تزامناً مع تتويج تشارلز الثالث يسعى عدد من دول الكومنولث إلى الانفصال عن التاج البريطاني / صورة: Reuters (Toby Melville/Reuters)
تابعنا

بعد ترتيبات بروتوكولية دامت لأشهر، تُوّج يوم السبت، في حفل مهيب تمتد طقوسه لأزيد من 1000 عام، تشارلز الثالث ملكاً للمملكة المتحدة ودول الكومنولث. بيد أن كل هذا لم يحمل أخباراً سعيدة للملك الجديد، بل استجدت بفعل الحدث مطالبته بالاعتذار عن تاريخ بلاده الاستعماري في عدد من البلدان التي ما زالت تندرج تحت سلطته الاسمية.

وذهب بعض هذه البلدان بعيداً بالتعبير صراحة عن نيتها الإنهاء مع ذلك الماضي الأليم، والذي لا يزال التاج البريطاني بالنسبة لها تذكاراً ورثته عنه. هكذا أعلنت كل من جامايكا وبليز وسانت كيتس ونوفيس عزمها تغيير النظام فيها إلى الحكم الجمهوري لاحقة بالخطوة التي اتخذتها باربادوس في 2021.

بداية بجامايكا!

منذ انفصال باربادوس عن العرش البريطاني، في عام 2021، وتحولها إلى جمهورية، أجمع مراقبون على أن جامايكا كانت أقرب دول الكومنولث للسير على تلك الخطى نفسها. وهو ما تأكد تزامناً مع تتويج الملك تشارلز، إذ أعلنت كينغستون عزمها مغادرة المملكة بحلول عام 2024.

وفي تصريحات لها لشبكة "سكاي نيوز بريطانيا"، يوم الخميس، كشفت وزيرة الشؤون القانونية والدستورية الجامايكية مارلين مالاهو فروتي، عن أن بلادها عازمة على إجراء استفتاء انفصال عن التاج البريطاني "بأسرع وقت ممكن". ورجحت المسؤولة أن هذا الاستفتاء سيحدث بحلول عام 2024.

وأشارت الشبكة، نقلاً عن المصدر ذاته، إلى أن حفل تتويج الملك تشارلز "سرَّع" من السير في عملية الانفصال عن التاج البريطاني. وقالت الوزيرة: "بينما تحتفل المملكة المتحدة بتتويج الملك، فإن ذلك يخص المملكة المتحدة، جامايكا تتطلع إلى كتابة دستور جديد، من شأنه أن يقطع العلاقات مع الملك باعتباره رئيس دولتنا".

وكان رئيس الوزراء الجامايكي أندرو هولنس، أخبر دوق كامبريدج الأمير ويليام، في وقت سابق من هذا العام، بنية بلاده الانفصال عن حكم عائلة ويندسورد. على حين تشير استطلاعات الرأي، إلى أن أزيد من 50% من الجامايكيين يؤيدون التحول إلى جمهورية.

ووصفت الوزيرة مالاهو فورتي جدول جامايكا الزمني للانفصال بأنه "طموح"، إذ يتطلب مشاورات عامة وتقديم مشروع قانون للبرلمان، والذي تأمل في تقديمه هذا الشهر، وقد يستغرق التصديق عليه 9 أشهر. وختمت الوزيرة حديثها مؤكدة أنه "حان الوقت لتصبح جامايكا في أيدي الجامايكيين (...) حكومتي ترى أن نفعل ذلك الآن، أن نقول وداعاً (للملكية البريطانية)!".

بليز على النهج نفسه؟

وأياماً قليلة قبيل حفل التتويج، قال جوني بريسينو رئيس وزراء بليز، إن بلاده "من المرجح جداً" أن تكون البلاد التالية التي تغادر حكم التاج البريطاني لتصبح جمهورية، وعلى غرار مثيلاتها من دول الكومنولث، ستحتاج حكومة وسط اليسار التي يقودها بريسينو، إلى تمرير القرار عبر البرلمان هذا العام، قبل إخضاعه للاستفتاء.

وعانت دولة بليز هي الأخرى فظاعات الماضي الاستعماري البريطاني، وهو ما يدفعها اليوم إلى خيار القطع مع التاج البريطاني، وفق ما كشف رئيس الوزراء.

هذا قبل أن ينتقد صمت رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك، لصمته عن الاعتذار عن هذا التاريخ الاستعماري. وقال بريسينو: "بالنظر إلى أصول سوناك، والفظاعات التي ارتكبتها بريطانيا في حق أجداده (...) ما كان عليه الصمت، وكان الأجدر به تقديم اعتذار رسمي عما مر به أجدادنا".

وتشير استطلاعات رأي أخيرة، إلى أن 43% من سكان بليز يؤيدون التحول إلى جمهورية، وقال 9% منهم إنهم غير متأكدين أو لن يصوّتوا في استفتاء الانفصال عن التاج.

أنتيغوا وبربودا، سانت كيتس ونوفيس، وسانت فيسنت وغرنادين

وكان أول من أثارت خيار الانفصال عن التاج، مباشرة بعد وفاة الملكة إليزابيث شهر سبتمبر/أيلول المنصرم، أنتيغوا وبربودا التي أعلن رئيس وزرائها بأن بلاده تعتزم إجراء استفتاء بشأن التحول إلى جمهورية في غضون السنوات الثلاث المقبلة.

وأتى هذا الإعلان قبل أيام قليلة من إعلان تشارلز الثالث ملكاً للبلاد، في 11 سبتمبر الماضي، حين صرح رئيس وزراء أنتيغوا وبربودا جاستن براون، لقناة "آي.تي.في نيوز" المحلية، قائلاً: "هذه مسألة (الانفصال عن التاج) يتعين طرحها للاستفتاء(...) في غضون السنوات الثلاث المقبلة على الأرجح".

ووصف براون بأن التحول إلى جمهورية "خطوة أخيرة لإكمال دائرة الاستقلال لضمان أننا أمة ذات سيادة حقاً"، لكنه شدد على أن الاستفتاء "ليس عملاً عدائياً" ولن ينطوي على الخروج من عضوية الكومنولث.

وفي السياق ذاته، انضمت سانت فيسنت وغرانادين إلى ركب المتحركين نحو الانفصال عن التاج البريطاني. وهو ما صرّح به رئيس وزراء البلاد رالف غونسالفيس، في لقاء الاثنين مع شبكة "بي بي سي"، قائلاً: إن وجود ملك بريطاني رئيساً لبلاده هو "عبث" يود أن ينتهي في حياته.

وأضاف غونسالفيس، بأنه سيرحب باعتذار من الدولة البريطانية والنظام الملكي عن مظالم تاريخ الاستعمار البريطاني وتجارة الرق التي عانتها بلاده، مشيراً إلى اعتقاده بأن الملك تشارلز الثالث منفتح على الحديث عن التعويضات.

وفي سانت كيتس ونوفيس أيضاً، هناك عزم للحكومة في المضي قدماً نحو التحول إلى جمهورية، وهو ما كشف عنه رئيس وزراء البلاد تيرانس درو، في تصريحات أخيرة، معتبراً أن بلاده "ليست حرة تماماً" ما دام الملك تشارلز الثالث رئيساً لها. وأكد أن المشاورات العامة حول ما إذا كان يجب أن تصبح سانت كيتس ونوفيس جمهورية، ستبدأ خلال فترة ولايته.

TRT عربي
الأكثر تداولاً