طفل يرتدي ملابس على طريقة حياكة الكروشيه (TRT Arabi)
تابعنا

اختارت السيدة رنا الأمين أن تدخل مادة "النايلون" على مصنوعاتها لتكون مميزة من بقية صانعي الكروشيه، بخاصة أن هذه الحرفة ازدادت بشكل كبير في لبنان مع انتشار جائحة كورونا وإغلاق البلاد لفترة طويلة. والكروشيه هو الحياكة أو لف الخيط بإبر صغيرة خاصة لها شكل معقوف نسميها عادةً الصنارة، ولها مقاسات متعددة، وكل مقاس يمكن استخدامه لأغراض مختلفة عن الآخر. ويُستخدم هذا الفن في صناعة المفارش والأغطية والملابس والمكملات المنزلية والدمى الصغيرة.

منفعة مضاعَفة

قرّرَت السيدة الأربعينية تحويل النفايات البلاستيكية بعد تدويرها إلى حقائب وأدوات منزلية صديقة للبيئة، واتخذت من جانب منزلها ببلدة شقرا جنوبيّ لبنان متجراً لها لتبيع مصنوعاتها التي شكّلَت مصدر رزقها في ظلّ تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان وغلاء المعيشة على خلفية تدنّي قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.

تقول السيدة رنا الأمين لـTRT عربي: "استوحيت فكرة صناعة الكروشيه من النايلون عندما نظمت بلدية شقرا حملة فرز نفايات بالتعاون مع بلديات مجاورة. التجربة الأولى كانت صناعة نموذج مصغر طبقته على أشكال كروشيه للحمامات والطاولات وورود لقوارير المزروعات الصغيرة وسلال الضيافة، والحمد لله لاقت مصنوعاتي إعجاب الزبائن".

"حرفة الكروشيه بأكياس النايلون تتميز من غيرها بسهولة إتقانها وتعلمها بحرفية عالية". هكذا تلخّص الأمين حبها لهذا الفن الذي اعتادت تنفيذه بشغف عالي الدرجة. كل من يقصد متجرها يجدها جالسة خلف طاولة خشبية متوسطة الحجم وحولها كثير من معدات العمل، تمسك صنارتها الصغيرة وتحوك بأناملها الخفيفة خيطان البلاستيك لتصنع مختلف الأشكال والأحجام حسب رغبة الزبائن".

رنا الأمين أثناء عملها في الحياكة (TRT Arabi)

تعتبر الأمين "أهمّ ما في صناعة الكروشيه بأكياس النايلون هو كلفة تطبيقها الرخيصة، فهي لا تتطلب موادّ أولية باهظة الثمن. تختار الأكياس النظيفة التي تأخذها خلال شرائها من المحلات التجارية، تقصها بطريقة كروشيه الخيطان، فتكون كلفتها أقل بكثير من شرائها من المتاجر. كما تعتمد على ربات المنازل ومشاريع الخيام الزراعية لتأمين أكياس وشوادر بلاستيك إضافية".

تضيف: "أقص الأكياس بطريقة حرفية لا يمكن لأي أحد قصها كي تبقى خيطاً واحداً ولا تنقطع وتكون على شكل شرائح متساوية العرض بين 2 و3 سم. بعدها أنفّذ العقدة بطريقة الكرات لأستطيع العمل بسهولة، وهكذا تكون جاهزة لحياكة الحقائب والألعاب، ويتطلب إنجاز كل قطعة 24 ساعة تقريباً حسب حجمها".

وتتابع: "الأكياس التي أحضرها تكون مصنَّفة حسب اللون والحجم، فكثير منها متشابه في اللون لدرجة كبيرة، لذا أفرز كل لون منفرداً. أختار لون الكروشيه حسب رغبة الزبونة وما تريد من لون وحجم القطعة التي ستشتريها".

وبعيداً عن الهدف الأساسي من هذه الحرفة للسيدة رنا وهو المردود المالي، فإن السبب الإضافي لصناعة الكروشيه بالبلاستيك لديها هو إعادة تدويره وتحويله بطريقة إبداعية من نفايات ضارة إلى منتجات فعالة لدى المجتمع".

موهبة تحتاج إلى دعم

جميع الأصناف التي نفذتها السيدة رنا متوافرة داخل متجرها الصغير بجانب منزلها في بلدة شقرا جنوبي لبنان، أما الزبائن البعيدون عن موقعها فتمكّنهم رؤية الأشكال عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولتكون مواكبة لتطورات صيحات الموضة، تتابع الأمين صفحات يوتيوب المتعلقة بصناعتها لتتعلم منها التطريزات الجديدة، بالإضافة إلى حضورها معارض وورشاً تدريبية عدة في لبنان والكويت. وهذا ما ينعكس إعجاباً لدى زبائنها الذين يحبون صناعتها وأسعارها الرخيصة مقارنةً بغيرها.

وحول المردود المادي الذي تقدّمه الحرفة لها، تعتبر أنها تساعدها على أن تكون مكتفية مادياً، لكنها تسعى لأن تحظى بسوق لتصريف إنتاجها في المدن والقرى المجاورة لزيادة دخلها المادي.

طفلة ترتدي ثوباً عن طريق الحياكة بالكروشيه (TRT Arabi)

عرضت السيدة رنا مشروعها على مؤسسات أهلية وبلدية شقرا التي نشرت دعاية عن صناعتها، لكنها لم تلقَ نتيجة حتى اليوم، وتتمنى من أي جمعية خيرية أن تدعمها بعملها أكثر لتكفي حاجتها في ظلّ ظروف لبنان الصعبة.

كما تدعو ربات المنزل إلى تأمين دخل مادي إضافي من خلال البحث عن مهنة أو حرفة تنمّي مهاراتهن ومواهبهن، بخاصة مع تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية وتزايد البطالة في لبنان.

جدير بالذكر أن لبنان بلد يعاني أزمة نفايات عمرها أكثر من 50 عاماً، تفاقمت بعد أحداث احتجاجات "17 تشرين" وتداعياتها بتوقف موظفي شركات جمع النفايات في غالبية المناطق اللبنانية عن العمل بسبب تدنِّي رواتبهم التي لا يزالون يتقاضونها بالعملة المحلية رغم تهاوي قيمتها أمام سعر صرف الدولار الأمريكي.



TRT عربي