خلافات في إسرائيل حول غزة.. ونُذُر أزمة داخلية جديدة (Others)
تابعنا

مثّلت عملية "طوفان الأقصى" مفاجأة صادمة للداخل الإسرائيلي، ليس على المستوى العسكري والاستخباراتي فحسب، بل على المستوى السياسي أيضاً. وكتبت رويترز، في وصف العملية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، أنها أسوأ اختراق لدفاعات إسرائيل منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.

وتسقط المسؤولية السياسية كاملة على عاتق التحالف الحكومي الذي يقوده بنيامين نتنياهو، هذا ما تكشف عنه استطلاعات أخيرة، مشيرة إلى أن 80% من الإسرائيليين يُحمّلون رئيس الحكومة مسؤولية ضربة الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول.

ويواجه نتنياهو موجة انتقادات واسعة، يزيد من وطأتها مطالبات عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين تخطى عددهم 213، بالإفراج عن ذويهم المحتجزين لدى المقاومة. وتنذر هذه الوقائع بأزمة سياسية داخلية جديدة في إسرائيل، بعد أسابيع قليلة من "أزمة المحكمة العليا" التي شهدتها البلاد.

نتنياهو وسط موجة انتقادات

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية موجة انتقادات واسعة، تزداد تعقيداً مع كل يوم يمر من الحرب التي شنَّها على غزة. وتطول هذه الانتقادات عدة ملفات شائكة: من تحمُّل المسؤولية في الهجوم، إلى مساعدة أهالي مستوطنات غلاف غزة، إلى ملف الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.

وفي تقرير حديث لها، قالت صحيفة فاينانشيال تايمز، إن "فشل نتنياهو في الاعتذار عمّا يعدّه الكثيرون أسوأ كارثة حلَّت بالشعب اليهودي منذ المحرقة أمرٌ يدعو للحيرة والاستغراب".

ونقلت الصحيفة عن أنشيل فيفر، مؤلف السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، قوله إن "نتنياهو وقح جداً (...) إنه يدرك تماماً أن هذه هي أكبر مأساة في تاريخ إسرائيل ومسيرته السياسية. لكن ّالاعتذار في نظره هو الخطوة الأولى نحو الاستقالة، وهو لا ينوي الاستقالة".

وكتب المحامي والحقوق الإسرائيلي إيتاي ماك، في مقال نشرته صحيفة هآرتس، أن "نتنياهو يمثل خطراً وجودياً على إسرائيل". وأرجع ماك الهجوم الذي تعرضت له مستوطنات غلاف غزة، إلى السياسات اليمينية المتطرفة لرئيس الحكومة وائتلافه، وتجييش المستوطنين لارتكاب انتهاكات ضد عرب أراضي 1948 والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية.

وأردف الحقوقي الإسرائيلي بأن نتنياهو يشكل خطراً وجودياً على إسرائيل في حال كانت خسائر حربه كبيرة، أو ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين إلى أرقام فلكية، وذلك ما سيتسبب في تفكك البلاد من الداخل، لأن "الجرائم الجسيمة ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة لا يمكن أن تؤدي فقط إلى عدد لا يُحصى من القتلى الفلسطينيين في غزة، بل أيضاً إلى النهاية السياسية والأخلاقية لإسرائيل نفسها".

من ناحية أخرى، ترتفع أصوات سكان مستوطنات غلاف غزة في وجه الحكومة الإسرائيلية. وفي رسالة كتبها رئيس بلدية مستوطنة نتيفوت، احتجَّ على نتنياهو بالقول: "الدولة تشرع في خطة طوارئ اقتصادية، بما في ذلك تقديم المنح للمستوطنات المحيطة، سكان نتيفوت لا يتلقون أي مساعدة خاصة، ويعاقَبون إذا ما طلبوا هذا الأمر مثل المستوطنات في المركز".

وفي وقت سابق، هددت أسر الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، بالاحتجاج من أجل عمل الحكومة على إطلاق سراح مفقوديها في أسرع وقت. كما سبق أن اجتمع الأهالي بالرئيس إسحاق هرتسوغ، يوم الأحد، غير أن هذا لم يمنعهم من التظاهر أمام الإقامة الرئاسية، متهمين الحكومة بعدم الاستجابة لمطلبهم.

أزمة ثقة مع الجيش

من ناحية أخرى، يواجه نتنياهو أزمة ثقة مع الجيش، وهو ما ظهر في الزيارات التفقدية التي قادها رئيس الحكومة لعدد من تشكيلات قواته العسكرية، حين هاجمه الجنود محمِّلين إياه مسؤولية الهجوم المباغت.

واضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى إلغاء كلمة كان مقرراً أن يلقيها على الجنود بمركز عسكري في مستوطنات غلاف غزة، ذلك بعد أن تعرض لصِدام مع أحد الضباط، الذي شتمه ووصفه بالكاذب.

وفي تقرير لها، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، عن أن نتنياهو غاضب من كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي، وأن الحكومة الإسرائيلية اليوم تجد صعوبة في التوصل إلى قرارات بشأن التدخل البري في غزة. وأضافت الصحيفة أن أزمة الثقة بين الجيش ورئيس الحكومة تشكل ضرراً آخر لما تسببت فيه عملية "طوفان الأقصى" داخل إسرائيل، ما يجعل من الصعب للغاية التركيز على الحرب واتخاذ القرارات.

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو منع اتخاذ قرار بشأن عملية استباقية في الشمال، على الرغم من توصية الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع بتنفيذها، وحسب شهادات مسؤولين سياسيين وعسكريين فإن الحكومة أصبحت الحلقة الضعيفة في اتخاذ القرارات الواجب اتخاذها.

نُذُر أزمة جديدة

وتُنذِر هذه الانتقادات الكبيرة التي توجَّه نحو نتنياهو وحكومته بأزمة داخلية في إسرائيل، بعد أسابيع قليلة من أزمة الإصلاحات القضائية التي أغرقت البلاد في شهور من الاحتجاجات.

وكشفت استطلاعات صحيفة "معاريف" العبرية، عن أن 80% من الإسرائيليين يعتقدون أنه على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن يتحمل مسؤولية ما حدث في قطاع غزة. وفي استطلاع آخر لجيروزاليم بوست، ترتفع هذه النسبة إلى 94% من الإسرائيليين، فيما يعتقد 56% منهم أن على نتنياهو تقديم الاستقالة بعد انتهاء الحرب الجارية.

وهو ما تؤكده يديعوت أحرونوت في تقريرها المذكور، مشيرةً إلى أن ثلاثة وزراء إسرائيليين على الأقل يفكرون في الاستقالة، لإجبار نتنياهو على تحمُّل مسؤولية أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول.

في المقابل "يسعى نتنياهو إلى التنصل من مسؤولية فشل التنبؤ بهجوم حركة حماس وإلقاء المسؤولية على عاتق الجيش"، وفق ما ذكرت هآرتس، يوم الأحد.

TRT عربي
الأكثر تداولاً