لحظة سقوط اللاعب الدنماركي كريستيان إيريكسن إثر أزمة قلبة حادة (Partner Ajans/AA)
تابعنا

لا يزال عشاق كرة القدم يتذكرون عصر يوم 12 يونيو/ حزيران، حين بلغت مباراة المنتخب الدنماركي ضد نظيره الفنلندي في بطولة يورو 2020 دقيقتها الثانية والأربعين، لتتوقف الكرة فجأة ويسود الرعب أرجاء الملعب، والشاشات تنقل صور المهاجم الدنماركي كريستيان إيريكسن منهاراً على الأرضية العشبية جراء أزمة قلبية والطواقم الطبية تسارع لإنقاذه من موت كاد أن يكون محققاً.

هذه المشاهد، وبالنسبة لأصحاب الذاكرة القوية، لم تكن جديدة. وعودة إلى بطولة كأس القارات سنة 2003، عرفت مباراة منتخب الكاميرون ضد كولومبيا حدثاً مماثلاً، لفظ إثره اللاعب الكاميروني مارك فيفيان فويه أنفاسه الأخيرة على المستطيل الأخضر.

هي إذاً الأزمات القلبية التي تهدد حياة بلاعبي كرة القدم دون سابق إنذار، تعود لتحصد خلال الأيام الخمسة الأخيرة أرواح ثلاث لاعبين. في سابقة تعيد تسليط الضوء على مدى العناية بصحة القلب في عالم الرياضة الأكثر شعبية في العالم، والاهتمام بسبل الوقاية منها. كما تفتح على الناحية الأخرى الباب أمام نظريات مؤامرة تربط تكاثر هذه الحوادث في السنة الأخيرة بلقاح كوفيد-19 ومضاعفات الجائحة الوبائية.

وفاة ثلاث لاعبين في خمسة أيام

شهدت ملاعب كرة القدم العالمية خلال الأيام الخمسة الأخيرة وفاة ثلاث لاعبين لإصابتهم بسكتة قلبية. كان أولهم الكرواتي مارين كاتشيتش، مدافع نادي "NK Nehaj Sinj" ذو الـ23 عاماً. الذي فارق الحياة بعد ثلاثة أيام من إصابته بأزمة قلبية أثناء التدريبات.

وأعلن النادي الكرواتي عن وفاة مدافعه يوم الخميس 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بعد ثلاثة أيام قضاها غائباً عن الوعي. قبل أن ينعيه زملاؤه السابقين بنشر صوره على صفحاتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، مرفقينها بعبارات مثل "فلترقد بسلام مارين" و"ستظل دائماً في قلوبنا".

في حادث مماثل، سقط لاعب نادي مسقط العماني، مخلد الرقادي، على أرضية الملعب إثر نوبة قلبية حادة أصابته أثناء حصة الإحماء قبيل مباراة ناديه ضد فريق السويق في الجولة السادسة للبطولة المحلية. وقالت بعدها وكالة الأنباء العمانية: "‏وفاة اللاعب مخلد الرقادي بعد نقله إلى المستشفى إثر سقوطه أثناء الإحماء قبل انطلاق مباراة فريقه مع نادي السويق".

وأصدر الاتحاد العماني لكرة القدم بياناً تقدم فيه بـ"التعازي والمواساة إلى أسرة ومجلس إدارة نادي مسقط وكل منسوبي الوسط الرياضي، في وفاة المغفور له بإذن الله اللاعب مخلد بن حمد الرقادي". وسادت حالة من الحزن وسائل التواصل العمانية، كما وجهت منشورات عديدة اللوم والانتقاد إلى اتحاد الكرة العماني لـ"عدم توفيره وسائل الإسعاف الضرورية لإنجاد مثل هذه الحالات" حسب قولهم.

ضحية أخرى شهدتها ملاعب كرة القدم، هذه المرة الأمر يتعلق باللاعب سفيان لوكار، الذي فارق الحياة أثناء مباراة فريقه مولودية سعيدة ضد الاتحاد الإسلامي الوهراني بدوري الدرجة الثالثة الجزائري. وأوضحت الرابطة الجزائرية للعبة في بيان نشرته على موقعها الرسمي بأن "اللاعب توفي على ملعب الحبيب بوعقل في الدقيقة 25 من المباراة إثر سقوط مفاجئ على الرأس بعد لعبة هوائية مع حارسه".

وكشف مدير نادي مولودية سعيدة، مرسلي العربي، أن "الراحل مؤهل من رابطة الثاني هواة بملف طبي، وفي لقاء (لازمو)، كان كل شيء على أحسن ما يرام، قبل أن يسقط بمفرده في الملعب، بلا أي احتكاك مع لاعبي الخصم". هذا وتناقلت عدة صفحات إعلامية صور لاعبي فريق مولودية سعيدة وهم منهارين داخل غرفة الملابس بعد سماعهم خبر وفاة زميلهم.

ما سر تكاثر الأزمات القلبية لدى لاعبي كرة القدم؟

يمكن لتزامن هذه الحوادث الثلاثة خلال هذه الفترة الوجيزة، مع ما شهدته السنة من سقطات مماثلة للاعبين إثر تعرضهم لأزمات قلبية على رقعة الملعب، أشهرهم الدنماركي كريستيان إيريكس ومهاجم "شريف تياسبول" أداما تراوري، أن تعطي انطباعاً بتكاثر حدوث هذه الحالات عند لاعبي كرة القدم.

انطباع تنفيه الدراسات الإحصائية الطبية، إذ تقر أبحاث بريطانية في هذا الشأن بأن سبعة من 100 ألف لاعب تعرضوا لأزمات قلبية أثناء لعبهم في الدوري الإنجليزي. نتائج علق عليها بروفيسور أمراض القلب بجامعة لندن، سانجاي شارما، بأنه "علينا أن نعي حقيقة بأن نسب الوفيات بسبب الأزمات القلبية لدى لاعبي كرة القدم مرتفعة عما كنا نظن في السابق، لكنها تبقى نادرة الحدوث".

فيما عن أسباب هذه الإصابات، تقول الدكتورة أمل لويس، دكتورة الأمراض القلبية بالمستشفى التخصصي الكندي بدبي، إن "إصابة الأشخاص الذين يتمتعون بلياقة عالية، ويتبعون أسلوب حياة صحياً ونشطاً، بالسكتات القلبية غالباً ما يكون سببها المجهود البدني، فإذا كان القلب لديه القدرة على مستوى معين من المجهود، والرياضي أو الرياضية يجهده باستمرار، فإن فرص زيادة سماكة عضلة القلب تكون أعلى وبالتالي مخاطر حدوث السكتة".

وهناك كذلك عوامل وراثية، كالتشوهات على مستوى عضلة القلب، يمكنها أن تؤدي إلى حدوث ذلك. بينما تزامن ذلك في وقت معين يبقى محض الصدفة القدرية بحسب المختصين في المجال. بالمقابل يؤكدون على ضرورة إجراء فحوصات دورية للاعبين لاستباق وقوع الأزمات القلبية، كما تجهيز الملاعب بوسائل الإنعاش، خاصة جهاز تنظيم النبض بالصدمات الكهربائية "Defibrillator"، وتوفر الفرق على طواقم طبية ذات كفاءة لتفادي ضياع أرواح اللاعبين في حال إصابتهم بها.

TRT عربي