أصحاب المصلحة الشرعيين الرئيسيين أمثال تركيا وليبيا وجمهورية شمال قبرص التركية.

ستناقش اجتماعات المجلس الأوروبي في 25-26 مارس/آذار المزاعم في شرق المتوسط. وخلال هذه الاجتماعات، يجب أن يتصرف مسؤولي الاتحاد الأوروبي بحس سليم ويمنعوا اليونان وفرنسا وإدارة قبرص اليونانية من تضليل الاتحاد الأوروبي بشأن تركيا.

أنقرة طرف صاحب مصلحة لا غنى عنه

كانت تحركات أنقرة سريعة وفعَّالة رداً على التنافس في المنطقة.

فعلى الصعيد السياسي، وضعت القيادة التركية اتفاقاً إقليمياً جديداً حيز التنفيذ لتحديد مناطق الصلاحية البحرية لها ولليبيا، بما يتوافق مع القانون الدولي. كانت هذه خطوة بارعة استراتيجياً تقدم مثالاً على التساوي في تعيين الحدود البحرية في المنطقة لتعزيز فرص التوصل إلى حل تفاوضي.

وفي ما يتعلق بأعمال الاستكشاف، تملك تركيا ثلاث سفن تنقيب حديثة (الفاتح، وياووز، والقانوني)، وسفينتي مسح زلزالي (أوروتش رئيس، وخير الدين بربروس) جاهزة. وبالتالي، فإنَّها بَنَت بالفعل قدرتها وحافظت على المخزونات من أجل الاستكشاف والتنقيب والاستخراج.

علاوة على ذلك، وجدت سفينة التنقيب الفاتح كميات ضخمة من مخزونات الغاز الطبيعي في البحر الأسود، تُقدَّر بـ405 مليار متر مكعب، ما يفتح فصلاً تاريخياً جديداً لتركيا. ولربما تستطيع تركيا خلال عقد من الزمن أن تصبح مكتفية ذاتياً في تلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي.

وبعد أخذ هذه الظروف في الحسبان، سيكون تجاهل المخاوف الشرعية للجانب التركي خطأً سياسياً فادحاً لاستقرار المنطقة وازدهارها.

وبصياغة أخرى، تركيا ليست قوة إقليمية عادية يمكن إقصاؤها بسهولة من معادلة الطاقة في المنطقة. فمجال نفوذها الجيوسياسي يمتد من الأناضول ومنطقة البحر الأسود إلى أوروبا والبحر المتوسط والبلقان والشرق الأوسط وأوراسيا وشمال إفريقيا.

لقد حان الوقت لكي تكون كل الأطراف في البحر المتوسط براغماتية على نحوٍ بنَّاء وتستغل سياسة الباب المفتوح من جانب أنقرة لتحقيق حل شامل يخدم مصالح كل أصحاب المصلحة في المنطقة قبل فوات الأوان.


هذا الموضوع مترجم عن موقع TRT World.

TRT عربي