"انفجار فقاعة".. هل ينهي جيل "ويب 3.0" الجديد سيطرة عمالقة التكنولوجيا؟ (Others)
تابعنا

في الوقت الذي يعاني فيه عمالقة التكنولوجيا العالميين أوضاعاً اقتصادية حساسة دفعت معظمهم إلى تسريح آلاف الموظفين وصولاً إلى تهديد البعض بإعلان إفلاسهم، عاد الجيل الجديد من الإنترنت "ويب 3.0" لتصدر المشهد من جديد. مشهد تخفت فيه سيطرة عمالقة التكنولوجيا لصالح المستخدمين الفرديين.

فحسب الغارديان البريطانية أعلنت "ميتا" -الشركة التي تمتلك فيسبوك وواتس آب وإنستغرام- هذا الأسبوع أنها ستطرد 11000 موظف أو أكثر من 13% من موظفيها. هذه الخطوت تأتي بعد أسبوع من تخلص مالك تويتر الجديد إيلون ماسك من نصف القوى العاملة في الشركة التي استحوذ عليها مؤخراً.

ووصفت الغارديان الظروف التي تشهدها شركات التكنولوجيا العملاقة بأنها "انفجار لفقاعة شركات التكنولوجيا"، وهو وصف قد يبدو دقيقاً للحالة التي تعيشها مختلف هذه المؤسسات في الآونة الأخيرة. مشيرةً في تقريرها إلى تحذيرات ماسك من أن الشركة قد تعلن إفلاسها، وتجميد الوظائف من طرف أمازون ضمن خططها لخفض التكاليف وتقليص أعمالها غير المربحة.

شتاء قاتم ينتظر قطاع التكنولوجيا

بعد أن شكلت شركات التكنولوجيا العملاقة عالمنا طوال العقدين الماضيين يبدو أن العالم اليوم يعيد تشكيل هذه الشركات هذا الشتاء. ففي مواجهة الانكماش العالمي والاقتصاد الأمريكي الذي يبدو أنه يتجه نحو الركود فضلاً عن ارتفاع أسعار الفائدة بجميع أنحاء الغرب، فإن شركات التكنولوجيا الكبيرة في ورطة كبيرة.

وحسب الغارديان ينتظر كثير من موظفي هذه الشركات وعائلاتهم شتاء قاتماً، إضافة إلى الشركات التي تخدم الأسماء الكبيرة بمجال التكنولوجيا. وتوجد لحظة حساب تنتظر عمالقة التكنولوجيا بوادي السيلكون، والتي مُنحت خلال العقد الماضي المال السهل والمستثمرين اليائسين لشراء النمو تزامناً مع المبيعات الضخمة للهواتف الذكية.

فحسب ماسك يخسر تويتر نحو 3.5 مليون جنيه إسترليني يومياً. وفي ميتا استثمر زوكربيرغ أكثر من 88 مليار جنيه إسترليني في نسخة من الواقع الافتراضي المسماة "ميتافيرس"، لكن أرباح الشركة الأم تُجنى فقط من شبكات التواصل الاجتماعي والإعلانات، وفقاً للغارديان.

ولم يمضِ سوى عام واحد على توجه الشركة الاستراتيجي نحو الواقع الافتراضي أو ما يعرف بـميتافيرس، حتى بدأت سفينة زوكربيرغ المبحرة بعالم "الماوراء" للويب التعرض للعواصف العاتية التي قد تقضي على حلم الشركة بالسيطرة على تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز، التي ترى فيها الشركة "الحدود التالية" لعالم الإنترنت والتواصل.

هل انفجرت فقاعة التكنولوجيا؟

في تقرير نُشر قبل 3 شهور تقريباً قالت الغارديان إنه لأول مرة في تاريخ صناعة التكنولوجيا يكون نمو الإيرادات الحقيقية المجمعة سلبياً وليس إيجابياً، وربما تواجه بعض الشركات انخفاضاً وجودياً.

ولعل إفلاس منصة تداول العملات الرقمية FTX وتبخر نحو 16 مليار دولار منها رأس الدبوس الذي قد يأتي على قطاع التكنولوجيا، رغم أن بعض الشركات ذات الوزن الثقيل بالصناعة معروفة بتجنبها الضريبي إلى أقصى حد وانتهاك الخصوصية ومعاملة العمال على أنهم يمكن التخلص منهم.

ربما الآن بعد أن هرب الهواء من الفقاعة وما سبقه من هبوط حاد في أغسطس/آب لمؤشر بورصة ناسداك -المتأثر بشدة بشركات التكنولوجيا- بعد أعلى مستوى له على الإطلاق في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، يمكن أن تكون محادثة حقيقية حول وضع عمالقة التكنولوجيا العالميين.

ومع ذلك غالباً ما تترك حوادث السوق وراءها تكنولوجيا وبنية تحتية جديدة تجدها الأجيال القادمة لا غنى عنها، مثل السكك الحديدية التي وضعها المضاربون في العصر الفيكتوري. وهنا تحديداً يبرز دور الجيل الثالث من الإنترنت الذي يأخذ السيطرة من أيدي عمالقة التكنولوجيا ويمنحها للمستخدمين.

الجيل الثالث من الإنترنت: "ويب 3.0"

يرجع سبب ظهور مصطلح "ويب 3.0" إلى الجذور الأولى لولادة الإنترنت قبل 20 عاماً، والتي يطلق عليها "ويب 1.0" نسبة إلى الإصدار الأصلي الأولي من الإنترنت الذي كان يتيح لك تصفح مواقع GeoCities أو لعب ألعاب المستعرض المبنية على Flash. والذي كان في الأساس بمثابة العصر الحجري للإنترنت.

ومنذ عام 2005 شهدنا ظهور جيل جديد من الإنترنت سُمي بويب 2.0، الذي ظهر فعلياً بالتزامن مع نمو محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعية وكل شيء آخر موجود على شبكة الإنترنت. اليوم يشير مصطلح ويب 3.0 إلى نسخة جديدة من الإنترنت تعتمد على تقنية بلوكتشين اللا مركزية التي تستند إليها العملات الرقمية مثل بيتكوين وغيرها والأصول الرقمية الفريدة NFTs.

ويقول القائمون على هذه التقنية إنهم يمنحون المستخدمين قدرة السيطرة على بياناتهم في مواجهة سيطرة الشركات العملاقة الآن مثل جوجل وفيسبوك ومايكروسوفت وآبل وغيرها، مما يحافظ أكثر على خصوصية المستخدمين أو الأفراد.

فيما سيتيح خدمات ويب 3.0 إمكانية استخدام التقنيات اللا مركزية مثل تقنية بلوكتشين (Blockchain) لتشغيل خدمات شبكة الإنترنت التي نعتمد عليها الآن، إذ سيسمح الجيل الجديد من الإنترنت للمواقع والخدمات بالوجود عبر شبكات الكمبيوتر اللا مركزية والاعتماد على تقنية بلوكتشين للتحقق من صحة بيانات المستخدم.

TRT عربي