حراك بالغرب يقدم رواية مخالفة للإسرائيلية بشأن غزة. / صورة: AFP (Luca Sola/AFP)
تابعنا

منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى" كشف جُلّ دول الغرب انحيازهم التام لإسرائيل، وأعلن زعماء الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا "دعمهم الثابت والموحد" لإسرائيل في هجومها على غزة. كما انهالت الآلة الإعلامية لتلك الدول كي تشيطن الفلسطينيين، مستخدمة في ذلك حتى الأخبار الزائفة.

ومن ناحية أخرى نشأ بالتوازي مع هذا الخطاب المنحاز خطاب آخر متعاطف مع الشعب الفلسطيني، عبّر عنه عدد من السياسيين الأوروبيين، على الرغم من التضييقيات التي تعرضوا لها. كما اتسعت رقعة المسيرات التضامنية مع فلسطين في الدول الغربية، وأصبح النشطاء ينضمون أكثر للتعبير عن هذا الموقف.

نددوا بإسرائيل والنفاق الأوروبي!

من بين أبرز السياسيين الأوروبيين الذين عبّروا عن إدانتهم للعدوان الإسرائيلي الجاري على غزة، وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية بالإنابة إيوني بيلارا، التي طالبت حكومتها بتقديم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم حرب".

وقالت بلارا في تصريحات مصورة يوم الأحد إنّ "دولة إسرائيل تنفّذ إبادة جماعية ممنهجة في قطاع غزة" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، متهمة "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل".

ووجهت سفارة إسرائيل في مدريد، في بيان لها يوم الاثنين، انتقادات إلى الوزيرة الإسبانية، واصفة تصريحاتها بـ"غير الأخلاقية والشائنة"، داعية رئيس الحكومة إلى استنكار تلك التصريحات.

وقد ردت بلارا على ذلك في تغريدة قائلة: "ترتكب الحكومة (الإسرائيلية) جرائم حرب في قطاع غزة، من خلال القصف المكثف وقطع المياه والكهرباء، ولا تسمح بدخول المساعدات الإنسانية. إن إدانة هذه الإبادة الجماعية لا تعني الاصطفاف مع حماس، بل هي التزام ديمقراطي. والصمت هو التواطؤ مع الإرهاب (الإسرائيلي)".

من جانبها أيضاً دعت يولاندا دياز نائبة رئيس الوزراء الإسباني، يوم الجمعة، المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لتجنب "مجزرة" في غزة. وكتبت دياز على منصة التواصل الاجتماعي إكس: "لا يمكن للمجتمع الدولي أن يغض الطرف. يجب على الاتحاد الأوروبي أن يطالب إسرائيل بوقف المخططات التي قد تتسبب في مذبحة".

وعقب هجوم "طوفان الأقصى" سارعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لإبراز اصطفاف الاتحاد مع إسرائيل، وهو ما أثار حفيظة عدد من النواب المعارضين للسياسات الإسرائيلية.

وفي تغريدة له، رداً على فون دير لاين، قال النائب الأوروبي الإيرلندي مايك والاس: "الغالبية العظمى من شعوب أوروبا لا تدعم دولة الفصل العنصري الوحشية في إسرائيل، الغالبية العظمى من شعوب أوروبا تدعم شعب فلسطين الذي تعرَّض للاضطهاد والترهيب من قِبل إسرائيل لسنوات عديدة، لو فقط كان في الاتحاد الأوروبي ديمقراطية حقيقية".

وندد ستيفان فان بارلي رئيس الكتلة البرلمانية لحزب دينك في هولندا بما ترتكبه إسرائيل من "جرائم حرب" في غزة، مشدداً على أن "الوضع في غزة مروع للغاية. فالقنابل تتساقط على المستشفيات هناك، وإسرائيل ترتكب بالفعل جريمة حرب الآن، والعالم الغربي والمجتمع الدولي لا يفعلان أي شيء حيال ذلك، يجب وضع حد لهذا، إذ يتعين على هولندا أن تُدين هذا الوضع".

وفي فرنسا رفضت حركة فرنسا الأبية إدانة المقاومة الفلسطينية، وهو ما عرضها لانتقادات واسعة وتحرش إعلامي. كما أعرب زعيم الحزب الجديد المناهض للرأسمالية الفرنسي فيليب بوتو عن "دعمه الكامل لنضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه، بما في ذلك نضال المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الذي تقوده دولة إسرائيل المتعطشة للحرب".

