مشهد من فيلم أميرة (وسائل التواصل الاجتماعي)
تابعنا

ما أن أُعلِن عن فيلم "أميرة" الذي اختاره الأردن ليُمثّل المملكة في جوائز الأوسكار للتنافس عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة 2022، حسب ما أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، حتى أثار ضجة عالمية، تبعتها حملات تدعو لسحب الفيلم فوراً، لما فيه من إساءة لقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وجاء هذا الرفض كون الفيلم يتناول قضية حساسة (تهريب نطف الأسرى من سجون الاحتلال)، إذ تدور أحداث الفيلم حول نطفة هُرِّبت من سجون الاحتلال إلى زوجة أسير، لتنجب الزوجة طفلة، اكتشفت لاحقاً أنها ابنة ضابط صهيوني، بالإضافة إلى التشكيك المبالغ في شرف زوجات الأسرى والذي تمثل في الدور الذي أدته الفنانة الأردنية صبا مبارك.

واعتبر العديد من النقاد والنشطاء والإعلاميين الفلسطينيين، أن الفيلم مسيء للأسرى وزوجاتهم، ودعوا إلى سحبه فوراً والاعتذار، بسبب مسِّه فكرة "تهريب نطف الحرية"، أو ما أطلق عليه الفلسطينيين "سفراء الحرية"، نسبة إلى أطفال الأسرى.

وولدت فكرة النطف المهربة من داخل سجن هداريم لدى الأسير عباس السيد المحكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة، وذلك من باب سد حاجة الأسير وزوجته التي تغيب عنها سنوات طويلة وحرمهما الاحتلال نصيبهما في الإنجاب، وكانت المحاولة خطوة لتحدي وكسر قيد الأسرى.

ونجح الأسرى في تهريب نطفهم وإنجاب 102 طفل وطفلة بهذه الطريقة، وكان الأسير عمار الزبن من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، والمحكوم بالسجن المؤبد 27 مرة، أول من هرّب النطف، ليرزق فيما بعد بطفله مهند (تسع سنوات) هو أول طفل فلسطيني يولد عن الطريق النطف المهربة من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

جهل وسقوط أخلاقي

واعتبرت مي الزبن شقيقة الأسير عمار الزبن الفيلم "ساقطاً أخلاقيا"، وطالبت في حديث لـTRT عربي بسحبه فوراً لأنه يشوه سمعة الأسرى ويحط من قيمة المبادرة الحرة وقيمة سفراء الحرية (أطفال الأسرى).

من جانبه أظهر أسعد دقة شقيق عميد الأسرى الفلسطينيين وليد دقة، الذي أمضى 35 عاماً في سجون الاحتلال، وأنجب عن طريق النطف المهربة، جانب جهل القائمين على الفيلم بتفاصيل "تحرير النطف".

وقال دقة لـTRT عربي: "لو أرادوا عقد صفقة إنسانية وإظهار الجانب الحقيقي لهذه الفكرة، لصورا حقيقة طلب الأسرى سابقا من القضاء الإسرائيلي إعطائهم حق الجماع بزوجاتهم والإنجاب، ورفض القضاء الإسرائيلي للأمر، ما اضطرهم الذهاب إلى طريق ثان، لأنهم يبحثون عن الحياة ويحاولون الإنجاب للاستمرار في هذه الحياة".

وأوضح دقة أن "عملية تحرير النطف هي عملية معقدة لا تمر بيد السجان ومن المستحيل أن تقع بين أيدي من يرفضون هذه الفكرة ويحاولون إفشالها، كما أنه يتم وضعها في بنك النطف، وتجري عملية فحص DNA قبل زراعتها في رحم زوجة الأسير".

وأضاف: "يطلب السجان الإسرائيلي فحص DNA قبل زيارة هؤلاء الأطفال لآبائهم في سجون الاحتلال، وهذه المعطيات تؤكد جهل كاتب السيناريو والمخرج والممثلين والمنتجين للفيلم بحيثيات تحرير النطف، وأن ما جاء في الفيلم خيال مبالغ فيه ومسيء ولا يمت للحقيقة بصلة".

وتساءل دقة: "على أي سيناريو اعتمد القائمين على الفيلم"، ويجيب: "بالتأكيد اعتمدوا على الرواية الإسرائيلية، فهم لا يعلمون كيف تجري عملية تحرير النطف وعملية الإخصاب والزراعة وتحضيرها قبل أشهر"، واصفاً الفيلم بـ"العمل المقرف الذي يحاول فقط مخاطبة الأوروبيين على حساب قضية عادلة كقضية الأسرى".

وعن الخطوات القادمة، قال دقة إنه "بالإضافة (إلى) لحملات التي تُجرى حالياً لسحب الفيلم وخفض تقييمه، سيتم فحص إمكانية رفع قضايا من اهالي الأسرى الفلسطينيين ضد القائمين على الفيلم".

وعقّبت سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة على الفيلم قائلة: "الفيلم يشوه قضية الأسرى وأطفال النطف المحررة"، مؤكدة أنها "حاولت التواصل مع الطاقم والمخرج للتراجع عنه لكنهم لم يتجاوبوا وهذا يعكس انتهازية وأن لديهم مصالح خاصة".

فيلم أميرة عرفت عنه وهم يصوروا بآخر لقطاته.. حاولنا مع الأسرى نمنع إكماله وتصويره ولم ننجح، والقائمين على هذا الفيلم...

Posted by ‎سناء أحمد سلامة‎ on Tuesday, December 7, 2021

بيانات رافضة للفيلم

أصدر مكتب إعلام الأسرى بياناً تلقت TRT عربي نسخة منه، قال فيه: "إن ما تناوله فيلم (أميرة) بهذا الأسلوب وهذا المستوى من الهبوط الفكري والسلوك الذميم و التوظيف السيئ للفن والإعلام في التعامل مع قضية نطف الأسرى المهربة، لا يخدم سوى الاحتلال ولا يسئ إلا لصاحبه".

واعتبر المكتب أن: "قضية سفراء الحرية ما هي إلا إصرار وعزيمة على إكمال مسيرة الحياة وتحدٍ للاحتلال والسجان، يُسجل بها الأسرى انتصاراً فريداً ونموذجاً للحياة رغم عتمة السجن".

وطالب المكتب بإيقاف بث ونشر الفيلم وسحب الهيئة الملكية الأردنية للأفلام ترشيحها للفيلم بالمنافسة على جائزة أوسكار، كما دعا جهات الرقابة الرسمية لعدم السماح بعرض الفيلم لما يحمله من إساءة وتشوية ودس السم في العسل بما يخص نضالات الأسرى ومشروع سفراء الحرية.

في السياق ذاته قال قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني إن "الفيلم يخدم الاحتلال وروايته ضد الأسرى، مشيرا إلى أنه سيتخذ موقفاً وخطوات عملية ضدّ الفيلم".

وأدان فارس واستنكر بشدة في حديث إلى وسائل إعلام فلسطينية استغلال هذه القضية التي تُعتبر إنجازاً فلسطينياً لم يحدث في التاريخ إلاّ في فلسطين.

وحسب رئيس نادي الأسير، فإن "مَن لجأ إلى هذه الحبكة السينمائية، عبر استغلال قضية وطنية حساسة، تعامل معها بطريقة مَرَضية، لغايات تسويقية"، مضيفاً أن "العمل لا علاقة له بالفن، وفيه استغلال لقضية عالية الرمزية بطريقة وضيعة، وسيكون لنا موقفنا في هذا الخصوص، وخاطبنا وزارتي الثقافة والخارجية ورئاسة الوزراء وهيئة شؤون الأسرى والهيئة العليا للأسرى، وستكون لنا مجموعة من الخطوات ضد هذا الفيلم".

أما وزارة الثقافة الفلسطينية فقد صرحت لوسائل إعلام فلسطينية، قائلة إن "فيلم أميرة يعتدي ويسيء بكل وضوح لكرامة الأسرى وبطولاتهم وتاريخهم الكفاحي العظيم"، فيما عقب نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب على الفيلم قائلاً: "ليس لنا علاقة بفيلم أميرة، وموقفنا أن الفن يحاكي واقع الناس، وهناك تشويه في بعض الحالات للقضية الفلسطينية".

وأضاف: "قضية النطف المهربة هي قضية إنسانية وأخلاقية ونضالية، ولا يمكن القبول بإساءة أو تشكيك في الأسرى داخل سجون الاحتلال".

اسحبوا فيلم أميرة

شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الأردن وفلسطين استياء واسعاً بعدما تكشفت تفاصيل فيلم "أميرة". وأطلق نشطاء وسم "اسحبوا فلم أميرة"، وكان الوسم الأكثر تفاعلاً عربياً.

واعتبر النشطاء أن الفيلم يساعد الاحتلال في اغتيال الأسرى معنوياً.

ودعا آخرون لخفض تقييم الفيلم، الأمر الذي لقي تفاعلاً كبيرة وانخفض تقيمه عدة درجات.

وساهم نشطاء آخرين بنشر صور "سفراء الحرية" أطفال الأسرى الذين وُلدوا من النطف المهربة.

TRT عربي