هل الاتحاد الأوروبي مستعد لحقبة جديدة لترمب؟ / صورة: Reuters (Cheney Orr/Reuters)
تابعنا

عندما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "أمريكا عادت" بعد الإطاحة بدونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020، شعر عديد من العواصم الأوروبية بالارتياح. والآن حل محل هذا الارتياح إدراك صارخ: ربما عادت أمريكا، ولكن ليس لفترة طويلة.

فبعد فوزه في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير في 23 يناير/كانون الثاني، يكاد يكون من المؤكد أن دونالد ترمب سيواجه بايدن في الانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني. ويتقدم ترمب على بايدن في بعض استطلاعات الرأي، وتوجد فرصة حقيقية لفوزه بالرئاسة.

وترى فورين بوليسي أنه إذا عاد شخص انعزالي مثل ترمب إلى البيت الأبيض، فقد تكون العواقب وخيمة على الأمن الأوروبي. وبدون الدعم الأمريكي المستمر، "قد يتجرأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على العمل لتحقيق أهدافه المتطرفة وتحطيم النظام الأمني كما نعرفه".

أجراس الإنذار تقرع في أرجاء القارة العجوز

كشفت وثيقة دفاعية مسربة كيف تستعد ألمانيا لسيناريو حرب عالمية ثالثة تبدأ مع روسيا على الجناح الشرقي للقارة الأوروبية. وتتصور الوثيقة السرية التي أعدتها وزارة الدفاع الألمانية كيف يمكن أن يتطور التصعيد المحتمل للحرب في أوكرانيا.

ويتصور السيناريو، الذي يحمل عنوان "الدفاع عن التحالف 2025"، هجوماً روسياً على فجوة سوالكي بين بولندا وليتوانيا في الفترة ما بين الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام وأوائل عام 2025. ومثل هذا الهجوم من شأنه أن يعزل دول البلطيق عن بقية أوروبا القارية.

فيما قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في وقت سابق من هذا الشهر: "علينا أن نأخذ في الاعتبار أن فلاديمير بوتين قد يهاجم إحدى دول الناتو ذات يوم"، مضيفاً: "يتوقع خبراؤنا فترة من خمس إلى ثماني سنوات يمكن أن يكون فيها هذا ممكناً".

وقال أنطونيو ميسيرولي، الأمين العام المساعد السابق لحلف شمال الأطلسي، إن الوضع، الذي لا يجري فيه سحب هذا النوع من الضمانات الأمريكية بل يجري تخفيفه أو جعله أكثر غموضاً، يمكن أن يغري الكرملين بالتحرك ضد دولة معرضة للخطر مثل إستونيا، من خلال أساليب هجينة أو هجوم عسكري صريح.

وحذر وزير الدفاع النرويجي الجنرال إيريك كريستوفرسن الأسبوع الماضي من أن "الآن توجد نافذة قد تستمر لمدة عام أو عامين أو ربما ثلاثة أعوام، يجب علينا خلالها الاستثمار بشكل أكبر في دفاع آمن".

وفي ديسمبر/كانون الأول، قال جاسيك سيويرا، رئيس مكتب الأمن القومي البولندي، إن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي أمامه ثلاث سنوات فقط للاستعداد للمواجهة. وأضاف: "هذا هو الوقت الذي يجب فيه إنشاء قدرة تكون بمثابة ردع واضح للعدوان"، وفقاً لما نقلته بولتيكو.

هل الاتحاد الأوروبي قادر على مواجهة روسيا وحده؟

حسب المجلة، بدون الولايات المتحدة، لا يملك الاتحاد الأوروبي المعدات العسكرية ولا القوة البشرية اللازمة لمواجهة موسكو في صراع شديد الحدة. وقال دانييل فريد، سفير الولايات المتحدة السابق في بولندا: "الأوروبيون ليس لديهم القدرة على الدفاع. فالدفاع عن دول البلطيق سيتطلب أصولاً عسكرية أمريكية جادة".

فيما قالت الغارديان أن موجة من القلق استحوذت على وزراء الدفاع والقوات المسلحة الأوروبية، إذ يعتقد الساسة والقادة العسكريون أن دونالد ترمب المشكك في حلف شمال الأطلسي يمكن انتخابه رئيساً قادماً للولايات المتحدة، وأن روسيا قد لا تُجبر على الخروج أو الهزيمة في أوكرانيا. وأدى هذا المزاج المحموم إلى ظهور تحذيرات متزايدة من أن أوروبا قد تجد نفسها متورطة في حرب في روسيا، على الرغم من أن روسيا متورطة في الوقت الحاضر في أوكرانيا.

وبينما تستنزف الحرب في أوكرانيا المخزونات الغربية من الذخائر، يبدو من المرجح بشكل متزايد أن الكونغرس الأمريكي لن يصوت على حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار مع تكثيف الجمهوريين الضغوط بشأن صفقة مقايضة لتعزيز الأمن على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، ما يزيد الضغط على دول الاتحاد.

ومع ذلك، يوجد عدد قليل جداً من الجهود الجادة لتعزيز الإنتاج الدفاعي الأوروبي لإنتاج ما يكفي من الأسلحة أو المواد لتلبية احتياجات أوكرانيا الحالية، ناهيك باحتياجات أوروبا إذا لم تتمكن من الاعتماد على الولايات المتحدة للدفاع عنها.

هل الاتحاد الأوروبي مستعد لحقبة ترمبية جديدة؟

تقول فورين بوليسي أن القادة الأوروبيين قد يكونوا انتبهوا إلى حقيقة مفادها أنه قد حان الوقت لاستعدادات جادة لتعزيز دفاعهم في حالة فوز ترمب بولاية ثانية. فإلى جانب ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة أخيراً على تقديم المساعدات لأوكرانيا، فإن كيفية استعداد أوروبا لاحتمال ظهور زعيم أمريكي متعاطف مع بوتين يمكن أن تحدد ما إذا كانت كييف قادرة على النجاة من هجوم موسكو المستمر، ناهيك بتحقيق اختراق في ساحة المعركة قد يفشل خطط بوتين لتوسيع هجومه شرقي القارة.

وحسب ما أوردته مجلة بوليتيكو، أبلغ الرئيس الأمريكي السابق، وربما المستقبلي، مسؤولي الاتحاد الأوروبي أنه لن يأتي لمساعدة القارة إذا تعرضت لهجوم. لكن بالنسبة إلى أوروبا، فإن العودة إلى الوراء لعقود من نقص الاستثمار في الجيش وإعادة بناء قاعدة صناعية سيستهلك مبالغ هائلة من المال وسيستغرق من خمس إلى عشر سنوات، حسبما قال عديد من المسؤولين العسكريين الحاليين والسابقين.

وترى فورين بوليسي أنه حتى لو لم يعد ترمب إلى البيت الأبيض، فإن أوروبا لا تستطيع الانتظار لترى إن كان من الحكمة تعزيز قدراتها الدفاعية. لأن الاستثمارات الكبيرة في القدرات الدفاعية الأوروبية تشكل أهمية بالغة لتلبية الاحتياجات الأمنية لأوروبا الحديثة، ومن غير المرجح أن تؤدي إلى تقويض حلف شمال الأطلسي. فهي لن تؤدي إلا إلى تعزيز التحالف عبر الأطلسي و "تعزيز قدرة أوروبا على الوقوف في مواجهة التهديد العسكري الأعظم الذي تواجهه منذ 75 عاماً".


TRT عربي