وقعت فرنسا والإمارات اتفاقية شراكة في مجال الطاقة.  (Stefano Rellandini/AFP)
تابعنا

حلّ الرئيس الإماراتي محمد بن زايد بباريس، يوم الاثنين، ضيفاً على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في زيارة خارجية هي الأولى للقائد العربي، منذ توليه مقاليد حكم البلاد ذات مايو/أيار الماضي.

فيما تأتي هذه الزيارة في ظرفية مأزومة تعيشها فرنسا، كما باقي القارة الأوروبية، جراء التهديدات المتصاعدة بوقف روسيا وارداتها من الغاز لنظرائها الأوروبيين. هذا الأمر الذي يلقي بظلاله على جدول الزيارة، حيث يسعى الجانب الفرنسي لفك أزمته الطاقية بالاعتماد على صادرات أبوظبي من نفط وغاز.

زيارة تتمحور حول أزمة الطاقة

وتخللت زيارة بن زايد لباريس مباحثات مطولة بين الوفد الإماراتي والمسؤولين الحكوميين الفرنسيين، حضرها قائدا البلدين. كما جرى التوقيع على اتفاقيات شراكة في مجال الطاقة، وبخاصة بشأن توريد الديزل لفرنسا، من قبل كل من وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو مير ووزير انتقال الطاقة أنييس بانييه روناتشر مع وزير الصناعة والتكنولوجيات المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر.

وفي بيان مشترك نشره الجانبان بالمناسبة، قالا بأن الرئيسين "اتفقا على إقامة شراكة استراتيجية شاملة في مجال الطاقة بين الإمارات وفرنسا والتي تمثل خطوة مهمة في سبيل تعزيز أمن الطاقة واستقرار تكلفتها". كما رحب الرئيسان بالاتفاقية بين شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" وشركة "توتال إنرجي" الفرنسية بخصوص توفير الوقود بهدف زيادة أمن إمدادات الوقود في فرنسا.

وحسب بيان آخر للحكومة الفرنسية فإن "الهدف من هذه الشراكة هو تحديد المشاريع الاستثمارية المشتركة في فرنسا أو الإمارات أو أي مكان آخر في العالم في مجالات الهيدروجين أو الطاقات المتجددة أو حتى الطاقة النووية".

كما ستساعد هذه الاتفاقية، حسب البيان ذاته، على "إنشاء إطار عمل مستقر طويل الأجل لهذا التعاون، لتمهيد الطريق لعقود صناعية جديدة وتحديد مشاريع الاستثمار المشتركة المستقبلية"، بما يشمل "إمكانية إنشاء صندوق ثنائي لتمويل المشاريع الخضراء".

ونقلت وكالة "فرنس بريس" للأنباء، على لسان مستشار رئاسي فرنسي قوله بأن أحد أهم البنود خلال زيارة رئيس الإمارات هو "الإعلان عن ضمانات تقدمها الإمارات بشأن كميات إمدادات المحروقات (الديزل فقط) لفرنسا"، وأن "فرنسا تسعى إلى تنويع مصادر إمدادها على خلفية الصراع في أوكرانيا، وضمن هذا السياق جرى التفاوض على هذه الاتفاقية".

هل تنقذ الإمارات فرنسا من أزمة الطاقة؟

لم يجرِ الكشف عن حجم واردات الديزل الإماراتي المنتظرة في فرنسا عقب توقيع الشراكة الطاقية بين البلدين، فيما تعد هذه الاتفاقية مكسباً اقتصادياً وسياسياً لفرنسا التي تشهد ارتفاعاً صاروخياً لأسعار المحروقات، كذلك احتقاناً اجتماعياً جراء ذلك يهدد بأحداث مماثلة لما عاشته البلاد وقت اندلاع احتجاجات السترات الصفراء.

يأتي ذلك في وقت تعجز فيه شركة النفط الفرنسية "توتال إنرجي" على تلبية السوق المحلي، إذ تقف قدرتها الإنتاجية عند حدود 280 ألف برميل في اليوم، وبالتالي لا يمكنها أن تغطي حاجيات البلاد التي تقدر بـ 3.8 مليون برميل في اليوم.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد شدد في خطابه بمناسبة ذكرى اندلاع الثورة الفرنسية، في 14 يوليو/ تموز، بأنه حان الوقت لتبحث بلاده عن بدائل لصادرات الطاقة الروسية، كما يجب أن تستعد "لسيناريو التحول بالكامل من الغاز الروسي"، متهماً روسيا بأنها تستعمل الطاقة والغذاء كـ "سلاح حرب".

وفي هذا الإطار يبرز مكسب آخر لفرنسا في الشراكة الطاقية مع الإمارات، وهو إمكانية أن تقنع باريس أبوظبي وحلفاءها في الرياض برفع إنتاجهم من النفط وخفض أسعاره في السوق العالمية. وهو ما يؤكده فرانسيس بيرين، الباحث في معهد "IRIS" الفرنسي، بقوله: "الإمارات هي دولة عضو في أوبك وفي تحالف أوبك + وبالتالي فهي قريبة جداً سياسياً وجيوسياسياً من المملكة العربية السعودية (هاتان الدولتان) هما الأكثر قدرة على إنتاج المزيد من النفط في الأسابيع المقبلة".

فيما يرى الكاتب والصحفي الفرنسي أنتوان إيزامبارد، بأن هذا التقارب الفرنسي الإماراتي، ومن خلاله إقناع الإمارات بزيادة إنتاجها النفطي لخفض أسعاره، لن يُحدث تغييراً كبيراً في الواقع، معللاً ذلك بأن الإمارات كما السعودية قاربت بلوغ أقصى قدراتها الإنتاجية حيث لا يمكن أن تقدم عرضاً أكبر في السوق العالمية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً