لاعبو المنتخب المصري لكرة القدم بعد لحظات من خسارة نهائي كأس الأمم الإفريقية أمام السنغال في 6 فبراير/شباط الجاري (Mohamed Abd El Ghany/Reuters)
تابعنا

تحكم رياضة كرة القدم عالمياً شبكة واسعة من العلاقات والمصالح المتبادَلة والمنافع المشروعة بين الأندية وإداراتها ومدرّبيها ولاعبيها ووكلاء اللاعبين، والتي يعمل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA) على إرساء قواعد وقوانين حاكمة ومنظِّمة لها، والتنسيق مع اتحادات كرة القدم في مختلف البلدان للحفاظ على البيئة المناسبة لممارسة اللعبة.

غير أنّ اللعبة الأكثر شعبية في العالم كثيراً ما يشوبها قضايا فساد بخاصة في البلدان التي لا تفرض الرقابة الكافية لردع الممارسات غير المشروعة.

وفي هذا الصدد، يقول خبراء ونقاد رياضيون إنّ مهنة وكيل لاعبي كرة القدم باتت "ورماً خبيثاً" يهدد كرة القدم المصرية، وذلك لانتشار حالات يغلّب فيها الوكلاء مصالحهم ومنافعهم المالية الشخصية الضيقة على مصالح موكّليهم من اللاعبين والأندية أثناء صفقات الانتقال، ما يتسبّب بتبعات سلبية على قطاع الناشئين في الأندية المصرية، وكذلك على مسار احتراف اللاعبين الموهوبين خارج مصر، وأخيراً على جودة اللاعبين الذين يشكّلون قوام المنتخب المصري.

كيف بدأت مهنة وكلاء اللاعبين عالمياً؟

حتّى الثمانينيات من القرن الماضي كان وكلاء اللاعبين مجرّد محامين يؤدّون دور التمثيل القانوني للاعب، حتّى لو كانت أدوارهم على أرض الواقع تتجاوز التمثيل القانوني وتتحكّم في عمليات الانتقال بين الأندية وإبرام مختلف الصفقات، غير أنّ الـ"فيفا" اعترفت رسمياً بتلك المهنة عام 1991 وشرع حينئذ الكثيرون في التخصص بتلك المهنة والتفرّغ لها.

وتحظر لوائح الـ"فيفا" على الوكلاء عدم عرض أو تقديم "أيّ مقابل من أي نوع، بشكل مباشر أو غير مباشر، لأي نادٍ أو مسؤول بالنادي أو مدير أو لاعب، نتيجة أو فيما يتعلّق بمعاملة أو مقابل أي فائدة أو خدمة أو أي نوع من المعاملة التفضيلية فيما يتعلّق بلاعبي النادي أو الوصول إلى هؤلاء اللاعبين أو الترويج لخدمات الوسيط مع هؤلاء اللاعبين".

كما تحدد الفيفا سقفاً للعمولات التي يحصل عليها الوكلاء في صفقات الانتقال نسبته 10% من النادي البائع و3% من النادي المشتري، إضافة إلى اشتراط حصول الوكلاء على رخص، والخضوع لاختبارات وبرامج تعليمية تجريها "فيفا" مباشرة، فضلاً عن الإعلان عن العمولات للجماهير، وذلك لمنع أن يكون للوكلاء مصالح مباشرة أو غير مباشرة في أيّ فريق لكرة القدم أو اتحاد أو أيّ هيئة لكرة القدم.

"مهنة سيئة السمعة"

أشار عصام مرعي لاعب نادي الزمالك ومنتخب مصر السابق والمدرب العام السابق بنادي الزمالك، إلى أنّ قطاع وكلاء اللاعبين في مصر بات مثل "البيزنس"، الذي تحكمه العمولات "التي يحصل عليها وكيل اللاعبين من الصفقات التي يفرضها على المدرب".

وعن شبكة المصالح التي تحكم ذلك القطاع، أضاف مرعي أنّ الوكلاء يدفعون من هذه العمولات "أجراً إلى بعض الأعضاء في مجالس إدارات الأندية" مقابل تسهيلهم تمرير الصفقة، فيما يحصل المدرب كذلك في بعض الأحيان على نسبة هو الآخر من قيمة العقد.

ووصف موقع "كرة غيت" المتخصّص في الشؤون الرياضية مهنة وكلاء اللاعبين في مصر حالياً باعتبارها "مهنة سيئة السمعة"، وأن العديد من ممارسيها باتوا "أقرب إلى رجال المافيا وزعماء العصابات"، معدداً حالات ونماذج كان للوكلاء فيها تأثيرات سلبية على اللاعبين والأندية المصرية، "ما يغير مسار بطولات ومستقبل أبطال".

وأردف الموقع ذاته أنّ "وكيل الأعمال الجيّد، هو حجر الأساس بعد الموهبة بالنسبة للاعبي كرة القدم في الوقت الحالي".

تبعات على الكرة المصرية

لفت الناقد الرياضي محمود حلمي إلى أن كرة القدم والرياضة بشكل عام أصبحت "صناعة تتأثر بما تتأثر به باقي الصناعات"، سواء من حيث المناخ العام أو الدعاية الإعلانية والإعلامية، ومدى الاحترافية التي تُدار بها.

وقال حلمي في حديث صحفي، إنّ "فشل معظم اللاعبين المصريين في الاحتراف الخارجي وفشلهم في الدوري المحلي، جزء كبير منه وكلاء اللاعبين"، معلّلاً ذلك بالاستغلال وعدم المهنية التي ينتهجها وكلاء اللاعبين للحصول على أكبر عائد مادي، بغض النظر على التبعات السلبية على مستقبل اللاعب أو النادي الرياضي.

وضرب موقع "كرة غيت" مثالاً بتجربة الدولي المصري محمد صلاح لاعب نادي ليفربول الإنجليزي، مؤكّداً أنّه عكس الكثير من وكلاء اللاعبين المحليين في مصر، فإنّ "مهنة وكلاء اللاعبين في أوروبا تبحث عن مصلحة اللاعب في المقام الأول".

وتابع الموقع أنّ رامي عباس وكيل صلاح "لم يحرّضه على ترك ليفربول لجني الأموال"، وذلك رُغم انتشار الأنباء عن تلقّي "الملك المصري" عروضاً من الأندية الكبرى مثل ريـال مدريد وبرشلونة، ليجني صلاح ثمار الاستقرار والتأقلم مع ناديه الحالي، ويصبح بذلك "معشوق جماهير الريدز"، على حد وصف الموقع الرياضي ذاته.

TRT عربي
الأكثر تداولاً