حُكّام الفضاء الإلكتروني.. كيف تمكّن الهنود من ترأس كبرى شركات التكنولوجيا؟ (Others)
تابعنا

في وقت سابق من يوم الاثنين، أعلن المدير التنفيذي لشركة تويتر جاك دورسي تنحّيه عن منصبه على رأس إحدى عمالقة التواصل الاجتماعي التي أسسها عام 2006، تاركاً دفّة القيادة للهندي باراغ أغراوال الذي كان قد وصل لمنصب كبير المسؤولين التقنيّين في الشركة بعد انضمامه إليها عام 2011.

وباراغ أغراوال أمريكي من أصل هندي يحمل شهادة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر من جامعة ستانفورد الأمريكية والبكالوريوس من كلية التكنولوجيا في مدينة بومبي الهندية. وفور توليه للمنصب، أصبح أغراوال البالغ من العمر 37 عاماً أصغر رئيس تنفيذي ينضم لنادي أكبر 500 شركة أمريكية (S&P 500).

ولعلّ قطاع التكنولوجيا من أبرز الأمثلة على كون الهند منبعاً لأفضل المديرين التنفيذيين على مستوى العالم، حيث إن 6 من كبرى الشركات التقنية، بدءاً من "Google" و"Microsoft" مروراً بـ "Adobe" "IBM" ووصولاً إلى "Palo Alto Networks"، والآن "Twitter"، تشترك جميعها بأنها تُدار من رؤساء تنفيذيين من أصل هندي.

تصدير المديرين التنفيذيين

إلى جانب اشتهارها بالبهارات وأفلام بوليود فضلاً عن ديانتها الغريبة والمتنوّعة، أضحت الهند في السنوات الأخيرة مُصدّراً أولاً لأفضل الأطباء والمهندسين ومحترفي التقنية إلى جميع دول العالم، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا. وفي كتابها "أمة من العباقرة.. كيف تفرض العلوم الهندية هيمنتها على العالم" تقول المؤلفة والباحثة آنجيلا سايني: "الهند أمة من العباقرة والكادحين والمهرة، إذ إن كل واحد من خمسة من جميع العاملين في حقل الرعاية الطبية في المملكة المتحدة من أصل هندي، وثُلث المهندسين العاملين في منطقة وادي السيليكون من أصل هندي، كما يُدير الهنود 750 شركة من شركات التقنية".

ورداً على تغريدة الرئيس التنفيذي لشركة "Stripe"، باتريك كوليسون، والتي ذكرت أنّ 6 عمالقة تكنولوجيا أمريكيين يديرهم الآن رؤساء تنفيذيون من أصل هندي، قال إيلون ماسك رئيس شركة "تيسلا" للسيارات الكهربائية، إن "الولايات المتحدة تستفيد بشكل كبير من المواهب الهندية!".

البذور الأولى

يعود الفضل الأساسي في إنتاج هذا الكمّ الهائل من العلماء والمخترعين والمهندسين إلى جواهر لال نهرو رئيس الوزراء الأول للهند بعد نيل استقلالها عام 1947، والذي كان يؤمن بأن السبيل إلى سحب الهند إلى الجانب العقلاني والعلمي بعيداً عن مستنقع الخرافات والروحانيات يكمن في تطوير وتنمية مجال العلوم والتكنولوجيا في البلاد.

حيث ترى الباحثة سايني، أن الهند أصبحت "أمة من العباقرة" وفرضت هيمنتها على العالم في العديد من النواحي العلمية بفضل المشاريع والمنشآت العلمية التي أسسها جواهر لال نهرو. وتضيف سايني قائلة: "إن الهند ربما تكون مهد المعرفة، فقد استخدم الهنود الكسور العشرية والجبر قبل العالم الغربي بعدة قرون من الزمان".

وفي الهند اليوم 16 معهداً تكنولوجياً منتشراً في جميع أنحاء البلاد هدفها الرئيسي تعليم وتدريب صغار المهندسين البارعين والمخترعين في الدولة، الذين ساهموا في إنجاز أعمال مبتدئة بشركات وادي السيليكون في كاليفورنيا خلال السنوات الأخيرة.

ويتوقع الخبراء أن تتصاعد الهيمنة الهندية على مجال التكنولوجيا والتقنية في الأعوام القادمة، نظراً لأن 6% من الأيدي العاملة في وادي السيليكون من الهنود، ومن بينهم أكثر من 15% من مؤسسي الشركات الناشئة في الولايات المتحدة الأمريكية. فيما وجدت الدراسة التي أجراها البروفيسور فيفيك وادهوا، أن ثُلث الشركات الناشئة تقريباً في الولايات المتحدة يؤسِّسها هنود، وهي نسبة تفوق الأعراق السبع المهاجرة التي تليهم، مجتمعين.

الوصفة السحرية

لم يتولَ الهنود المناصب العليا في كبرى الشركات التكنولوجية دفعة واحدة، بل كان نجاحهم بشكل تدريجي، وذلك بعد أن تدرّج جميعهم تقريباً في سلّمهم الوظيفي حتى وصلوا إلى رئاسة أقسام المنتجات وتطويرها، والتي أثبتوا خلالها كفاءتهم وحرفيتهم العالية في إيجاد أحدث الأفكار والابتكارات وأخذ المخاطرة من أجل تطبيقها على أرض الواقع.

وعلى الرغم من تعليمهم القوي وحيازتهم شهادات عليا في تخصصاتهم، إلا أن السبب في تبوّئهم هذه المناصب لا يعود للشهادات والمؤهلات العلمية فقط، بل تلعب الثقافة الهندية دوراً محورياً على مساعدتهم لبناء نموذج إداري ناجح، ويعود ذلك من وجهة نظر فينكتيش شوكلا، رئيس فرع وادي السيليكون لمنظمة "أندوس لأصحاب المشاريع"، إلى أن الأمة الهندية تثمّن جداً المنافسة والتواضع الفردي على حد سواء.

فيما ربطت بعض الدراسات بين نجاح الهند في المجال التكنولوجي وطبيعة التعليم، حيث إن كليات الهندسة ومعاهد التقنية المنتشرة في أرجاء البلاد، ساهمت في إخراج جيل ذي خبرة يتّسم بالحماسة، والمثابرة جذوره بالهند وأغصانه خارجها في وادي السيليكون، حيث يصقلون مهاراتهم بالشكل الذي يساعدهم على الوصول إلى قمة الشركات والمشاريع.

TRT عربي