لوحات تذكارية للمناضل التحرري البوركينابي توماس سانكارا.  (Sophie Garcia/AP)
تابعنا

بعد أكثر من 61 عاماً على اغتياله، عاد نعش باتريس لومومبا إلى وطنه الأربعاء، نزولاً عند قرار بلجيكا تسليم جمهورية الكونغو الديمقراطية ضرساً هو آخر ما تبقى من رفات بطل استقلال البلاد الذي اغتالته قواتها في 17 يناير/كانون الثاني 1961.

فيما ليس ما حدث للومومبا استثناء في القارة السمراء، التي، وبعد عقود قضتها تحت نير الاستعمار الوحشي، أنجبت في النصف الأول من القرن العشرين رعيلاً من المناضلين أمثاله، والذين قادوا شعوبها نحو الحرية.

باتريس لومومبا. (Others)

باتريس لومومبا

ولد باتريس لومومبا سنة 1925، ومنذ مطلع شبابه انخرط في العمل النضالي لتحرير بلاده الكونغو من قبضة الاستعمار البلجيكي الدموي. بل وانخرط في نضالات تحررية عديدة على مستوى القارة الإفريقية، وحضر مؤتمر تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في أكرا سنة 1958.

نهاية الخمسينيات، سمح الاستعمار البلجيكي بالنشاط السياسي في الكونغو، هكذا أسس لومومبا حزب "الحركة الجمهورية الكونغولية"، الذي فاجأ سلطات بروكسل بفوزه بالانتخابات، وبالتالي أصبح المناضل الكونغولي أول رئيس وزراء للبلاد.

وفي 30 يونيو/حزيران 1960، وخلال حفل إعلان استقلال الكونغو، تلى لومومبا خطاباً نارياً على مسامع العاهل البلجيكي بودوان الذي كان حاضراً المناسبة. واصفاً البلجيكيين بـ"المستغلين والقتلة وناهبي ثروات بلاده"، ما اعتبره الملك إهانة، وعزم على تنحية لومومبا عن الحكم.

وفي ليلة 17 يناير/كانون الثاني 1961، اقتادت كتيبة الإعدام البلجيكية لومومبا واثنين من رفاقه عبر السهول العشبية لكتانغا، وتحت شجرة أمطرتهم بوابل من الرصاص، وأنهت حلم التحرر الذي كان يقوده الزعيم الشاب. قُطّعت جثث لومومبا ورفاقه ثمَّ أُذيبت في حمض الكبريتيك، كي لا يبقى لهم رفاة يصبح بعدها محجّاً لرافضي الاستغلال الاستعماري.

توماس سانكارا (Others)

توماس سانكارا

مصير مشابه لاقاه توماس سانكارا، الرئيس البوركينابي الشاب، الذي تقلَّد حكم البلاد إثر ثورة شعبية قادها عام 1983 ضد حكومة بلاده الموالية للاستعمار. وعمد أول ما تقلد إلى تأميم الموارد الطبيعية للبلاد، أهمها زراعة القطن التي كانت لا تزال تحت السيطرة الفرنسية.

ركز سانكارا وحكومته على محاربة الجوع في البلاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء انطلاقاً من برنامج إصلاح الأراضي الزراعية وتشجيع الإنتاج الفلاحي، إضافة إلى برنامج غرس 10 ملايين شجرة من أجل إيقاف التصحر. كما عمد إلى تعزيز الصحة العامة بتطعيم 2.5 مليون طفل ضد أمراض التهاب السحايا والحمى الصفراء والحصبة.

الأمر الذي أثار امتعاض السلطات الفرنسية التي فقدت امتيازاتها في بوركينا فاسو، ما دفعها إلى تدبير انقلاب عسكري ضد سانكارا، نفذه ضابط يدعى بليز كومباوري وعناصر موالية له في الجيش، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1987. انتهى بمقتل الرئيس ومن معه.

