حلم "المصرف الرقمي".. هل ينجح إيلون ماسك في تحويل تويتر إلى بنك عملاق؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

مستفيداً من تجربته الشخصية السابقة مع شركته الناشئة التي باعها لتصبح فيما بعد "باي بال"، ومستوحياً الفكرة من ظهور وانتشار التطبيقات في آسيا التي تمزج بين وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الرقمية، يبدو أن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك سيباشر تحقيق حلمه القديم لإنشاء "بنك رقمي" عبر تحويل تويتر إلى مؤسسة مالية عملاقة.

وطوال الأشهر القليلة الماضية تزايدت التكهنات حول خطط إيلون ماسك لتحويل تويتر إلى مؤسسة مالية. وجذبت رؤية ماسك الطموحة لـ"بنك رقمي" على تويتر انتباه المستثمرين والمتحمسين للتكنولوجيا وخبراء الصناعة على حد سواء. وبينما يشكك البعض في قدرة ماسك على إنجاز مثل هذا العمل الفذّ، يرى آخرون أنه تَطوُّر تَحوُّليّ محتمَل في عالم المال.

وتتضمن رؤية ماسك لبنك رقمي على تويتر الاستفادة من قاعدة المستخدمين الهائلة لمنصة التواصل الاجتماعي من أجل تقديم مجموعة من الخدمات المالية. الفكرة هي تسهيل الأمر على الأشخاص لإدارة أموالهم وإجراء المعاملات بسرعة وبتكلفة أقل، فضلاً عن إعفائهم من الحاجة إلى المرور عبر القنوات المصرفية التقليدية.

حلم قديم

في مطلع أبريل/نيسان الجاري نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تقريراً مفصلاً حول خطة ماسك لتحويل تويتر إلى عملاق مالي رقمي ومضاعفة قيمته بأكثر من 10 أضعاف (علماً أن قيمة تويتر الحالية هي 20 مليار دولار)، مشيرةً إلى الحلم القديم الذي تمسك به إيلون ماسك لأكثر من عقدين، ويتعلق برقمنة الخدمات المصرفية.

وتعود جذور خطة ماسك الحالية إلى الأيام الأولى من تأسيس شركته الناشئة للمدفوعات الرقمية "X.com"، المعروفة الآن باسم "باي بال" (PayPal)، والتي ساعده بيعها قبل أكثر من عقدين على تمويل استثماراته في الشركتين، اللتين توّجتاه على رأس قائمة أغنى أغنياء العالم: تسلا لصناعة السيارات الكهربائية، وسبيس إكس لصناعة وتشغيل صواريخ الفضاء.

لكن ماسك عجز عن تحقيق الخطة إلى نهايتها بعد إقالته حينها، بسبب إقالته من منصب الرئيس التنفيذي للشركة الناشئة آنذاك.

تجدر الإشارة إلى أن التصور الذي كان موضوعاً لشركة X.com عند تأسيسها عام 1999 هو أن تكون بنكاً يقدّم خدماته عبر الإنترنت، وأراد ماسك أن يدمج الخدمات المالية للمستخدمين في موقع ويب واحد. ولكن ما جذب الانتباه حقّاً هو القدرة على إرسال الأموال عبر البريد الإلكتروني بين المستخدمين، وهو تَقدُّم كبير في ذلك الوقت، وفي النهاية ما وضع "باي بال" على الخريطة.

خطط طموحة

بينما تُعَدّ الاشتراكات جزءاً كبيراً من رؤيته لموقع تويتر، الذي استحوذ عليه في صفقة كلفته 44 مليار دولار، يخطّط ماسك أيضاً لجعل تويتر بنكاً في مرحلة ما. يبدو أنه عازم على تحويل تويتر إلى بنك رقمي، مع استكمال ما وصفه بـ"حساب سوق المال عالي العائد"، بالإضافة إلى الخدمات المصرفية الأخرى، بما فيها بطاقات الخصم والشيكات والقروض.

وفي مكالمة مباشرة استضافتها خدمة "تويتر سبيس" الأربعاء الماضي، شارك إيلون ماسك رؤيته لمستقبل تويتر للمعلنين، واقترح أن يُمنَح المستخدمون القدرة على إرسال الأموال إلى الآخرين داخل المنصة ثم تحويلها إلى حسابهم المصرفي. وفي أواخر الأسبوع الماضي أعطى الموظفين في تويتر لمحة عن مدى عظمة خططه، وأخبرهم أنه يتصور أن تبلغ قيمة تويتر أكثر من 250 مليار دولار.

ووفقاً للخبراء، من شأن هذه التحول أن يجعل تويتر "تطبيقاً فائقاً" يجمع بين التواصل الاجتماعي والتجارة والمعاملات البنكية، على غرار التطبيقات التي تقدمها شركات التكنولوجيا العملاقة في الصين، مثل تطبيق "وي شات" WeChat التابع لشركة "تينسنت" الصينية، وتطبيق "أليباي" التابع لشركة "آنت غروب".

هل تنجح خطط ماسك؟

حتى اللحظة، لم يصرّح ماسك عن تصوره النهائي للنسخة الثانية من شركة تويتر (Twitter.2)، فكل التحليلات مبنية على تصريحات قديمة لماسك تحدث فيها عن طموحاته في تويتر، إذ قال: "سأنفّذ خطة لعبة X.com منذ 22 عاماً مع بعض التحسينات". وأضاف: "كتبت خطة منتج... في يوليو/تموز 2000، إذ اعتقدت أنه سيكون من الممكن إنشاء المؤسسة المالية الأكثر قيمة في العالم، وسننفّذ هذه الخطة... وهذا أمر مثير للدهشة لم يفعله أحد".

وحسب الخبراء، من الصعب الآن الجزم بنجاح خطط ماسك، ولكن يمكن أن تعمل لصالحه عدة عوامل، لا سيما وأن تويتر يُعَدّ بالفعل منصة شائعة لمشاركة الأخبار والتحليلات المالية، إذ يستخدمه عديد من المستخدمين للحصول على تحديثات في الوقت الفعلي في سوق الأسهم والأسواق المالية الأخرى، الأمر الذي يجعله مناسباً بشكل طبيعي ليصبح منصة خدمات مالية.

بالإضافة إلى ذلك، سبق لماسك أن حقق بالفعل نجاحات كبيرة في عالم التكنولوجيا المالية سواء من خلال منصة الدفع الخاصة به، التي تحولت لاحقاً إلى "باي بال"، أو اهتمامه بالعملات المشفرة، وبالأخص بتكوين.

مع ذلك، سيحتاج ماسك إلى التغلب على عديد من التحديات لجعل رؤيته حقيقة. أولاً، المشهد التنظيمي حول الخدمات المالية معقَّد ومتطور باستمرار، مما سيدفع ماسك إلى التنقل في متاهة من القواعد واللوائح للتأكد من أن منصته متوافقة مع جميع القوانين واللوائح المعمول بها.

تَحدٍّ آخر هو أن ماسك سيحتاج إلى كسب ثقة المستخدمين الذين قد يكونون حذرين من وضع أموالهم بمنصة وسائط اجتماعية. قد يزداد هذا صعوبةً بالنظر إلى الجدل الأخير حول خصوصية البيانات وأمنها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

TRT عربي