"المدافع الصامد".. ماذا وراء أكبر مناورة عسكرية للناتو منذ الحرب الباردة؟ - أرشيفية / صورة: AA (Baris Seckin/AA)
تابعنا

مع استمرار روسيا وأوكرانيا في القتال بعد ما يقرب من عامين، بالإضافة إلى الحرب على غزة الآخذة في التوسع إقليميّاً، من المنتظر أن يبدأ حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأسبوع المقبل، أكبر مناوراته العسكرية منذ انتهاء الحرب الباردة بمشاركة نحو 90 ألف فرد.

ومن المقرر أن توضح هذه العملية، التي أُطلق عليها اسم "المدافع الصامد 2024"، كيف يمكن للقوات الأمريكية تعزيز الحلفاء الأوروبيين "خلال سيناريو محاكاة للصراع الناشئ ضد خصم قريب من الأقران"، وإظهار أن الحلف قادر على الدفاع عن كل أراضيه حتى حدود الناتو مع روسيا، حسبما قال الجنرال بالجيش الأمريكي كريستوفر كافولي، الذي يشغل منصب القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي في أوروبا.

من جهتها، حذرت موسكو على لسان نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو من أن تؤدي أكبر مناورة للناتو منذ انتهاء الحرب الباردة، إلى "عودة لا رجعة فيها لتلك الحرب" من الحلف لمخططات الحرب الباردة. وقال غروشكو في تصريحات لوكالة الإعلام الروسية الرسمية: "هذه التدريبات عنصر إضافي في الحرب الهجينة التي يشنها الغرب على روسيا…، إذ يجري تجهيز وإعداد عملية التخطيط الحربي والموارد والبنية التحتية للمواجهة مع روسيا".

الأوسع منذ الحرب الباردة

عملية "المدافع الصامد 2024"، التي يشارك بها 90 ألف فرد من 31 دولة، تضم أكبر عدد من القوات التي يستخدمها الناتو في مناورة عسكرية منذ الحرب الباردة، وذلك عندما حُشد 125 ألف جندي في مناورة عام 1988 أُطلق عليها اسم "Reforger"، وذلك في خضم الحرب الباردة آنذاك بين الاتحاد السوفييتي وحلف شمال الأطلسي.

والخميس، أعلن الناتو أنه سيبدأ أكبر تدريب عسكري منذ الحرب الباردة مطلع شهر فبراير/شباط، وسيستمر حتى أواخر مايو/أيار. وقد جرت الموافقة على هذه العملية خلال قمة الناتو لعام 2023 في فيلنيوس، ليتوانيا، ما يمثل خروجاً عن المناورات العسكرية التقليدية واسعة النطاق.

ومن المنتظر أن تشارك في مناورات الناتو أكثر من 50 سفينة من حاملات الطائرات إلى المدمرات، فضلاً عن أكثر من 80 طائرة مقاتلة ومروحية وطائرات من دون طيار وما لا يقل عن 1100 مركبة قتالية، بما في ذلك 133 دبابة و533 مركبة مشاة قتالية.

وستأتي القوات المشاركة في التدريبات، التي ستتضمن محاكاة لنقل أفراد إلى أوروبا بالإضافة إلى تدريبات على الأرض، من كل الدول الأعضاء الـ31، بالإضافة إلى السويد التي تأمل في الانضمام إلى الحلف قريباً.

وفي حين أن التفاصيل الدقيقة للمساهمة الفردية من البلدان الأعضاء غير واضحة، فإن المملكة المتحدة تمثل نسبة كبيرة من الرجال والآلات. وقال وزير الدفاع جرانت شابس إن لندن سترسل 20 ألف جندي وطائرات مقاتلة متقدمة وطائرات مراقبة وسفناً حربية وغواصات، مع نشر العديد منهم في أوروبا الشرقية في الفترة من فبراير/شباط إلى يونيو/حزيران.

