هل ستتحكم الروبوتات المقاتِلة بمستقبل العالم؟ (Others)
تابعنا

حتى وقت قريب بدا الحديث عن الروبوتات المقاتلة وكأنه أحد أفلام الخيال العلمي، لكنه في يومنا الحالي أصبح أقرب إلى الواقع من أي وقت قد مضى، وذلك عقب الكثير من المشاهد التي نراها والتقارير التي نقرأها عن قدرات الأنظمة المُسيّرة الهائلة ودورها في حسم الصراعات العسكرية بكل يُسر.

لكن ما يميّز المركبات والمنصّات المُسيّرة أنها ما زالت نصف آلية وأن العنصر البشري ما زال يُشكّل جزءاً أساسياً من منظومة عملها، كونه هو من يُعطي أوامر الهجوم من عدمها. إلا أن التقدّم الذي شهدته التكنولوجيا العسكرية وتقنية الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة ساهم في الحدّ من الدور البشري وباتت المنظومات أكثر استقلالاً بالقيام بعمليات دون أيّ تدخل بشري وذلك بعد برمجتها بتحكم ذاتي كامل.

ومع تنامي قدرات الروبوتات والمنظومات القتالية على نحوٍ غير مسبوق عقب إدماجها بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وفي وقت يشهد احتدام المنافسة بين الدول العظمى لتطوير وامتلاك روبوتات قتالية من أجل تعزيز ترسانتها العسكرية، تعالت الأصوات المطالِبة بوقف مثل هذه المشاريع والحدّ من انتشار هذه الأسلحة على نطاق واسع خوفاً من أن يُرهن مستقبل العالم بيد الروبوتات المقاتِلة يوماً ما.

ما الروبوتات المقاتِلة؟

يُطلَق مصطلح الروبوتات المقاتِلة على الأسلحة والمنصّات ذاتية التحكّم والمستقلّة بالكامل، وهي عبارة عن منظومات قتالية آلية القيادة يمكنها السير أو الإبحار أو التحليق بدون مُشغّل، كما يمكنها تحديد الأهداف والتعامل معها دون الحاجة إلى أي تحكم بشري.

وبإمكان هذه الروبوتات استخدام قوّتها التدميرية الهائلة دون تلقي أي أوامر بشرية، وذلك من خلال برامجها وخوارزمياتها المتطورة التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي بشكل غير مسبوق.

لكن أكثر ما يعيب هذه المنظومات هو عدم قدرتها على التمييز بين المدنيين والعسكريين والخصوم على أرض الميدان ضمن ظروف الحرب غير المتوقّعة، فضلاً عن إمكانية اختراقها البرامج التي تشغلها من الهاكرز أو الإرهابيين أو دول معادية، الأمر الذي قد يقود إلى حرب شاملة وإبادة جماعية.

تجدر الإشارة إلى أن مصطلح الروبوتات المقاتِلة لا يُطلق على الأنظمة المجسّدة على شكل إنسان آلي فحسب، بل أيضاً على المنصّات والمركبات العسكرية المختلفة المشغلة بالذكاء الاصطناعي مثل السفن والطائرات والدبابات وغيرها.

منافسة محتدمة ودعوات للحظر

شهدت السنوات القليلة الماضية شروع دول عظمى في إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن أنظمة منصاتها المُسيّرة للخروج بأفضل الأسلحة والمنظومات القتالية التي ستعزز ترسانتها الخاصة بحروب المستقبل التي ستُدار من الروبوتات والآلات، باعتبار أن الروبوتات المقاتِلة لا تُصاب بالتعب والإرهاق، وتستطيع تنفيذ مهام ومناورات أكثر خطورة مقارنة بالأنظمة التقليدية التي يقودها البشر.

والثلاثاء الماضي، أعلنت نيوزيلندا، وهي زعيمة مؤثرة في نزع السلاح، أنها ستضغط من أجل فرض حظر دولي على أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل، وسط مخاوف متزايدة من أن الأسلحة الخارجة عن السيطرة البشرية يمكن أن تنتهك الحدود القانونية والأخلاقية وتزيد من زعزعة الاستقرار العالمي.

من جانبها، دعت 30 دولة على الأقل إلى فرض حظر عالمي شامل على الروبوتات القاتلة، وهو الأمر الذي دافع عنه نشطاء الحدّ من التسلّح وحقوق الإنسان منذ فترة طويلة. لكن بعض القوى العسكرية الرائدة في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا، قلّلت من مخاطر مثل هذه الأسلحة، فيما قالت الصين، التي يتزايد إنفاقها العسكري منذ عقود، إنها تؤيد فرض حظر على استخدام الأسلحة ذاتية التشغيل ولكن ليس على تطويرها وإنتاجها.

فيما وقّعت الشخصيات والشركات الرائدة في قطاع التكنولوجيا، ولعلّ أبرزهم الملياردير إيلون ماسك، على تعهد عام 2018 يلتزمون فيه عدم تطوير أو استخدام أسلحة مستقلة. وهو التعهّد الذي نظّمه معهد Future of Life ومقرّه بوسطن، والذي يسعى للحدّ من مخاطر الذكاء الاصطناعي، حيث أطلق على الروبوتات القاتِلة "أدوات قوية للعنف والقمع".

TRT عربي