%42؜ من سكان العالم.. تَعرَّف تكتُّل بريكس ودوره في زعزعة هيمنة الدولار (AA)
تابعنا

قبل يومين كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن بلاده تلبّي بنسبة كبيرة الشروط التي تمكّنها من الالتحاق بتكتُّل "بريكس".

وأوضح تبون في لقاء دوري مع الصحافة الوطنية بُثّ مساء الأحد، أن "للالتحاق بمجموعة بريكس شروطاً اقتصادية، أظن أنها تتوفر بنسبة كبيرة في الجزائر".

وردّ على سؤال عما إذا كان للجزائر رغبة في الالتحاق بهذا التكتل بقوله: "لن نستبق الأحداث، لكن إن شاء الله تكون هنالك أخبار سارة".

وتَحدَّث تبون عن "مقاربة الجزائر حول ضرورة السعي نحو إقامة نظام اقتصادي جديد يضمن التكافؤ والمساواة بين مختلف الدول"، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية.

ومصطلح بريكس (BRICS) هو اختصار لكتلة الأسواق الناشئة التي تضمّ خمس دول: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

ويهدف التكتل بشكل أساسي إلى خلق توازن دولي في النظام الاقتصادي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بسياستها المالية والنقدية، من خلال إنهاء سياسة القطب الأحادي وإيجاد بديل فعَّال وحقيقي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي يمكّن الدول الأعضاء من منح وتبادل القروض بشكل لا يؤثر ولا يحدث أي خلل اقتصادي، فضلاً عن تعزيز شبكة الأمان الاقتصادي العالمية لتلك البلدان وتجنيبها ضغوط الاقتراض من المؤسسات الغربية وتكبيلها بالفوائد.

ما تكتل بريكس؟

تَكوَّن تكتل بريكس المعروف بتأثيره الكبير في الشؤون الإقليمية، والذي يختصر الحروف الأولى باللغة الإنجليزية للدول المكونة للمنظمة: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، عام 2006 تحت اسم "بريك"، لكن بعد انضمام جنوب إفريقيا إليه عام 2010 تغيرت التسمية إلى دول "بريكس".

ومنذ أول قمة جمعت رؤساء الدول الأربع المؤسسة في روسيا في يونيو/حزيران 2009، اجتمعت حكومات دول بريكس سنوياً في قمم رسمية، استضافت الهند آخرها في 9 سبتمبر/أيلول الماضي.

فيما كان الهدف الرئيسي وراء إنشاء التكتل، الذي يقول عن نفسه إنه منظمة دولية مستقلة تعمل على تشجيع التعاون التجاري والسياسي والثقافي بين الدول المنضوية في عضويته، هو تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية تكون فيه الدول الأعضاء أحد مرتكزات الاقتصاد العالمي المستقبلي، منفردة كانت أو مجتمعة.

ويقع مقرّ تكتل بريكس في مدينة شنغهاي الصينية، التي تستضيف أيضاً "البنك الجديد للتنمية" التابع للتكتل. ويتناوب أعضاء المجموعة الخمسة دورياً على رئاستها سنوياً.

بريكس.. أرقام وحقائق

يمثل تكتّل بريكس ما يقرب من 42% من إجمالي تعداد سكان العالم، فيما تغطي الدول الأعضاء فيه مساحة تزيد على 39 مليون كيلومتر مربع، بما يعادل 27% من مساحة اليابسة.

أما من الناحية الاقتصادية فيحتلّ اقتصاد دول بريكس مراتب متقدمة على الصعيد الدولي، إذ بلغ الناتج المحلي الاسمي لدول بريكس الخمس سنة 2018 نحو 19.6 تريليون دولار، أي نحو 23.3% من إجمالي الناتج العالمي. في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول مشتركة (تعادل القوة الشرائية) نحو 40.55 تريليون دولار، بما يعادل 32% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

كما تحتلّ اقتصادات دول بريكس مراتب متقدمة دولياً على النحو التالي: الصين الثانية عالمياً، والهند الرابعة، وروسيا السادسة، والبرازيل التاسعة، جنوب إفريقيا الخامسة والعشرون.

ومع مجالات اهتمام وطموحات مماثلة لمجموعة السبعة الأكثر رسوخاً (G7)، التي كانت روسيا أيضاً عضواً فيها حتى طُردت بعد ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014، تشكّل مجموعة الدول السبع ودول مجموعة بريك الأصلية (دون جنوب إفريقيا) 11 من بين أكبر 12 اقتصاداً في العالم (والآخر هو كوريا الجنوبية)، وفقاً للبنك الدولي.

هل يزعزع تكتُّل بريكس هيمنة الدولار؟

على الرغم من التباعد الجغرافي بين دول التكتل، بالإضافة إلى التنافس والنزاعات الاقتصادية والإقليمية والسياسية بين الحكومات الخمس، فإن ذلك لا يعني عدم وجود تحالف رسمي أو غير رسمي بين دول بريكس، إذ أظهر عديد من القضايا السياسية درجة التنسيق داخل هذا الكيان، لعل أحدثها الحرب الأوكرانية ووقوف الصين إلى جانب روسيا، وشراء الهند النفط والغاز الروسي رغم الضغوط الغربية عليها.

كما يجب عدم إغفال الأهمية الجيوسياسية لهذه الدول متعددة المموارد التي تحتلّ مواقع استراتيجية في خريطة العالم، فضلاً عن قوتها الصناعية والمالية المتزايدة التي مكّنَتها لتصبح من اللاعبين الرئيسيين في الأسواق الدولية للسلع والخدمات ورأس المال وموارد الطاقة والغذاء، بما يؤثر بشدة، وأحياناً بحسم، في أدائها.

مع ذلك يرى معظم الخبراء أن من السابق لأوانه القول إنه في السنوات القادمة سيتمكن ممثلو هذه الرابطة من تحقيق توازن القوى في العلاقات النقدية والائتمانية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتغلب على هيمنتهم طويلة الأجل في التمويل العالمي، خصوصاً أن كل ذلك مرهون بتحويل الوحدات النقدية لدول بريكس إلى أصول احتياطية مؤثرة يمكنها الضغط على الدولار الأمريكي واليورو في خدمة العلاقات الاقتصادية العالمية وإنشاء مراكز مالية دولية كبيرة فيها يمكنها التنافس على قدم المساواة مع لندن أو نيويورك.

TRT عربي