إيمانويل ماكرون يقر إصلاحات في نظام التعويض عن البطالة (Regis Duvignau/Reuters)
تابعنا


لقي خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخير استهجان قطاع واسع من الرأي العام الفرنسي، الذي كان من المفترض أن يتطرَّق إلى الحالة الوبائية لفيروس كورونا بالبلاد، وحملة التلقيح وإقرار ضرورة تلقي الفرنسيين الجرعة الثالثة.

غير أن الرئيس استغل القسم الأكبر من المساحة الزمنية لإطلاق ما اعتبر "حملة انتخابية سابقة لأوانها".

وردت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان على الأمر قائلة: "لم تكن الجرعة الثالثة إلا حجة للقيام بخطاب انتخابي كل ما قيل خلاله مشكوك فيه".

وقال زعيم أقصى اليسار جان لوك ميلانشون: "للسيد ماكرون الحق في خطاب انتخابي لكن من حقنا كذلك أن نسأله إذا كان مرشحاً رئاسياً أم لا" في إشارة إلى تكتمه على إعلان ترشحه رسمياً.

أهم ما ورد في خطاب الرئيس الفرنسي هو عزمه إصلاح نظام التعويضات على فقدان الشغل مع مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول القادم.

إصلاحات ترفضها النقابات العمالية، فيما يرى محللون أن أصلها انتخابي عائد إلى ضغط اليمين المتطرف بأن المهاجرين هم الأكثر استفادة من صيغتها القديمة.

إصلاحات "غير عادلة"

وقال ماكرون في خطابه يوم الثلاثاء "منذ شهر شرعنا في تغيير القوانين لجعل العودة إلى العمل أكثر إغراء على كل الجوانب، وبداية من ديسمبر/كانون الأول تنطبق خطوتنا القادمة في إصلاح نظام التعويضات على البطالة، وهو إصلاح ضروري لجعل العمل يجازي أكثر من الكسل".

وكانت وزيرة العمل الفرنسية قد كشفت مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول عن الإصلاحات التي تعتزم الحكومة تطبيقها، وتهم بالخصوص بند عدد الأشهر التي يلزم العمل فيها كحد أدنى للاستفادة من التعويض.

ويشترط الإصلاح الجديد على الراغبين في التعويضات العمل لستة أشهر خلال آخر 24 شهراً، مقابل أربعة من أصل 28 سابقاً في النظام السابق. كما يتوجب لتجديد الاستفادة ضرورة العمل ستة أشهر بدلاً من شهر واحد.

وتعارض النقابات الفرنسية بشدة هذا الإصلاح معتبرة إياه إجهازاً مباشراً على حقوق العمل، وحرماناً لشريحة واسعة منها لم تجد عملاً طوال فترة كورونا التي تتعدى ما تنص عليه تلك الإصلاحات.

وفي تصريح صحفي له، وصف فيليب مارتينيز، زعيم نقابة "الكونفدرالية العامة للشغل"، نص الإصلاحات بـ "المشين" و"غير العادل"، متوعداً بأن "كل المنظمات النقابية ستتحد من أجل إسقاطه".

قرار عنصري!

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية انطلق معها سباق خطابي محموم بين المرشحين الرسميين منهم والمحتملين، سمته الأبرز هي التنافس حول من هو الأكثر تطرفاً نحو اليمين.

على وجه التحديد الرئيس ماكرون الذي يمنّي النفس بولاية ثانية مراهناً على التنافس في ملعب غريميه المحتملين؛ مارين لوبان والصحفي إيريك زيمور.


فيما يرى محللون بأن الإصلاح الأخير في نظام التعويضات عن البطالة يأتي بنكهة هذا السباق، حيث يروج المرشحان المتطرفان لنظرية "أن المهاجرين هم الأكثر استفادة من التعويض كونهم لا يعملون ويبددون أموال دافعي الضرائب الفرنسيين".

وسبق للمرشَّح الرئاسي المحتمل إيريك زيمور أن صرَّح بأن "40% من المهاجرين عاطلون عن العمل مقابل 13% من الفرنسيين".

ثبت فيما بعد أنها أرقام مغلوطة حيث 28.5% من الفرنسيين عاطلون مقابل 38.4% من المهاجرين.

فيما أصبح نظام المساعدات الاجتماعية في مجمله ساحة للسباق الانتخابي، هكذا نجد المرشح للانتخابات الأولية للحزب الجمهوري الفرنسي، ميشيل بارنييه، يدافع عن برنامج المعادي للمهاجرين بالتلويح بفكرة أن "بفعل تزايد المهاجرين ستزيد أعداد بطاقات التأمين الصحي المجاني في السنوات القادمة أكثر مما تستطيع ميزانية البلاد حمله".

بينما في الحقيقة، وحسب ما تثبت الدراسات الإحصائية، آخرها التي نشرتها منظمة "الشراكة والتنمية الاقتصادية"، أنه في فرنسا "يساهم المهاجرون في ميزانية الدولة أكثر مما تنفقه عليهم كمساعدات اجتماعية".

ويقول تقرير المنظمة بأنه "إذا حسبنا مساهمات الجاليات المهاجرة في فرنسا سنجدها تساهم بأكثر مما تصرفه الدولة على خدامتها الاجتماعية بفارق 1%".

TRT عربي
الأكثر تداولاً