فرحات حشاد (Others)

فرحات حشاد

ولد فرحات حشاد في الثاني من فبراير/شباط 1914، في قرية العباسية، شمال جزيرة قرقنة التونسية، لأسرة فقيرة. هكذا فرض عليه أن يقضي حياته في الأعمال الشاقة، ما أكسبه وعياً نقابياً كبيراً، انتهى بانخراطه في "الكونفدرالية العامة للشغل" الفرنسية عام 1936.

وفي عام 1940، أنشأ حشاد أول اتحاد عمالي تونسي، "الاتحاد العام التونسي للشغل" الذي تولى أمانته العامة. ومن موقعه سينتقل حشاد ليقود الحركة الوطنية التونسية ضد الاستعمار. بل وسعى إلى توحيد المقاومة على مستوى شمال إفريقيا، بعمله على تأسيس نقابة تشمل عمال تونس والجزائر والمغرب.

أثناء ذلك، كانت منظمة تدعى "اليد الحمراء" تعمل مع الاستعمار الفرنسي، قد شرعت في نشر تهديدات لحياة فرحات حشاد. وفي صباح الـ5 من دجنبر/كانون الأول 1952، وبينما كان حشاد في طريقه إلى ضاحية رادس، حيث يقطن، تعقبته سيارة حتى أطلقت عليه النار، فأصيب في كتفه وذراعه. قبل أن تأتي أخرى لتجهز عليه برصاصة في الرأس.

العربي بن مهيدي (Others)

العربي بن مهيدي

يعد العربي بن مهيدي أحد أبرز وجوه جبهة التحرير الجزائرية، وأحد منظري ومخططي ثورة البلاد ضد الاستعمار، وهو الذي نقل عنه قوله الشهير: "ألقِ بالثورة إلى الشارع، سيتلقفها الشعب!".

تقلد العربي بن مهيدي عدة مناصب قيادية في الجبهة الثورية، كما يعود إليه الفضل الكبير في تسليحها. وخلال مؤتمر الصومام عام 1956، كُلف العربي بن مهيدي بالعمليات الفدائية في جيش التحرير الجزائري، ليشرع مباشرة في تنظيم خلايا فدائية في جميع أنحاء العاصمة الجزائرية. فشهدت العاصمة عمليات فدائية عديدة أرهبت الاحتلال الفرنسي وأربكته.

في 23 من شباط/فبراير 1957، ألقت السلطات الفرنسية القبض على بن المهيدي بعد أن كبدها خسائر ثقيلة. ولم يخرج بعدها المناضل الجزائري من معتقله، بينما تضاربت الروايات حول استشهاده، بين من يرجح موته تحت التعذيب وبين من يقول إنه أعدم شنقاً.

أميلكار كابرال (Others)

أميلكار كابرال

يعد أميلكار كابرال أحد أبرز وجوه المقاومة المسلحة ضد المستعمر البرتغالي في خليج غينيا وجزر الرأس الأخضر، حيث قاد حرب التحرير هناك وأسس الحزب "الإفريقي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر".

وتولى كابرال تنظيم عمليات العصابات التي نفذها الحزب الإفريقي ضد البرتغاليين، والتي تطورت لتصبح واحدة من أنجح حروب الاستقلال في التاريخ الإفريقي الحديث. كما تولى زعامة الأراضي المحررة، حيث أسس لسياسات اجتماعية ووفر الأمن والحماية والغذاء لسكان تلك الأراضي.

في عام 1972، بدأ كابرال في تشكيل مجلس الشعب استعداداً لاستقلال غينيا بيساو، ما أثار حفيظة البرتغاليين الذي تحالفوا مع منافسه إينوسينسيو كاني، وخططوا لاغتياله رمياً بالرصاص يوم 20 يناير/ كانون الثاني 1973 أثناء وجوده بكوناكري عاصمة غينيا.




TRT عربي
الأكثر تداولاً