مظاهرات تضامنية واسعة

شهد عدد من الدول الغربية مظاهرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، إذ ندد المتظاهرون بالعدوان العسكري والتهجير الذي يواجهه قطاع غزة. وخلال نهاية الأسبوع جرى تنظيم مسيرات تضامنية في كل من مدن نيويورك وميامي ودالاس الأمريكية، هتف فيها المحتجون بـ"الحرية لفلسطين" ولوحوا بالراية الفلسطينية.

وشهدت العاصمة البريطانية لندن يوم الأحد مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني. كان زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين أبرز الوجوه السياسية المشاركة في المظاهرة، إذ خطب في الجموع قائلاً: "إذا كنت تؤمن بالقانون الدولي، وإذا كنت تؤمن بحقوق الإنسان، فعليك إدانة ما يحدث الآن في غزة من قِبل الجيش الإسرائيلي".

وفي أمستردام خرج الآلاف من المناصرين للقضية الفلسطينية إلى الشارع، حيث جرى تحويل الساحة المركزية في العاصمة الهولندية إلى بحر من الرايات الفلسطينية، ولافتات كتب عليها "فلسطين حرة" و"قِفُوا الحرب" و"قِفُوا الهجوم على غزة"، حسب ما نقل مراسل وكالة فرانس برس.

وفي أستراليا قالت الشرطة إنّ نحو 10 آلاف شخص اجتمعوا أمام مكتبة ولاية فيكتوريا في مدينة ملبورن تضامناً مع الفلسطينيين. كما تجمّع المتظاهرون أيضاً في هايد بارك بسيدني في مسيرة تضامنية، على الرغم من أن الشرطة رفضت إعطاء تلك المظاهرة الموافقة الرسمية.

وكانت فاعليات مدنية ونشطاء من الجالية العربية في فرنسا قد دعوا إلى وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني بباريس يوم الخميس، وهو ما رفضت السلطات الترخيص له. لكن هذا الحظر لم يمنع المناصرين للشعب الفلسطيني من التجمهر بساحة الجمهورية، إذ بلغت أعدادهم نحو ثلاثة آلاف شخص حسب بلدية العاصمة.

منظمات دولية تغير رواية الاحتلال

وإضافة إلى تصريحات السياسيين والمظاهرات التضامنية، أسهمت تقارير المنضمات الدولية لحقوق الإنسان بشكل كبير في تنوير الرأي العام الغربي بما يقع في غزة، وقدمت رواية مخالفة لما يروّج له الاحتلال بشأن حربه الانتقامية على المدنيين هناك.

وفي آخر تقاريره قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بجنيف إن هجمات إسرائيل الجوية والمدفعية الدموية على قطاع غزة حولته إلى حفرة من الجحيم ينتشر فيها الموت والدمار في ظروف إنسانية بالغة التعقيد ومن دون أي خدمات أساسية للحياة.

ووثق المرصد أنه منذ الاندلاع الأحداث جرى قتل الفلسطينيين بمعدل 14 شخصاً كل ساعة، كما جرى تدمير 2650 مبنى سكنياً وتضرر نحو 70 ألف وحدة سكنية بشكل بالغ وجزئي، فيما جرى تدمير 65 مقراً حكومياً وما لا يقل عن 71 مدرسة و145 منشأة صناعية و61 مقراً إعلامياً، فضلاً عن هدم 18 مسجداً.

ومن جانبها أكدت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) عدم وجود "مكان آمن داخل قطاع غزة بعد استهداف إسرائيل لقوافل النازحين" من شماله إلى جنوبه. وقالت المنظمة: "هذا النزوح غير ممكن، في حال عدم وجود مواصلات لا يمكن للأطفال والمرضى والمسنين والنساء الحوامل والمعاقين خوض هذا الطريق".

وكانت هيومن رايتس ووتش، إحدى أبرز المنظمات الدولية، كشفت في تقرير لها استخدام جيش الاحتلال قنابل الفسفور الأبيض المحرمة دولياً في قصف كل من غزة ولبنان. وقالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "كل مرة يُستخدم فيها في مناطق مدنية مكتظة يشكّل الفسفور الأبيض خطراً كبيراً يتمثّل بإحداث حروق مؤلمة ومعاناة مدى الحياة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً