الأمير الأحمر علي حسن سلامة. (Others)
تابعنا

تصادف يوم السبت 22 يناير/كانون الثاني الجاري الذكرى الـ43 على عملية اغتيال القائد في منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمة أيلول الأسود، علي حسن سلامة، والذي لثرائه الفاحش ووسامته تمكن من إيقاع ملكة جمال الكون، اللبنانية جورجينا رزق، في غرامه واختارت أن تكون زوجة ثانية له عام 1978.

وحظي الأمير الأحمر، الذي لقب بـ"الأمير" بسبب ثرائه وظروف معيشته وأما "الأحمر" فيشير إلى نضاله في صفوف المقاومة الفلسطينية، بشعبية جارفة في الشارع العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً، وذلك بسبب شخصيتة القوية والجذابة، والذي رغم ثراء عائلته، إلا أنه قرر الانضمام إلى المقاومة الفلسطينية في لبنان بعد أن تلقى تدريبه العسكري في القاهرة وموسكو.

وبعد 5 محاولات اغتيال فاشلة، نجح الموساد في اغتيال القائد الفلسطيني علي حسن الذي كان مسؤولاً عن الجهاز الأمني لحركة فتح واتهمته إسرائيل بأنه المخطط الرئيسي لعملية ميونيخ التي نفذتها المقاوم الفلسطينية عام 1972، يوم 22 يناير/كانون الثاني 1979 وسط العاصمة اللبنانية بيروت.

المولد والنشأة

ملكة جمال الكون، جورجينا رزق، زوجة علي حسن سلامة. (Others)

ولد علي حسن سلامة يوم 1 أبريل/نيسان 1941 في قرية قولة قضاء اللد لعائلةٍ ثرية، أبوه هو المناضل حسن سلامة الذي كان من أبرز قيادي جيش الجهاد المقدس الذي قاده المفتي الحاج أمين الحسيني في حرب 1948. بعد تدمير قريته على يد العصابات الصهيونية عام 1948، التجأت عائلة سلامة إلى لبنان قبل أن تنتقل بعد عدة سنوات إلى رام الله في فلسطين، حيث أكمل علي حسن سلامة دراسة الثانوية العامة هناك، ثم سافر إلى سويسرا لدراسة اللغات، ومنها إلى ألمانيا قبل أن يعود إلى القاهرة حيث درس التجارة وتخرج بدرجة البكالوريوس من كلية التجارة في جامعة القاهرة عام 1963.

بعد تخرجه، سافر سلامة إلى الكويت عام 1965 ليتولى منصب مدير دائرة التنظيم الشعبي التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الكويت عام 1965، كما ترأس اتحاد طلبة فلسطين هناك.

وفي أعقاب نكسة يونيو/حزيران 1967 سافر سلامة إلى الأردن من أجل الالتحاق بمقاتلي حركة فتح، ليجري إرساله إلى القاهرة ومن ثم موسكو ليتدرب على أيدي ضباط المخابرات، حيث شارك بعد عودته في تأسيس الجهاز الأمني لحركة فتح وجهاز "رصد" الذي هو عبارة عن جهاز المخابرات التابع للحركة في الأردن، ليصبح عقب ذلك من أبرز المقربين إلى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. وكان سلامة في تلك الفترة مسؤولاً عن أمن ياسر عرفات وباقي القادة الفلسطينيين، بالإضافة إلى كونه عضواً في المجلس الثوري لحركة "فتح".

وفي سبعينيات القرن الماضي، أوكل إلى سلامة أدواراً عدة، منها مهمة تشكيل "القوة 17" التي ضمت وحدات عسكرية تابعة لحركة "فتح"، الأمر الذي خوله أن يكون مصاحباً لياسر عرفات على الدوام، وكان من بيين القيادة التي رافقت عرفات في خطابه في الأمم المتّحدة عام 1974، كما أسندت إليه مهمة التفاوض مع القيادة المارونيّة في بيروت الشّرقيّة بعد اندلاع الحرب الأهليّة اللبنانيّة.

تفوقه على الموساد

علي حسن سلامة رفقة ياسر عرفات. (Others)

مع انتقال القيادة والمقاومة الفلسطينية إلى لبنان عقب أحداث "أيلول الأسود" التي وقعت في الأردن، تولى علي حسن سلامة قيادة العمليات الخاصة ضد المخابرات الإسرائيلية في العالم وأوروبا تحديداً، من لبنان منذ عام 1970.

لينفذ في سبتمبر/أيلول 1972 عملية نوعية مفاجئة للموساد ودولة إسرائيل والعالم أجمع، عندما اقتحم 8 مقاومين فلسطينيين من منتسبي منظمة أيلول الأسود مقر البعثة الرياضية الإسرائيلية المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في مدينة ميونيخ الألمانية، احتجزوا تسعة رهائن إسرائيليين، وطالبوا بالإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مقابل الإفراج عنهم.

وإلى جانب عملية ميونيخ التي رفضت خلالها إسرائيل التفاوض مع المختطفين وانتهت بمقتل الرهائن والخاطفين على حد سواء، ارتبط اسم الأمير الأحمر بالعديد من العمليات النوعية الأخرى، والتي تمثلت في إرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من عملاء الموساد في أوروبا.

كما تمكن سلامة من كشف العديد من جواسيس الموساد داخل المنظمة وبيروت عموماً، ومن أبرز الذين اكتشفهم كانت الجاسوسة الشهيرة أمينة المفتي، التي تخفّت بغطاء عملها متطوعةً في المخيمات الفلسطينية، واستطاعت اختراق صفوف قيادات منظمة التحرير والتقرب منهم، قبل أن ينجح علي حسن سلامة في اكتشاف أمرها واعتقالها.

وفي أحدى محاولات إسرائيل الفاشلة لاغتياله في عام 1973، قتل الموساد بالخطأ نادلاً مغربياً اسمه أحمد بوشيخي، وأصبحت هذه القضية تعرف باسم قضية "ليلهامر" في النرويج، حيثُ أدت إلى اعتقال عددٍ من عملاء الموساد الإسرائيلي، وسببت احراجاً كبيراً لإسرائيل وجهاز استخباراتها.

عملية اغتياله

عقب سطوع نجمه، أمرت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير باغتياله بعد أن قالت "اعثروا على هذا الوحش واقتلوه". وهناك رواية أخرى مفادها أن غولدا مائير هي من سمته بالأمير الأحمر بعد أن أذاق إسرائيل والموساد العديد من الويلات.

وإلى جانب العمليات النوعية التي نفذها ضد إسرائيل، تلقت إسرائيل صفعة قوية أخرى عندما اكتشفت أنه تمكن من بناء قنوات تواصل مع الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، وهو الأمر الذي سبب صدمة كبيرة للموساد والقيادات الأمنية والسياسية في تل أبيب.

وهو ما دفع إسرائيل إلى وضع ثقلها بالكامل من أجل اغتياله، ولإتمام ذلك جند الموساد البريطانية ذات الأصول اليهودية إيريكا تشامبرز التي خضعت لعملية تجميل من أجل إخفاء مظهرها الحقيقي، والتي بدورها استطاعت التنكر والتقرب من سلامة ومعرفة تفاصيل تحركاته، لتقوم في 22 يناير/كانون الثاني 1979 بتفجير سيارة كانت مركونة بالقرب من طريق مرور سيارته في بيروت، الأمر الذي أدى إلى مقتله مع حراسه الأربعة، إلى جانب مقتل أربعة من المارة.

TRT عربي