يحاول المسنّون في السويد إزالة عبء عن كاهل أقربائهم بعد وفاتهم، وذلك من خلال فرز مقتنياتهم وترتيب منازلهم قبل موتهم (IPG)
تابعنا

ترتّب لينا ساندغرين البالغة من العمر 84 عاماً منزلها الواقع في قلب استوكهولم استعداداً لليوم الذي لن تعود فيه على قيد الحياة، في ظاهرة واسعة الانتشار بين كبار السنّ في السويد تحمل اسم "داستادنينغ".

وتقول السيّدة وهي ترتّب مكتبتها على ضوء شمعة: "أفعل ذلك مرّات عدّة في الأسبوع، فيرتاح بالي".

وبدأت ساندغرين توضّب أمورها في البيت منذ نحو عشر سنوات من الأواني إلى الكتب مروراً بالملابس ولم تترك قسماً إلا ورتّبت شؤونه.

وأعربت عن "الشعور بالارتياح عند التخلّص من المقتنيات"، وذلك قبل أن تضع جانباً رزمة من الكتب عن علم النبات.

وهذا الفرز المعروف بـ"داستادنينغ" بالسويدية عادة قديمة في هذا البلد الإسكندنافي ينكبّ عليها كبار السنّ، وشرحت أصولها الكاتبة مارغاريتا ماغنوسون (86 عاماً).

وتقول الكاتبة: "يقضي الأمر بالاعتناء بكلّ التفاصيل التي سنخلّفها بعد وفاتنا".

وتوضّح أنّ "ترتيب شؤون البيت قد يجلب ذكريات طيّبة، وإذا لم يكن الحال كذلك، فلا بدّ من التخلّص من هذه المقتنيات".

وترى ابنتها جاين (53 عاماً) أنّ هذه العادة تزيل في المقام الأول عبئاً عن كاهل أقرباء المتوفى، "فكّل هؤلاء الذين لديهم أعمال يريدون الاعتناء بالحدّ الأدنى من التفاصيل عندما لا يعود أهلهم على قيد الحياة".

وتردف بحماس: "أنا أثمّن غالياً العمل الذي أنجزته، ويسعدني أنّ هذه العادة باتت تنتشر في أنحاء العالم أجمع".

مواجهة الموت

تُرجِم كتاب مارغاريتا ماغنوسون الذي يحمل عنوان "الفنّ السويدي للترتيب ما قبل الموت" إلى لغات عدّة، وبات من "أكثر الكتب مبيعاً" حسب تصنيف صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وتضمّ صفحة الكتاب على موقع "فيسبوك" نحو 18 ألف متابع.

وتحصد صاحبة مدونة أمريكية تطبّق مفاهيم الكتاب أكثر من 3 ملايين مشاهدة للشريط الواحد الذي تعرضه على الإنترنت.

وتعود هذه الممارسات في السويد إلى تقليد منزلي قديم.

وبالنسبة إلى مارغاريتا ماغنوسون، تعزى هذه الظاهرة إلى سمة ثقافية خاصة بالسويد في المقام الأول، "العالم بأسره يخشى الموت. وهي من دون شكّ حال السويد أيضاً، لكننا لا نخشى مواجهة هذه المسألة".

وتكتفي مارغاريتا ببضع قطع ملابس في خزانتها، في حين أن صالونها لا يزال يزخر بالتماثيل الصغيرة.

وتقرّ: "رتبت البيت تمهيداً لوفاتي مرّات عدّة، لكن بقي لدي الكثير.. فيتعذّر علينا أن ننجز هذه المهمة بالكامل".

TRT عربي - وكالات