الحرب الأهلية الأمريكية امتدت بين عامي 1861 و1865 ولمدة 4 سنوات متتالية (Others)
تابعنا

في الفترة ما بين عامي 1861 و1865، ولمدة 4 سنوات متتالية، عاشت الولايات المتحدة حرباً أهليةً هي الأعنف والأكثر دموية في تاريخ البلاد، راح ضحيتها ما بين 620 ألف إلى 750 ألف جندي قتيل، والتي تُعدّ أعلى من قتلى صفوف الجيش الأمريكي خلال الحربين العالميّتين الأولى والثانية معاً، ودمرت أجزاءً كبيرة من البنى التحتية في الجنوب.

اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية، أو حرب الجمهوريات كما تُسمى في بعض المصادر، بين الولايات المتحدة و11 ولاية جنوبية انفصلت عن الاتحاد وشكلت الولايات الكونفدرالية الأمريكية. وقد فاز الاتحاد (الشماليون) بهذه الحرب بعد أن أخضع الانفصاليين في الجنوب وتمكن من استعادة الوحدة الوطنية.

وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى باشر الاتحاد بتعزيز الحكومة الوطنية وإعادة الأعمار، إلى جانب منح الحقوق المدنية للعبيد المحررين في جميع أنحاء البلاد، وهي القضية التي كانت إحدى أبرز الأسباب الرئيسية في اندلاع الحرب الدموية التي تركت علامة فارقة في ملف العنصرية والقمع في الولايات المتحدة خاصة، والعالم بأسره في وقت لاحق.

الطريق إلى الحرب

بدأت الحرب الأهلية في الولايات المتحدة عام 1861، بعد عقود من التوترات المتأججة بين الولايات الشمالية والجنوبية بشأن العبودية وحقوق الولايات والتوسع باتجاه الغرب. كما أدى انتخاب أبراهام لنكولن في عام 1860 إلى انفصال الولايات الجنوبية وعددها 11 ولاية، من أصل 34 ولاية في تلك الفترة.

في البداية انفصلت سبع ولايات جنوبية وشكّلت معاً الولايات الكونفدرالية الأمريكية، وسرعان ما انضمت إليهم أربع ولايات أخرى. فقد كان انفصال الولايات الجنوبية (بالترتيب الزمني: ساوث كارولينا وميسيسيبي وفلوريدا وألاباما وجورجيا ولويزيانا وتكساس وفيرجينيا وأركنساس وتينيسي ونورث كارولينا) في 1860-1861 وما تلاه من اندلاع أعمال عدائية مسلّحة تتويجاً لعقود من الاحتكاك القطاعي المتزايد حول العبودية.

وتزامناً مع فوز أبراهام لينكولن، مرشح الحزب الجمهوري المناهض للعبودية، رفضت ولايات الجنوب الـ11 الاعتراف به رئيساً، وانفصلت عن الاتحاد مشكلة كونفدرالية أمريكية تحت قيادة جيفرسون ديفيس. من جانبها لم تعترف حكومة الولايات المتحدة دبلوماسياً بالكونفدرالية، كما أنها لم تعترف بها أي دولة أجنبية أخرى.

قضية العبودية

في منتصف القرن التاسع عشر، بينما كانت الولايات المتحدة تشهد حقبة من النمو الهائل، كان هناك فرق اقتصادي أساسي بين المناطق الشمالية والجنوبية في البلاد.

في الشمال، كان التصنيع وقطاع البنوك والتأمين راسخَين، وكانت الزراعة تقتصر في الغالب على المزارع الصغيرة، بينما كان اقتصاد الجنوب يعتمد على نظام الزراعة على نطاق واسع، ما يعني الاعتماد والاستثمار في شراء العبيد من الأصول الإفريقية لزراعة محاصيل معينة، خاصة القطن والتبغ.

وعلى الرغم من أن نحو 84% من إجمالي رأس المال المستثمر في التصنيع في عموم الولايات المتحدة يقع في الولايات الشمالية، إلا أن نصيب الفرد من الثروة للبيض الجنوبيين كان ضعف ثروة الشماليين في عام 1860، وكان ثلاثة أخماس أغنى الأفراد في البلاد من الجنوبيين.

أدّت المشاعر المتزايدة المؤيدة لإلغاء الرق في الشمال بعد ثلاثينيات القرن الـ19 والمعارضة الشمالية لتوسع الرّق إلى المناطق الغربية الجديدة، التي ضُمّت إلى الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب المكسيكية الأمريكية في عام 1848، إلى خوف العديد من الجنوبيين من أن وجود العبودية في أمريكا، وبالتالي العمود الفقري لاقتصادهم، كان في خطر.

حرب دموية

اندلعت الحرب في 12 أبريل/نيسان 1861، بعد قرابة الشهر من تولي لينكولن منصبه، وذلك عندما هاجم الانفصاليون حصون الولايات المتحدة، ومنها حصن سمتر في تشارلستون، بولاية كارولينا الجنوبية.

وعلى الرغم من أن الحرب الأهلية قد تبدو ظاهرياً وكأنها صراع غير متوازن، حيث تمتعت دول الاتحاد الـ23 بميزة هائلة في عدد السكان والتصنيع (بما في ذلك إنتاج الأسلحة) وبناء السكك الحديدية، كان لدى الكونفدرالية الجنوبية تقاليد عسكرية قوية والإيمان الصلب بملف العبودية الذي يشكل عصب اقتصادها، إلى جانب بعض خيرة العسكر والقادة في الوطن وملف العبودية الذي دافعوا عنه باستماتة.

وبعد انتصار الجنوبيين في معركة بول ران الأولى في يوليو/تموز 1861، تحطّمت آمال الشماليين في تحقيق نصر سريع للاتحاد، ما دفع لينكولن لاستدعاء نصف مليون مجنّد إضافي، الأمر الذي أطال عمر الحرب لما يقرب من 4 سنوات، انتهت بفوز الاتحاد تحت قيادة لينكولن بعد حرب دموية راح ضحيتها قرابة 800 ألف جندي من كلا الطرفيين.

وفي ربيع 1865 انتهت الحرب باستسلام جميع الجيوش الكونفدرالية وحلّ الحكومة الكونفدرالية. كما أُلغيت العبودية رسمياً عن طريق التعديل الدستوري العام نفسه.

TRT عربي