أول احتجاج في هوليوود ضد الذكاء الاصطناعي.   / صورة: AFP (Frederic J. Brown/AFP)
تابعنا

في سابقة منذ ما يزيد على 60 عاماً، أعلنت نقابة ممثلي هوليوود الدخول في إضراب يوم الخميس. وبذلك انضم ممثلو أكبر قطب للسينما في العالم إلى حركة كتاب السيناريو الذين يخوضون منذ أسابيع إضرابات واسعة احتجاجاً على اتساع رقعة استخدام الذكاء الاصطناعي، ومطالبة برفع الأجور.

ويعد الإضراب الذي يخوضه عاملو هوليوود، ممثلين وكتاب سيناريو، أول احتجاج من نوعه في التاريخ ضد أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي تشهد تطوراً واسعاً لا يضاهيه سوى كثافة استخدامها في المجالات كافة، وعلى رأسها الصناعة السينمائية، وهو ما يمثل تهديداً كبيراً لمئات الوظائف التي تعيل الآلاف من العاملين بها.

إضرابات في هوليوود

وأعلن اتحاد "Sag-Aftra" الذي يمثل ممثلي هوليوود، يوم الخميس، أنه سينضم لإضراب نقابة كتاب السيناريو "WGA"، احتجاجاً على استخدام الذكاء الاصطناعي وضعف الأجور، وهو ما دفع نحو 160 ألف ممثل للتوقف عن العمل بالتلفزيون واستديوهات التصوير السينمائي في لوس أنجلوس، تلبية للقرار النقابي.

وصرحت فران ديشر، الممثلة الأمريكية ورئيسة نقابة "Sag-Aftra"، في مؤتمر صحفي الخميس، أن: "في مرحلة ما، علينا أن تقول لا: لن نصمت بشأن هذه الظروف بعد الآن (...) لا يمكنكم تغيير نموذج العمل إلى هذا الحد، ولا تغيير للعقود أيضاً". وأضافت الممثلة قائلة: "إذا لم نقف شامخين الآن، فنحن جميعاً في ورطة".

بالمقابل، سبق اتحاد كتاب السيناريو بهوليوود الممثلين إلى قرار الإضراب. وفي مطلع مايو/أيار الماضي، كان اتحاد كتاب السيناريو الأمريكي "WGA" قد أعلن دخوله في إضراب، بعد فشل المفاوضات مع الاستوديوهات والمنصات الرئيسية في هوليوود بشأن مطالب تتعلق تحديداً بزيادة أجورهم وتقديم ضمانات تحمي مهنهم من تعويضها بالذكاء الاصطناعي.

وتضم نقابة كتاب السيناريو ما يزيد على 11 ألفاً و500 عضو في صفوفها. وفي رسالة نشرتها النقابة في 7 مايو، قالت إنه: "لم نتوصل إلى اتفاق مع الاستوديوهات وهيئات البث، سنبدأ الإضراب مع انتهاء مدة التعاقد عند منتصف الليل". مشيرة إلى أن ردود الاستوديوهات على المطالب كانت "غير كافية بتاتاً، نظراً إلى الأزمة الوجودية التي يواجهها كتّاب السيناريو".

ويرى الكتاب أن أرباح هوليوود تضاعفت بشكل مهول خلال العقدين الأخيرين، تزيد على 100 مليار دولار على مدار تلك المدة، ومقابل هذا انخفض متوسط دخل كتاب السيناريو بما يعادل 4%، وقد تصل النسبة إلى 23% بأخذ التضخم بعين الاعتبار، في حين عبّر 36% من عمال الترفيه عن مخاوفهم الكبيرة بشأن تهديد استخدام الذكاء الاصطناعي لوظائفهم.

ويأتي هذا الإضراب الواسع من عاملي السينما والتلفزيون الأمريكيين، في عز الموسم الترفيهي بهوليوود وفي وقت تستعد فيه شركات الإنتاج إطلاق عدد من الأفلام التي تراهن على أن تحدث ضجة هذا الموسم.

يرجح أن يتأثر، بفعل هذه الإضرابات، إنتاج أشهر الأفلام التي تصوّر حالياً في هوليوود، ومن بينها أجزاء من فيلمي "أفاتار" و"غلادياتر". كما سيتأثر عدد من الأحداث الترويجية، مثل العروض الأولى لكل من أفلام "هونتد مانشن" و"أوبنهايمر" التي ستصدر في وقت لاحق من هذا الشهر.

كيف يهدد الذكاء الاصطناعي عاملي هوليوود؟

ويعد إضراب عاملي هوليوود سابقاً من نوعه، لكونه أول احتجاج عمّالي ضد برمجيات الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت تمثل تهديداً وجودياً مستقبلياً لعدد كبير من الوظائف، إذ وحسب خبراء ماليين في بنك "غولدمان ساكس"، يهدد الذكاء الاصطناعي بالقضاء على ما يزيد على 300 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول 2030.

وفي هوليوود، بدأ مؤخراً الاستخدام المكثف لهذه البرمجيات، سيغير الذكاء الاصطناعي صناعة الأفلام إلى الأبد. وبدافع الكفاءة والفاعلية، يمكن أن توظفه هوليوود في مراحل الإنتاج كافة، من الكتابة والإخراج إلى الإنتاج والتسويق.

وحسب كاتب السيناريو الأمريكي جايسون هيلرمان، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات حول تفضيلات المشاهد وتقديم توصيات بناءً على تلك التفضيلات. وهو ما قد يؤدي إلى اعتماد الاستوديوهات على هذه البرمجيات في إنتاج أفلام لجماهير محددة، وهو ما قد يقضي على الإبداع السينمائي.

إضافة إلى هذا، وحسب المصدر ذاته، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في جعل جوانب معينة من عملية صناعة الأفلام، مثل التحرير أو كتابة القصص أو تصميم الصوت، أوتوماتيكية. وهو ما قد يقضي على آلاف الوظائف، أمام الإغراء الذي تقدمه هذه البرمجيات للاستديوهات بتقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الكفاءة.

وفي هذا الصدد، صرّح الإعلامي الأمريكي بين مانكيويكز، أنه جرب إعادة كتابة مقدمة لسيناريو فيلم "سيتزن كين" عبر برنامج ChatGPT. وقال مانكيويكز: "كانت النتيجة تفتقر إلى بعض التفاصيل والسياق، ولكنها كانت مكتوبة بشكل جيد ومدروس (...) كان الأمر مثيراً للإعجاب للغاية".

وعدا الكتابة، يمكن استخدام تقنيات مثل "التزييف العميق" في التمثيل، وهو ما قد ينقص من أصالة إبداع الممثل، كما قد ينتهك خصوصيته الذاتية وحقوق ملكيته الإبداعية، وفي هذا الصدد، صرح الممثل الأمريكي كيانو ريفز، بأنه فرض على شركة الإنتاج لإضافة بند يمنع الاستديوهات من تعديل أدائه بشكل رقمي، وقال ريفز: "إذا سمحنا بالمرور إلى التزييف العميق، فلن تبقى أي أصالة لعملنا".

وحسب استطلاع رأي أخير، اعترف 13% من عمال الصناعات الترفيهية بهوليوود، أنهم أو فريقهم أو شركتهم يستخدمون حالياً أدوات تعمل بالذكاء الاصطناعي التوليدية، وكشف 17% آخرون أنهم يخططون لتطبيقها قريباً.

TRT عربي
الأكثر تداولاً