الأهداف المعلنة

قال القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي كريستوفر كافولي إنه "لأول مرة منذ 30 عاماً، لدينا استراتيجية -الردع والدفاع عن المنطقة الأوروبية الأطلسية- ولدينا خطط لجعل التحالف مناسباً لغرض الدفاع الإقليمي الجماعي". "نحن الآن بصدد جعل خططنا قابلة للتنفيذ. وهذا يعني التأكد من أن لدينا التزامات القوة، وترتيبات القيادة والسيطرة، والتمكين الذي تتطلبه خططنا".

وأضاف كافولي: "سيكون برنامج "المدافع الصامد 2024" دليلاً واضحاً على وحدتنا وقوتنا وتصميمنا على حماية بعضنا بعضاً، وقيمنا وقواعد النظام الدولي القائم على القواعد".

على حين قال الأدميرال الهولندي روب باور، رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، إن الأفراد العسكريين البالغ عددهم 90 ألفاً يمثلون "عدداً قياسياً من القوات التي يمكننا الاستعانة بها وإجراء تدريبات بهذا الحجم، عبر الحلف، وعبر المحيط من الولايات المتحدة إلى أوروبا".

من جهته، قال نائب وزير الدفاع البلغاري أتاناس زابريانوف، الأحد، إن مناورة "المدافع الصامد 2024" القادمة لحلف شمال الأطلسي، التي ستبدأ في وقت لاحق من هذا الشهر وتستمر حتى مايو/أيار، تهدف إلى الإظهار لروسيا أن الحلف مستعد للدفاع عن أراضيه. مشيراً إلى أن هذه تدريبات دفاعية، ولا ينوي أن يكون لها أي تأثير في الحرب الروسية على أوكرانيا.

وأضاف زابريانوف: "القوات المسلحة لحلف شمال الأطلسي ترسل إشارة إلى روسيا بأننا مستعدون للدفاع عن أراضينا بحزم. ويتعين على دول حلف شمال الأطلسي أن تأخذ هذا التهديد على محمل الجد، وأن تعمل على تحديث قواتنا المسلحة، وزيادة جاهزيتها، وإظهار التصميم. بهذه الطريقة فقط يمكننا ثني المعتدي عن مثل هذه التصرفات"، وفقاً لما نقلته الأناضول.

حماية الحدود الشرقية

وعلى الرغم من حلف الناتو لم يأتِ على ذكر روسيا بالاسم صراحة في إعلانه. لكن الوثيقة الأبرز لاستراتيجيات الحلف، تحدد روسيا على أساس أنها التهديد الأكبر والأكثر مباشرة لأمن الدول الأعضاء في الحلف.

وخلال الجزء الثاني من تدريبات "المدافع الصامد"، سيجري التركيز بشكل خاص على نشر قوة الرد السريع التابعة لحلف شمال الأطلسي في بولندا على الجانب الشرقي للحلف.

وستكون المواقع الرئيسية الأخرى للتدريبات هي دول البلطيق التي تعتبر الأكثر عرضة للخطر من هجوم روسي محتمل، وألمانيا، مركز التعزيزات القادمة، والدول الواقعة على هامش التحالف مثل النرويج ورومانيا، وفقاً لما نقلته رويترز.

وبينما تُعَد منطقة البلطيق نقطة اشتعال جديدة ناشئة بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، ينظر إلى النرويج والدول الإسكندنافية على أنهما منطقتان متوترتان منذ انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي العام الماضي. وفي الوقت نفسه، تستضيف رومانيا قاعدة تدريب طائرات إف-16 للطيارين الأوكرانيين، إذ يجري تدريب الطيارين القتاليين في كييف على طائرات حربية من هولندا ومهندسين ومدربين من الولايات المتحدة.

يُذكر أن الخطط السرية التي كُشف عنها مؤخراً، أشارت إلى أن الحكومة الألمانية تتوقع حشداً قادماً للقوات الروسية في بيلاروسيا وجيب كالينينغراد، أقصى الأراضي الغربية لروسيا، ما يفرض ضغوطاً على حدود بولندا، وبالتالي بداية لحرب عالمية ثالثة.

TRT عربي