السيارة الكهربائية التركية محلية الصنع (AA)
تابعنا

منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة عام 1923، وحلم إنتاج سيارة تركية بإمكانيات محلية يراود السياسيين والمواطنين على حد سواء، وبينما أصبحت فكرة إنتاج السيارات أكثر انتشاراً في تركيا، بدأت رحلة الأتراك لإنتاج سيارتهم المحلية منذ عام 1961.

ورغم من نجاح أولى المحاولات التركية لإنتاج 4 نسخ من سيارتهم المحلية التي أطلقوا عليها اسم "ديفريم"، تمكنوا من إنتاجها بتمويل وعقول تركية خالصة خلال 129يوماً فقط، لكنه فشل في إنتاجها بكميات كبيرة. وهناك فيلم يحمل اسم (Devrim) أنتج عام 2008، يروي قصة هذه السيارة.

ظلت المحاولات التركية مستمرة دون جدوى إلى أن جاء عام 2017، حيث أعلن الرئيس أردوغان أن الخطوة التاريخية التي كانت تنتظرها تركيا منذ 60 عاماً، سيحققها اتحاد الخمسة الكبار، في إشارة إلى الشركات الخمس المشاركة بمشروع السيارة الوطنية الكهربائية (TOGG)، التي تستعد للنزول على الطرقات التركية في النصف الثاني من العام المقبل.

حلم عمره 60 عاماً

سيارة ديفريم، أولى المحاولات التركية لإنتاج سيارة محلية. (Others)

تعود قصة صناعة السيارات التركية إلى العام 1961، ففي أعقاب انقلاب عام 1960، أصدر الرئيس آنذاك جمال غورسل أمراً إلى وزارة النقل لتصنيع سيارة وطنية بإمكانيات محلية، على أن تكون جاهزة بحلول عيد الجمهورية في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1961. وخلال 129 يوماً فقط، تمكن المهندسون من بناء أول سيارة محلية في تركيا حملت اسم "ديفريم"، لكن المشروع توقف بعد أن أنتج 4 نسخ منها بسبب نفاد وقودها بعد 100 متر خلال احتفال يوم الجمهورية. ليخلد التاريخ هذا الإنجاز بعبارة غورسل الشهيرة "صنعنا سيارة برأس غربي، لكن رأسنا الشرقي أنسانا وضع البنزين".

فيما شهد عام 1966 إنتاج سيارة "الأناضول" من قبل مصنع "أوتوسان" الذي أنشأه رجل الأعمال التركي وهبي كوتش عام 1959، وكانت بمثابة أول سيارة تركية محلية تسير على الطرقات، لكن رغم إنتاج الشركة 93 ألفاً و188 سيارة للسوق، توقف المشروع عام 1984.

وخلال تلك الفترة، تعاون وهبي كوتش مع مالك شركة فيات الإيطالي جيوفاني أجنيلي بإنشاء مصنع "توفاش" الذي افتتح عام 1971 وبدء بإنتاج سيارات من طراز "مراد" و"دوغان" و"كارتال"، ولكن هذه المرة بمشاركة ودعم أجنبي.

تجدر الإشارة إلى أن أول خط لتجميع السيارات بُني في تركيا بواسطة شركة (Ford) في عام 1929، لكنه أغلق بسبب الكساد العظيم الذي ضرب أمريكا عام 1930. ويذكر أيضاً أن الأتراك تمكنوا في عام 1958 من إنتاج سيارة صغيرة ذات 3 عجلات أطلقوا عليها اسم "نوبل 2000 ".

السيارة الوطنية على الطرقات بحلول 2022

صبت تركيا منذ عام 2017 جل جهودها وخبراتها من أجل وضع الأسس الصحيحة والواقعية لإطلاق سيارتها الكهربائية التي وعدت بأن تكون بخبرات وإمكانيات وطنية كاملة، وذلك عقب اجتماع الجمعية العامة لاتحاد الغرف التجارية (TOBB) بالعاصمة أنقرة، والذي طلب خلاله أردوغان من رئيس الجمعية رفعت حصارجيكلي أوغلو أن يقود عملية إنتاج أول سيارة تركية محلية الصنع 100%، يُكتب عليها صُنع في تركيا.

وفي أعقاب هذا اللقاء، بدأت الاستعدادات لتمويل مشروع السيارة التركية (TOGG) التي قدرت قيمته بنحو 3.7 مليار دولار عبر التحالف الذي شكلته أضخم وأقوى خمس شركات تركية، فيما وقع الاختيار على محمد غورشان كاراكاش ليكون المدير التنفيذي للمشروع، والذي قبل استقطابه كان يشغل منصب نائب مدير شركة شركة (Bosch) الألمانية وقد بدأ حياته مهندساً ميكانيكياً بعد التخرج في جامعة الشرق الأوسط.

وتستعد تركيا لإطلاق سيارتها الكهربائية الأولى التي وصفها كاراكاش قائلاً: "ليست سيارة وحسب، بل ستكون حاسوباً يمشي"، في النصف الثاني من عام 2022 للمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية. ويُنتظر أن تصنع المجموعة 175 ألف سيارة سنوياً، وفيما سيكون تركيز البيع في السوق المحلية أولاً، سيجرى الانفتاح على السوق الدولي بعد عامين أي في 2024.

مركزاً استراتيجياً لصناعة السيارات

رغم فشل محاولاتها سابقاً في إنتاج سيارة وطنية بتمويل وبإمكانيات محلية خالصة، نجحت تركيا في جذب كبار مُصنعي السيارات العالميين وفي أن تكون مركزاً استراتيجياً في هذا النوع من الصناعات على مدار سنوات عديدة، فمنذ خمسينيات القرن الماضي انتهجت الحكومات التركية المتعاقبة سياسات تجارية ونقدية وضريبية مشجعة ازدادت وتيرتها خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، من أجل النهوض بهذا القطاع وجذب المزيد من الشركات العالمية العاملة في هذا المجال الحيوي من الصناعات.

وتعد تركيا اليوم مركزاً استراتيجياً مهماً لإنتاج السيارات بسبب موقعها الجغرافي المتميز الذي يربط الشرق بالغرب، وامتلاكها مهندسين وأيدٍ عاملة تتمتع بخبرات حديثة ومتطورة، وتشريعها قوانين تجارية ونقدية تسهل عمل هذه الشركات، بالإضافة إلى تمتعها ببنية صناعية متقدمة وبنى تحتية حديثة ومتشعبة، وخطوط نقل بحرية وجوية وبرية.

وبينما شهدت السنوات الـ5 الأخيرة وصول صادرات تركيا من السيارات إلى نحو 900 ألف مركبة إلى 180 دولة حول العالم، قفزت صادرات الشركات العاملة في صناعة السيارات إلى قرابة 3.9 مليارات دولار أمريكي.

TRT عربي